عين على ولاية جوبا لاند
الصومال الجديد
آخر تحديث: 15/08/2018
لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 42
الموقع والتعداد السكاني:
تقع ولاية جوبا لاند في القسم الجنوبي من الصومال، يحدها من جميع الجهات كل من كينيا وإثيوبيا وولاية جنوب غرب الصومال والمحيط الهندي، و هي ” منطقة تتمتع بحكم ذاتي في جنوب الصومال، يُقدر إجمالي سكانها 1.3 مليون نسمة. وفي عام 2005، كان عدد سكان المناطق الإدارية في غَدُو، جوبا السفلى، وجوبا الوسطى 690.000، و 400.000 و240.000 نسمة، على الترتيب.
أما إجمالي مساحة أرض جوبا فيصلُ إلى 87.000 كم². والمدينة الرئيسية بها مدينة كيسمايو، والتي تقع على الساحل بالقرب من مصب نهر جوبا. ومن المدن الرئيسية الأخرى في المنطقة بارديرا،أفماداو، Bu’aale وBeled Haawo
تم تأسيس الولاية بعد ولاية بونت لاند؛ لذلك تصبح ثاني ولاية تأسست ضمن النظام الفيدرالي الذي تبنته البلاد عام 2004، ويذكر أن كينيا لعبت دورا لا يستهان به في تكوين هذا النظام لتأمين أمنها، وحماية مناطقها، وتحقيق أطماعها التوسعية، ومصالحها الاقتصادية؛ إذ توغلت جيوشها في عمق الأراضي الصومالية تحت ذرائع جمة، ضمن حلمها بمشروع ما أطلق عليه ” آزانيا ” الذي يضم ثلاثة أقاليم ( غَدُو، وجوبا الوسطى، وجوبا السفلى) برعاية منها وتنفيذ مسؤولين صوماليين.
وبعد فشل السياسيين الذين كانوا يحلمون فكرة تأسيس ولاية ” آزانيا” استغل الفرصة رئيس الولاية الحالي أحمد مدُوبى ، وبدأ يستعد لخوض معارك مع حركة الشباب التي أخرجته من مدينة كسمايو التاريخية؛ لكنه عاد إليها بمساندة كينية، وبتفوق في العدة والعتاد، واستطاع الاستيلاء على عاصمة إقليم جوبا السفلى، ومن بعدها عقد مؤتمر المصالحة بين سكان المدينة، وتمخض من ذاك المؤتمر تأسيس ولاية جوبا لاند.
على الرغم من أن ولاية جوبا لاند خرجت من رحم تخطيط كيني أحادي الجانب؛ إلا أنها تحظى الآن باعتراف حكومي ودولي، وهي جزء لا يتجزأ من الولايات التابعة للحكومة الاتحادية.
مراحل النشأة والتطور
مرت الولاية بمراحل مختلفة بسبب طبيعة مناطقها؛ حيث إن كبريات مدنها مثل مدينة كسمايو الساحلية قد شهدت أواخر فصول الحروب الطاحنة التي دارت بين النظام السابق برئاسة سياد برى والجبهات التي أطاحت الحكومة بزعامة العقيد الراحل محمد عيديد، مما أدى إلى نزوح آلاف من سكان تلك المناطق إلى الدولة المجاورة كينيا ، وبذلك تكونت أيضا مخيمات اللاجئين المشهورة في كينيا مثل مخيم دداب، ومخيم إفُو.
كما استضافت تلك المناطق أيضا تحركات عناصر من القاعدة، واحتضنت حركات جهادية منذ وقت مبكر إثر إطاحة حكومة سياد برى؛ لأهمية المناطق الجنوبية عموما، وبالأخص الغابات الاستوائية في المنطقة مثل غابات رأسكمبوني الإستراتيجية، ووصلت الحركات الجهادية إلى تلك المناطق في مراحل متعددة، إلى أن أصبح أبرز قيادييها جزءا من المحاكم الإسلامية؛ حيث وصل القيادي البارز الراحل الشيخ حسن تركي إلى مقديشو، وانضم إلى المحاكم الإسلامية، كما أصبحت مجموعته جزءا مما كان يعرف بالحزب الإسلامي. جدير بالذكر أن الحزب الإسلامي خاض معارك طاحنة مع حركة الشباب، ومالت كفة الغلبة إلى الحركة، وتحولت الاشتباكات المسلحة بينه وبين الحركة بقيادة “أحمد محمد مذوبي” إلى حروب طاحنة تورطت بها كينيا؛ حيث وقفت مع “مذوبي” مما مثَّل طعنة في خاصرة “الشباب”
ففي عام 2011 اجتاحت وحدات من جيش الدفاع الكيني الحدود مع مليشيات الجهادي السابق والمناهض للشباب “أحمد محمد مذوبي” تحت إطار الدفاع عن الأمن الكيني القومي”، واستولوا على مناطق شاسعة من بينها كسمايو حاضرة جوبا السفلى، وعاصمة ولاية جوبا لاند فيما بعد.
أهم مدن ومحافظات الولاية
تتكون ولاية جوبا لاند من ثلاث محافظات، وهي: محافظة غَدُو، و محافظة جوبا السفلى، و محافظة جوبا الوسطى.
1. محافظة غَدُو
تمثل محافظة غدو همزة الوصل لدول الثلاثة – الصومال، كينيا، وإثيوبيا- وتقع في المثلث الحدودي بين تلك الثلاثة؛ لذلك تشكل للصومال عموما وللولاية خصوصا منطقة إستراتيجية ومعبرا بريا يسهِّل التبادل التجاري بين البلدان المذكورة آنفا.
ومن أهمية هذه المنطقة أيضا أنها منطقة زراعية؛ حيث يمر فيها نهر جوبا، أكبر نهر في الصومال؛ لذلك تمثل محافظة غدو رقما صعبا فيما يتعلق بالثروات المختلفة، الزراعية والحيوانية.
يزرع سكان المحافظة أنواع الحبوب مثل: الذرة، والفول، والسمسم، والخضروات مثل: البطاطا الحلوة، والفواكه مثل: الموز، والمانجو، وعيرها، كما يعتني سكانها كغيرها من الشعب الصومالي بتربية المواشي من الإبل والأبقار والماعز.
ومن أهم مدن هذه المحافظة، مدينة بَلَدْ حواء الحدودية، ومدينة بارطيري، وجَرْبَهاري، وبُورْطُوبي، و لُوقْ، ومدينة دُولَو المتاخمة للحدود.
2. محافظة جوبا الوسطى
تقع محافظة جوبا الوسطى بين محافظتي غذو وجوبا السفلى وشبيلي السفلى، وتشتهر المحافظة بالزراعة، وتربية المواشي بسبب ووفرة مياهها وخصوبة تربتها.
ولأهمية هذه المنطقة أعطتها الحكومات السابقة أولوية خاصة، وأقامت فيها مشاريع لتطوير قطاع الزراعة وقطاع الثروة الحيوانية. ومن أهم تلك المشاريع، مشروع زراعة الأرز «فانولي» وقد كان هذا المشروع ضمن المرحلة الأولى من خطة تنمية منطقة جوبا التي بدأت في 1972-1973، وشملت: إنشاء سد تحويل ، وتوليد الكهرباء المائية (5000 كيلو واط) ، وفتح قناة طولها 52 كم، بالإضافة إلى إنشاء مزرعة حكومية تغطي 8199 هكتار(3).
وكان هناك أيضا مشروع سُمِّي بمشروع مغابو. بدأت المرحلة الأولى من المشروع في نوفمبر 1982، وكان يهدف إلى تطوير حوالي 2،052 هكتار من الأرز ، و163 هكتار من محصول القطن المروي بالرش ابتداء من مطلع عام 1986(4).
تصنف محافظة جوبا الوسطى من المحافظات الغنية بالزراعة، وتربية المواشي، ومن أهم مدن المحافظة ، مدينة ساكَو، وجِلِبْ ومنطقة دجوما ومدن أخرى خصبة، وذات أبعاد مختلفة.
3. محافظة جوبا السفلى
تقع محافظة جوبا السفلى في أقصى جنوب البلاد، وعاصمتها كسمايو. وتعتبر المحافظة محافظة إدارية بشكل مؤقت بالنسبة إلى الولاية؛ حيث تقع فيها عاصمة الولاية المؤقتة؛ حيث إن العاصمة الرسمية للولاية مدينة بؤالي في محافظة جوبا السفلى كما هو المنصوص عليه في دستور الولاية. وتمثل محافظة جوبا السفلى للولاية أيضا منفذا بحريا مهما؛ إذ توجد فيها الميناء الاستراتيجي في كسمايو، والذي يغطي حيزا كبيرا من احتياجات كثيرة من سكان تلك الولاية، بالإضافة إلى سكان منطقة شمال الشرق في كينيا.
ومن أهم مدن المحافظة ( جوبا السفلى) كسمايو، وأفْمَدَو، وجَمَامِى، وهُوسِنْغَو، ومدينة بطاطى.
المناطق الحيوية في الولاية
1. ميناء كسمايو
رغم أن منطقتين من المناطق الثلاثة التي تتكون منها ولاية جوبا لاند يطلان على المحيط الهندي؛ إلا أنه لا يوجد فيهما إلا ميناء استراتيجي واحد، وهو ميناء كسمايو.
ويحتل محليا ميناء كسمايو المرتبة الثانية من حيث الاستيعاب والاستخدام بعد ميناء مقديشو العاصمة بالنسبة إلى الموانئ الصومالية الواقعة على المحيط، وهو من الموانئ الأربعة الرئيسية على مستوى الصومال القادرة على العمل طوال العام ( ميناء مقديشو، ميناء بربرة، ميناء بوصاصو، وميناء كسمايو).
لقد مر ميناء كسمايو بمراحل مختلفة منذ بنائه، عام 1964 بتمويل من الولايات المتحدة، ليكون قاعدة للبحرية الصومالية. وبعد الانقلاب العسكري في الصومال عام 1969 اتخذت القوات البحرية السوفيتية المنتشرة آنذاك في عدد من المناطق الصومالية المطار قاعدة لها. وفي عام 1984 قامت الولايات المتحدة بتجديد الميناء بموجب اتفاق بين الصومال والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وبعد انهيار الحكومة المركزية الصومالية تعرض الميناء كغيره من المرافق الحكومية لإهمال كبير باستثناء بعض الاستخدامات الفردية، واحتضن في غالبه تصدير الفحم الغير الشرعي إلى دول الخليج، واستيراد البضائع المحدودة عبره.
2. نهر جوبا
يمر نهر جوبا بثلاثة أقاليم -غدو، وجوبا السّفلى، وجوبا الوسطى، ويصل طوله في الأرضي الصّومالية نحو 580 كلم. وتعتبر المناطق التي يمر بها النّهران ( جوبا و شبيلي ) من أغنى المناطق الصّومالية من حيث الأراضي الزّراعيّة.
المناخ السياسي وتأثير دول الجوار في الولاية
شهد المناخ السياسي في الولاية توترا لافتا بين أطراف عدة، بين أمراء حرب سابقين مثل بري هيرالي و جنرال مُورْغَنْ تارة، وبين الجماعات الإسلامية والجبهات التي أطاحت حكومة سياد برى تارة أخرى، كما تصارعت فيها أيضا مليشيات الحزب الإسلامي وحركة الشباب، وأصبحت أيضا حلبة صراع بين حركة الشباب ومليشيات يقودها رئيس الولاية الحالي أحمد مدوبى بدعم من القوات الكينية، كما تصادمت مليشيات كل من بري هيرالي، وأحمد مدوبى في فترات لاحقة.
وعند بداية تأسيس النظام الحالي دارت خلافات بين أحمد مدوبى وبين الحكومة الفيدرالية في عهد الرئيس السابق حسن شيخ محمود، لكنه في النهاية أُبرم في مدينة أديس أبابا عاصمة إثيوبيا اتفاقية تنص على تأسيس نظام مؤقت لمدة عامين، وذلك في شهر أغسطس من عام 2013م.
وبشكل عام فإن المناخ السياسي متوتر، والمتصارعون على سدة الحكم نهمون، ولديهم من الفرص ما يتيح للصراع أن يطول، فالأيادي الخارجية تتقاطع حفاظا على مصالحها المتناطحة، والمتضاربة، وذلك جراء السياسة المحلية الهشة، وبسبب طمع السياسيين المفرط في الوصول الى منصة الحكم بجميع الوسائل الممكنة.
والآن وبعد تكوين نظام إداري للمنطقة، تابع للحكومة الفيدرالية، يحاول القائمون عليه الحفاظ عليه مهما كلف الأمر، وقائمة الانتظار تعج بالعشرات، والعرش واحد.
الثروات الاقتصادية في الولاية
الولاية غنية بمصادر دخل مهمة لم تستغل منها إلا القليل منها كغيرها من المناطق الصومالية الأخرى، وهذه المصادر تمثل الثروات المختلفة الزراعية والحيوانية والسمكية، بالإضافة إلى الثروات الباطنية.
أولا: الثروة السمكية
الثروة السمكية من الثروات التي يمتاز بها الصومال عن كثير من بلدان العالم؛ حيث يتمتع بأطول حدود بحري في القارة السمراء، ويمتد ما بين الحدود الصومالي الكيني والحدود الصومالي الجيبوتي، وتقدر مساحة الساحل الصومالي ب 3025 كلم، وولاية جوبا لاند من الولاية الساحلية، وتطل محافظتا جوبا السفلى والوسطى على المحيط الهندي، لذلك فالولاية لديها من الثروة السمكية ما يكفي لتلبية احتياجات السوق المحلي، ويصلح للتصدير إلى خارج البلاد.
ثانيا: الثروة الحيوانية
القطاع الحيواني في ولاية جوبا لاند يمكن أن يلعب الدور الأبرز في ميزانية الحكومة الفيدرالية والإقليمية إذا تم الاعتناء به بشكل لائق، وذلك بالمقارنة مع القطاعات الأخرى، ويهتم سكان تلك المناطق بتربية المواشي.
و”تعتبر من أكثر المناطق التي تتوفر فيها الأبقار، كما تنتشر فيها مجموعات كبيرة من الجمال والأغنام والماعز التي يمكن أن تلعب دورا في تنمية اقتصاد منطقة جوبا لاند كونها تحتل المركز الأول في قائمة صادرات الصومال، وتوفير فرص عمل لعدد كبير من سكان المنطقة الذين يعانون من البطالة بنسبة عالية ”
وتقول بعض الدراسات الحديثة والقديمة إن أفضل الأبقار الصومالية تنتشر على ضفاف نهري جوبا وشبيلي، وتوجد في جوبا لاند اثنان من أجود سلالات البقر، وهما: سلالة وارا، وهي ذات وبر ناعم وحجم كبير ولبن غزير في فترة الأمطار، وتنتشر في منطقة جوبا الوسطى وغذو، وسلالة يوران، وحجمها كبير ولبنها غزير في فترة الأمطار، وتنتشر في منطقة جوبا السفلى ”
الثروة الحيوانية هي التي ارتبط اسم الصومال بها قديما، وحديثا. فعلاقة الصومال بالمواشي تتعدى كونها علاقة إنسان بحيوان إلى كونها علاقة صديق بصديقه، من أجله يكابد، ولأجله يكافح؛ حتى أصبح مصدر رزق لكثير منهم، وجزء من صادرات الوطن.
ثالثا: الثروة الزراعية
على الرغم من أن غالبية الأراضي الصومالية صالحة للزراعة باستثناء أجزاء صحراوية، إلا أن مناطق جوبالاند تمتاز بالزراعة وتربية المواشي أكثر من غيرها من المناطق بصفتها منطقة استوائية تهطل فيها الأمطار بغزارة، بسبب الرياح القادمة من المحيط.
“وتصل الأمطار إلى 500مم، ومن المعروف أن الزراعة لا توجد إلا حيث تبلغ كمية المتساقط السنوي في متوسط 300 مم”
يعتمد المزارع في منطقة جوبا لاند على الأمطار والري الصناعي، وخصوصا في مرجريتا (جمامي) وجِلِبْ، وتُزرع غالبا في هذه المناطق الذرة والسمسم والفول السوداني. وفي المناطق الزراعية التي تعتمد عادة على الري تُزرع فيها الموز والبرتغال والخضروات والفاكهة ”
رابعا: الثروات الطبيعية
لاشك أن بعضا من المناطق الصومالية عائمة على كنز كبير من الثروة الباطنية مثل النفط والغاز. “وتزخر الصومال ككل بالغاز الطبيعي والنفط، حسب شهادات شركات نفطية عالمية، والتي توصلت بعد عمليات كشف وتنقيب للبترول إلى أن هذه الدولة الإفريقية غنية بهذه الموارد البترولية. وتعاقدت شركات بترول عالمية مع حكومة الصومال، مثل شركة «جاكا ريسورز» الأسترالية، وهي شركة نفطية تملك استثمارات بترولية في أستراليا ونيجيريا وتونس، والتي أعلنت في الثاني من أبريل (نيسان) لعام 2012 أنها وقّعت اتفاقًا مع شركة «بتروسوما» الصومالية يقضي بحيازة الأولى 50% من حصة الثانية في القطاع النفطي.”
وأيضا تتحدث بعض المعلومات بوجود كمية هائلة من اليورانيوم في بعض المناطق، لكن المؤكد حاليا أن في سواحل ولاية جوبا لاند حقول زيت، مما أسفر إلى أن تقدم الدولة الكينية بأن تكثف جهودها للحصول على النصيب الأوفر من الكعكة الصومالية؛ حيث “طلبت من شركات دولية عاملة في مجال التنقيب العمل بتنقيب مناطق تقع ضمن الحدود البحرية في المياه الصومالية، بعد أن غيرت مسار خط الحدود البحرية من جانب واحد خلافا للخط الحدودي البري بين البلدين، علما بأن الحدود البحرية هي امتداد طبيعي للحدود البرية. وبدأت تلك الشركات العمل إلا أنها توقفت من عمليات التنقيب بعد بيان صادر من الحكومة الصومالية، ما عدا شركة “إي أن آي” الإيطالية التي رفضت وقف عمليات التنقيب، وذلك في عام 2012.”