عملية بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال.. الانجازات والإخفاقات
الصومال الجديد
آخر تحديث: 3/03/2016
استضافت جيبوتي يوم الإثنين 28/فبراير/ 2016 قمة خاصة لرؤساء الدول المساهمة بقوات في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال لمناقشة دور القوات الأفريقية في الصومال والإنجازات التي حققتها والعقبات أمام تحقيق أهدافها طيلة السنوات التسع الماضية منذ نشر اول كتيبة عسكرية من القوات الأفريقية في الصومال.
إنجازات بعثة الاتحاد الأفريقي
حققت قوات الاتحاد الأفريقي والقوات الصومالية المتحالفة معها انتصارات عسكرية كبيرة في عام 2011؛ حيث نجحت القوات المذكورة في ذلك الوقت في طرد حركة الشباب من العاصمة مقديشو بشكل كامل، الأمر الذي مكن غالبية سكان العاصمة من العودة إلى منازلهم بعد سنوات من النزوح. كما كانت لتلك الانتصارات آثار إيجابية في الساحة السياسية؛ حيث عقدت في العاصمة مقديشو في عام 2012 الماضي فعاليات تشكيل البرلمان الحالي، كما أجريت فيها الانتخابات الرئاسية التي تم خلالها انتخاب حسن شيخ محمود رئيسا للصومال.
وبعد مرور أربع سنوات من طرد حركة الشباب من العاصمة مقديشو فإن القوات الأفريقية –التي يصرف المجتمع الدولي في عملياتها نفقات باهظة- لم تتمكن من تحرير أقاليم البلاد بالكامل من قبضة حركة الشباب؛ وهو أحد الأسباب التي أدت إلى فشل إجراء انتخابات عامة في البلاد في عام 2016 والانتقال إلى نموذج انتخابي بديل أثار جدلا كبيرا بين الحكومة وبعض الولايات الفيدرالية.
على الرغم من سقوط مدن استراتيجية مثل كيسمايو ومركا وبراوه وجوهر وبلدوين وبيدوا في يد الحكومة وحلفائها، إلا أن حركة الشباب لا تزال تسيطر على مناطق شاسعة في وسط وجنوب البلاد، ومنها إقليم جوبا الوسطى الذي تديره الحركة بشكل كامل، مما يشكل تحديا على تنقلات القوات الأفريقية بين المدن الخاضعة لسيطرتها، بسبب الكمائن التي ينصبها مسلحو حركة الشباب لقوافل القوات الأفريقية والصومالية بين هذه المدن.
تراجع القوات الأفريقية
شهدت عمليات قوات الاتحاد الأفريقي تراجعا ملحوظا في الفترات الأخيرة؛ حيث يمكن القول بأن العمليات العسكرية للقوات الأفريقية ضد حركة الشباب قد توقفت بالفعل في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى بدء حركة الشباب شن هجمات مخطط لها وعنيفة على المعاقل العسكرية للقوات الأفريقية في مناطق بجنوب الصومال، وآخر هذه الهجمات استهدف قاعدة عيل عدي العسكرية،؛ وأسفر عن مصرع العشرات من الجنود الكينيين. وخسرت القوات الأفريقية بسبب هجمات حركة الشباب العديد من قواعدها العسكرية في جنوب الصومال ومئآت من أفرادها، مما انعكس سلبا على معنويات جنودها.
تراجع القوات الأفريقية في الفترة الأخيرة يشكل تهديدا على المكاسب الأمنية التي حققتها طيلة السنوات الماضية، وقد بدا جليا تأثير ذلك التراجع حيث منح فرصة لمقاتلي الشباب في تصعيد هجماتهم على العاصمة ومناطق أخرى في البلاد.
وأشارت دراسة أعدها معهد هريتيج الى توقعها فشل القوات الافريقية بمهامها في المستقبل القريب، وأظهرت الدراسة أن القوات الأفريقية لم تحدث منذ نشرها في الصومال تغييرات تذكر على الأرض، مشيرة إلى أن أكبر دلالات فشل القوات الأفريقية هو فشلها في إعادة بناء جيش صومالي قادر على تولي المهام الأمنية بعد انسحابها من البلاد.
ومن جهة أخرى أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) دراسة يشير فيها إلى أن عدد وفيات عناصر القوات الأفريقية في الصومال منذ عام 2007 يصل إلى 1,100 جنديا، وأكدت الدراسة أن هذا العدد لا يشمل الجنود الذين توفوا لأسباب خارجة عن الحروب، كما لم يشمل الجنود الكينيين الذين قتلوا في إقليم جدو بولاية جوبا منتصف يناير الماضي.
ويرجع بعض المراقبين فشل القوات الأفريقية إلى غياب التنسيق والتعاون بين قيادات القوات المتعددة الجيسيات ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي؛ فضلا عن العلاقات والتعاون بين القوات الصومالية والقوات الأفريقية، بحيث كانت القمة المنعقدة في جيبوتي تركز على كسر الحواجز بين القوات الأفريقية المتعددة الجنيسيات وكذلك بين القوات الأفريقية والقوات الصومالية.
البديل المناسب
انطلاقا من المعلومات الواردة في دراسة معهد هريتيج وتوقعها فشل القوات الأفريقية في الصومال يجب التساؤل هل هناك قوات يمكن أن تكون بديلة عن القوات الأفريقية وتحل محلها للقيام بالمهام الأمنية قبل وصول الأمر إلى طريق مسدود؟.
ولاشك أن أفضل علاج للأزمة الأمنية في الصومال هو بذل الجهود من أجل إعادة بناء جيش صومالي محترف يتم اختيار عناصره بعيدا عن القبلية والحركية لتفادي استحواذ قبيلة أو حركة معينة على الجيش والاستئثار بشئونه في المستقبل. كما يجب التركيز على رفع قدراته العسكرية وتجهيزه بالمعدات العسكرية وتقديم كل التسهيلات اللازمة له، وحال توفر هذه المتطلبات فإن الجيش الصومالي سيكون البديل المناسب عن القوات الأفريقية، وسيتمكن من إرساء الأمن في ربوع البلاد بل وسيكون له دور في حل الأزمات الأفريقية الأخرى، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه في الساحة هو هل المجتمع الدولي جاد في إعادة بناء الجيش الصومالي لاعتماد الصومال على قواته؟ والجواب أن ذلك أمر غير مرحب به من قبل بعض دول الإقليم التي تخشى من تعافي الصومال من محنته وتكوينه جيشا قويا. وقد اتهم رئيس ولاية جوبا أحمد مدوبي المجتمع الدولي بالتلكؤ عن إعادة بناء الجيش الصومالي.
وعلى الرغم من أن القمة الجيبوتية تمخضت عن قرارات عدة حول عمل بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، ومنها توسيع العمليات العسكرية ضد حركة الشباب إلا أن السؤال القائم هو هل سيتم تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع، أم أنها ستبقى مجرد حبر على ورق بسبب وجود مصلحة خاصة لكل دولة من الدول الإقليمية المساهمة في بعثة الاتحاد الأمر الذي سيجعل من الصعب توحيد الأهداف؛ مما يؤدي إلى فشل عملية بعثة الاتحاد الأفريقي في نهاية المطاف.