قراءة في زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد إلى الإقليم الصومالي
عبد الله الفاتح
آخر تحديث: 18/04/2018
وقـائع الزيـارة:
أجـرى رئيـس الوزراء الإثيـوبي الجـديد الدكتـور أبـاي أحمـد علي، يـوم السبـت الـ7 أبريـل 2018م، زيـارة عمـل رسميـة أولى من نوعهـا إلى مدينـة “جكجكـا” عاصمـة الإقليـم الصـومالي بإثيـوبيا، على رأس وفـد حكـومي رفيـع المستـوى.
ورافـق الرئيـس في هـذه الزيـارة نائـب رئيـس الوزراء السيـد/ دمـق مكـونن، ورئيـس اللجنـة المركـزية لحـزب الجبهـة الديمقـراطية الثـورية للشعـوب الإثيـوبي الحـاكم، السيـد/ شيفـرو شـوقوطي، ووزيـر الخارجيـة السيـد/ ورقينـي قبيـو، ووزيـر الشـؤون الفيـدراليـة والتنميـة الرعـوية السيـد/ كبـدي شـاني ، ورئيـس إقليـم أوروميـا السيـد/ لمـا مغـرسا، بالإضـافة إلى مسـؤوليـن آخـرين.
هـذا وقـد حظيـت زيـارة رئيـس الوزراء والوفـد المرافـق له، بتـرحيب واسـع على المستـوى الرسمـي والشعبـي، حيـث كـان في استقبـاله لدى وصـوله إلى مطـار “ويل وال” بجكجكـا، رئيـس الإقليـم الصـومالي السيـد/ عبـدي محمـود عمـر، وكبـار مسـؤولي حكـومة الإقليـم، فضـلاً عن وزراء من الحكـومة الفيـدراليـة في مقـدمتهم، وزيـر النقـل والمواصـلات السيـد/ أحمـد شيـدي، ووزيـر العمـل السيـد/ عبـد الفتـاح شيـخ عبـد الله، والعـديد من كبـار المسـؤوليـن العسكـريين والأمنيـن إلى جانـب رجـال الديـن والقيـادات الأهليـة وحشـد كبيـر من المواطنيـن.
وعقـب انتهـاء مراسيـم الاستقبـال أجـرى رئيـس الوزراء والوفـد المرافـق له جـولة ميدانيـة استطـلاعية لمختلـف البرامـج والمشـاريع التنمـوية التي تـم إنشـاؤهـا في مدينـة جكجكـا حاضـرة الإقليـم، عـلاوة على مرافـق البنيـة التحتيـة الجـاري تنفيـذها.
وبعـدها توجـه الوفـد إلى قصـر “المجمـع الرئاسـي”، حيـث عقـد جلسـة مباحثـات مطـولة مـع رئيـس الإقليـم السيـد/ عبـدي محمـود عمـر، وكبـار المسؤوليـن السيـاسيـن والعسكـرين والأمنييـن في الإقليـم، بالإضـافة إلى رجـال الدين والقيـادات الأهليـة.
أجنـدة المباحثـات:
كمـا سبقت الإشـارة أعـلاه، فقـد استهـل رئيـس الوزراء والوفـد المرافـق له زيـارته لعاصمـة الإقليـم الصـومالي، بعقـد جلسـة مباحثـات مـع رئيـس الإقليـم عبـدي عمـر، وكبـار المسؤوليـن السيـاسيـن والعسكـرين ورجـال الدين والقيـادات الأهليـة في الإقليـم.
وطبقـاً للمصـادر، فقـد شهـدت المباحثـات استعـراضاً لمجمـل الأوضـاع السيـاسية والأمنيـة في البـلاد، كمـا تنـاولت أجنـدة المباحثـات مناقشـة العـديد من الملفـات الساخنـة وفي مقـدمتها النـزاع الحـدودي بيـن إقليمـي الصـومالي وأوروميـا وسبـل إيجـاد حـل عاجـل لها.
وفي بـداية الجلسـة أعـرب الدكتـور/ أبـاي أحمـد، عن أسفـه الشـديد للاشتباكـات التي انـدلعت على الحـدود بيـن الإقليميـن في سبتمـر 2017م، وتسببـت بسقـوط عشـرات القتـلى والجـرحى عـلاوة على نـزوح الآلاف من المواطنيـن، موضحـاً بأن هـذا النـزاع “الدمـوي” هو أمـر مخـالف كليـاً للقيـم والثقـافة الإثيـوبية ومخـز لتاريخنـا.
وقـد دعـا جميـع رجـال الديـن والقيـادات الأهليـة للعمـل معـاً من أجـل إيجـاد حـل عاجـل لجـذور وأسبـاب المشكلـة والتوصـل إلى تسـوية حقيقيـة تحفـظ التعايـش السلمـي والاستقـرار في المنطقـة، مؤكـداً أن الشعـوب والقوميـات الإثيـوبية تتمتـع بوجـود آليـات تقليـدية طويلـة الأمـد، لحـل النـزاعات الاجتماعيـة وإحـلال السـلام.
ويبـدو أن هـذه الزيـارة أفـرزت مؤشـرات ومعطيـات إيجـابية، تؤكـد بانفـراج قـريب لعـديد من الملفـات”الساخنـة” في البـلاد. ولعـل طليعـة هـذه المعطيـات الإيجـابية يتمثـل بنتـائج “المباحثـات التي جمعـت رئيـس الإقليـم الصـومالي السيـد/ عبـدي محمـود عمـر، ورئيـس إقليـم أوروميـا السيـد/ لمـا مغـرسا، إلى جـانب رئيـس الوزراء الدكتـور أبـاي أحمـد.
وأعطيـت المبـاحثات تفسيـرات وتحليـلات سيـاسية متنـوعة من قبـل وسـائل الإعـلام الرسميـة والمستقلـة، جلهـا ركـزت على الطابـع الودي والإيجـابي، خاصـة وأنهـا جـاءت بعـد طـول انقطـاع بيـن القيادتيـن منـذ أن تأزمـت العـلاقات بينهمـا في سبتمبـر عام 2017م.
ومن الملاحـظ أن هـذه المباحثـات تـركت مفاعيـل إيجابيـة واضحـة ليـست على خـط النقـاش لتطـويق مشكلـة النـزاع الحـدودي بيـن الإقليميـن.
ولأول تصـريح له عقـب المباحثـات، أعـرب حاكـم إقليـم أورزميـا السيـد/ لمـا مغـرسا، عن استعـداد حكـومة الإقليـم بتحمـل كافـة مسـؤولياتهـا لحـل جـذور المشكلـة وتداعيـاتها المختلفـة على كافـة المستـويات والأصعـدة، وفي الوقـت ذاتـه تعهـد على مسـاعدة المهجـرين والنـازحيـن وإعـادتهـم إلى مناطقهـم وقـراهم بشكـل فـوري.
وبـدوره قـال رئيـس الإقليـم الصـومالي السيـد/ عبـدي محمـود عمـر: “إن هـذا الصـراع هـو أمـر مخـز ومؤسـف لعـدم تمكننـا من حلـه في الوقـت المناسـب، مؤكـداً استعـداد حكـومته لاستعـادة السـلام والتعايـش بيـن الشعبيـن الشقيقيـن.
نتـائج الزيـارة:
فيمـا أجمعـت الأوسـاط السيـاسية والشعبيـة الإثيـوبية، على أن زيـارة رئيـس الوزراء الجـديد للإقليـم، تظهـر جليـاً استعـداده التـام لحـل مشلكـة النـزاع الحـدود بيـن بيـن الإقليـمين المذكـورين.
حيـث يـرى الكثيـر من المراقبيـن، أن مباحثـات رئيـس الوزراء مـع قيـادة الإقليميـن، قـد كرسـت ورسخـت مبـدء المصالـحة والمصارحـة بيـن الطـرفيـن، ممـا أشـاع أجـواء انفـراج واسترخـاء في المنطقـة وذلك بعـد أشهـر عديـدة من التوتـر والقلـق.
وأعتقـد جازمـاً بأن الوقـت ما زال مبكـراً للحـديث عن نجـاح زيـارة رئيـس الوزراء في حـل الملفـات السيـاسية والأمنيـة والاجتمـاعية في المنطقـة، لأن الترجمـة العمليـة لنتـائج الزيـارة هي التي ستحكـم بنجـاحها أو فشلهـا.
ولا شـك أن مهمـة رئيـس الوزراء ستـواجه عقبـات وصعـوبات حقيقيـة، على ضـوء المعلـومات التي تتحـدث عـن وجـود مسـاع خفيـة لإفشـاله، حيـث يتهـم رئيـس هئيـة الأركـان المشتـركة للقـوات المسلحـة الإثيـوبية، الجنـرال سـامورا يونـس، بالوقـوف وراء الأعمـال العنـف التي شهـدتها المناطـق الحـدودية بيـن الإقليميـن.
وهـذا السيـاق حـذر كـل من حـزب “جبهـة تحـرير العفـر” (ALFP) وحـزب “جبهـة تحـرير أوروميـا” (O LF) خـلال بيـان مشتـرك أصـدرا مؤخـراً، من مغبـة المخطـط الشـرير التي تديـرها قيـادات جبهـة تحـرير التغـراي (TPLF) لتأجيـج الفتنـة بيـن القـوميتيـن العفـر والأورومـو، بهـدف البقـاء على السلطـة.
وقـد طالـب البيـان المجتمـع الدولي بممارسـة الضغـط على جبهـة (TPLF) لعـدم تكـرار الصـراعات الدمـوية وإيجـاد حـل شـامل من أجـل الشعـوب.