غموض يكتنف مستقبل السياسة الصومالية بعد فشل مؤتمر غروي التشاوري
الصومال الجديد
آخر تحديث: 13/05/2019
انتهى مؤتمر غروي التشاوري الذي شارك فيه رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو ورئيس الوزراء حسن علي خيري ورؤساء ولايات بونتلاند وغلمدغ وجوبالاند وهيرشبيلي وجنوب غرب الصومال ومحافظ إقليم بنادر في الفترة 5- 10 مايو 2019 بالفشل، ولم تقدر القيادة الصومالية على المستويين الفيدرالي والإقليمي على التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا المتعلقة بالانتخابات وإعادة صياغة الدستور وتوزيع الثروات وغيرها، فبعد أيام من المناقشات الحادة والصعبة فوجئ الصوماليون الذين كانوا يتابعون المؤتمر الذي استضافته ولاية بونتلاند باهتمام بمغادرة الزعماء الذين شاركوا فيه مدينة غروي واحدا تلو الآخر دون إصدار بيان ختامي للمؤتمر لأول مرة في تاريخ المؤتمرات التي شاركت فيها القيادات الصومالية ناهيك عن الاتفاق على القضايا الشائكة.
اختارت قيادة الحكومة الفيدرالية السكوت وعدم التعليق على المؤتمر والأسباب التي أدت إلى فشله لكن بعض رؤساء الولايات الإقليمية كانوا واضحين في شرح الأمور التي أدت إلى فشل مؤتمر غروي التشاوري، فقد أشار رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام “مدوبي” إلى أنه لم تكن لدى قيادة الحكومة الفيدرالية رؤية حول القضايا التي كانت مطروحة للنقاش وإنما جاءت إلى غروي وكأن الهدف هو بعث رسالة إلى المجتمع الدولي بأن المؤتمر انعقد وأن المشاركين توصلوا إلى كذا وكذا، وأضاف أن الكارثة كانت عدم قدرة قيادة الحكومة الفيدرالية على اتخاذ قرارات في شأن القضايا المصيرية التي كان المشاركون يناقشونها، وذكر مدوبي أنهم كلما أثيرت قضية يقولون نرجع إلى التشاور، متسائلا عمن يتشارون معه إذا كان الرئيس ورئيس الوزراء من بين المشاركين، وأوضح مدوبي أنهم أصبحوا لا يعرفون فعلا من يحكم البلاد.
وانتقد رئيس ولاية جوبالاند معالجة قيادة الحكومة الفيدرالية للأمور واستغرب عندما طالبوا من رؤساء الولايات الإقليمية تقديم ملاحظاتهم على القوانين المثيرة للجدل والتي تعتزم الحكومة طرحها إلى البرلمان الفيدرالي وكأنهم نواب في البرلمان ! وأشار إلى أنه لا يحق لعدة أشخاص الاستئثار بالقضايا المصيرية في البلاد، موضحا أن الواجب على الحكومة الفيدرالية أن تتشاور في تلك القضايا مع رؤساء الولايات الإقليمية وزعماء الأحزاب السياسية وغيرهم من أصحاب المصلحة، مشيرا إلى أن مؤتمر غروي انتهى بالفشل وأن المشاركين لم يستطيعوا تحديد موعد آخر لاستئناف المناقشات.
أما رئيس ولاية غلمدغ أحمد دعالي حاف فقد أوضح أن ولايته بذلت جهودا كبيرة في إنجاح المؤتمر لكنه اتهم الحكومة الفيدرالية باتخاذ خطوات لتقويض المؤتمر وأجندته، وأشار إلى أن الحكومة رفضت احترام الاتفاقية التي توصلت إليها ولايته مع تنظيم أهل السنة والجماعة لإنهاء الانقاسامات داخل الولاية والتي كانت الحكومة من الجهات التي وقعت عليها، مضيفا أن الحكومة الفيدرالية ما تزال ماضية في تدخلاتها في شئون ولايته وولاية جوبالاند، وذكر حاف أنه اتضح لديه أن الحكومة الصومالية لا ترغب في التعاون مع الولايات الإقليمية للتوصل إلى اتفاقيات بشأن القضايا المصيرية الأمر الذي يساهم في إنجاح مسيرة بناء الدولة الصومالية، وألمح إلى عزمه بدء مشاورات مع الشركاء السياسيين لعقد مؤتر وطني لإنقاذ البلاد.
ويبدو أن الغموض يكتنف مستقبل السياسة الصومالية بعد فشل صناع القرار في التوصل إلى اتفاقيات حول القضايا المهمة لدفع العملية السياسية إلى الأمام فلا أحد يعرف كيف يكون نموذج الانتخابات القادمة مع بقاء أقل من عامين من ولاية الحكومة الفيدرالية، كما أن هناك صعوبة في إحراز تقدم في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد في ظل استمرار الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات الإقليمية، وقد أصاب فشل مؤتمر غروي التشاوري الشارع الصومالي بالإحباط.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف يمكن كسر الجمود السياسي في البلاد بعد فشل مؤتمر غروي ووصول الخلافات بين الأطراف الصومالية إلى طريق مسدود؟ الإجابة واضحة وهي أن الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي الذي يقدم الدعم السياسي والأمني للنظام الصومالي الهش، ومعروف أن عقد مؤتمر غروي التشاوري لم يكن فكرة للزعماء السياسيين الصوماليين وإنما عقدوا المؤتمر بضغط من المجتمع الدولي الذي بدأ الآن التحرك للبحث عن حلول للخلافات القائمة بينهم، فقد أفادت مصادر بان نائب مبعوث الأمم المتحدة إلى الصومال وسفيري الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة التقوا امس الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو في مطار مقديشو بعد عودته من مؤتمر غروي كما يتوقع أن يلتقوا مع بعض رؤساء الولايات الإقليمية في العاصمة الكينية نيروبي، ويحاول المجتمع الدولي الحيلولة دون انهيار العملية السياسية في الصومال وعودة البلاد إلى المربع الأول في ظل تعنت القيادة الصومالية وفشلها في تقديم تنازلات والتوصل إلى حل وسط يخدم مصلحة الصومال.