شبح "كورونا" يطارد الرياضيين ويعرقل البطولات في إفريقيا
صفاء عزب
آخر تحديث: 23/03/2020
القاهرة- بين عشية وضحاها استيقظ العالم على حالة من الرعب والهلع، وتوقفت حركة الحياة بعد أن أصيب كوكب الأرض كله بحالة من الشلل التام بسبب ذلك الكائن الدقيق الذي لا نراه بالعين المجردة والشهير باسم “كورونا”. لأول مرة في تاريخ الإنسان المعاصر يكون هناك مصدر رعب مشترك لكل البشرية لا فرق بين عالم متقدم وآخر نام أو دول غنية وأخرى فقيرة، فالكل سواء في مواجهة نفس الخطر “وباء كورونا”، وأصبح الجميع في حالة سباق مع الزمن لمحاصرة هذا الوباء كما تتبارى الأمم في شتى بقاع الأرض في اتخاذ التدابير والإحتياطات اللازمة لتجنب انتشار العدوى، مما اضطرهم لوقف معظم الأنشطة البشرية. ويعد النشاط الرياضي على رأس تلك المجالات التي تأثرت بشكل عنيف بفيروس كورونا، وانتشرت أخبار متواترة من أكبر أندية العالم وأشهرها وأكثرها زخما بالنجوم العالميين، بتأجيل النشاط الرياضي أو تجميده حتى إشعار آخر. وبدت القارة الأوروبية أول من اعتمد مبدأ تجميد النشاط الرياضي وإبقاف الدوريات العالمية هناك، مما أصاب أندية كبرى بالخسارة والإحباط بعد أن حرمهم “كورونا” من استمرار تألقهم بعد اقترابهم الشديد من تحقيق الإنجاز الكبير، منهم انتر ميلان الإيطالي، وليفربول الإنجليزي، وريال مدريد وبرشلونة الإسبانيان.
وقد امتد هذا الوضع المأساوي للرياضة بالقارة السمراء التي طالها الفيروس الخطير وأصاب عددا كبيرا من شعوب بلدانها، بعد أن ظلت آمنة وخالية من الإصابات لبعض الوقت بشكل أثار ارتياح الأفارقة وطمأنتهم بأنهم بعيدون عن خطر كورونا، حتى صدموا بالأمر الواقع الذي جاء خلاف هذا الإعتقاد. فقد اخترق “كورونا” ما يقرب من 40 دولة إفريقية بما يهدد بكوارث صحية خطيرة في حالة استمرار التجمعات البشرية ومنها الأنشطة الرياضية، سيما مع تدني مستويات الرعاية الصحية وضعف الإمكانيات الطبية في تلك الدول. وسارعت كل الدول الإفريقية التي ظهرت فيها حالات إصابة بالعدوى إلى اتخاذ التدابير والإجراءات الإحترازية ما بين إغلاق للحدود وفرض حجر على السكان وغلق جزئي للأماكن العامة والمطارات، وهو ما بدا واضحا في رواندا ونيجيريا وساحل العاج وبوركينا فاسو والكونغو الديمقراطية والكونغو برازافيل. وفي هذا الإطار اتخذت اتحادات رياضية إفريقية قراراتها بوقف النشاط الرياضي وتأجيل الدوريات للحفاظ على حياة شعوبها. لقد قرر المجلس الأعلى للشباب والرياضة بالسودان إيقاف النشاط الرياضي بكافة أنواعه واتحاداته المختلفة لمدة شهر حتى شهر إبريل المقبل. كما قرر اتحاد جنوب إفريقيا لكرة القدم تأجيل الدوري في البلاد لمواجهة تفشي كورونا. كما بادرت دول من منطقة الشمال الإفريقي بالإعلان عن تأجيل أنشطتها الرياضية ضمن إجراءات السلامة الصحية، ومنها الجزائر التي أعلنت تأجيل كل الأنشطة الرياضية في البلاد حتى الخامس من إبريل المقبل، وسمحت فقط للرياضيين الذين يخوضون دورات مؤهلة إلى أوليمبياد طوكيو الصيف القادم. الأمر نفسه تكرر في تونس عندما أعلنت وزارة شؤون الشباب والرياضة التونسية عن تعليق الأنشطة الرياضية كافة، بما يشمل التدريبات والتدريبات الخاصة بكبار الرياضيين الذين يستعدون للألعاب الأولمبية و البارالمبية في طوكيو 2020 ويمتد ذلك حتى يوم 4 إبريل 2020.
وفي مصر قرر المسؤولون كذلك إيقاف النشاط الرياضي ولا زال الموقف غامضا بالنسبة للمباريات الخاصة بدوري أبطال إفريقيا والكونفيدرالية التي يشارك فيها أندية مصرية هي الأهلي والزمالك وبيراميدز والمصري. في الوقت الذي كشفت فيه مصادر بالإتحاد الإفريقي بأن مواجهات نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية ستقام فى مواعيدها، بينما تم تأجيل تصفيات كأس الأمم الإفريقية 2021 التي كانت مقررة هذا الشهر بسبب “كورونا”. وفي منطقة الشرق الإفريقي تشهد الأنشطة الرياضية نفس التوقف بعد تتابع ظهور حالات للإصابة بفيروس كورونا في دول المنطقة، ففي كينيا قررت السلطات غلق مقرات التدريب والأندية بشكل يهدد مستقبل نجوم ألعاب الكينيين الذين كانوا يستعدون لبطولة أوليمبياد طوكيو في يوليو المقبل. وجاء رد الإتحاد الكيني من خلال بيان رسمي بوجوب بقاء كل مقرات التدريب مغلقة حتى إشعار آخر، ونصح أبطال الرياضات بمواصلة التدريب بشكل فردي. كما سارت إثيوبيا على الدرب وأعلنت الحكومة الإثيوبية إغلاق كافة المؤسسات التي تشهد تجمعات بشرية وأولها المنتديات الرياضية بما فيها من أنشطة متنوعة. وانضمت الصومال مؤخرا للدول الإفريقية التي علقت أنشطتها الرياضية بعدما تم اكتشاف أول حالة مصابة بفيروس كورونا في العاصمة مقديشيو، وبناء عليه أعلنت وزارة الرياضة الصومالية تأجيل الدوري المحلي لمدة شهر. وتعد إريتريا هي أحدث دول القرن الإفريقي اكتشافا لحالات إصابة بفيروس كورونا ومن المتوقع اتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بالأنشطة الرياضية سيما بعد قرار الحكومة بحظر التجمعات العامة.
لاشك أن الوضع جد خطير حتى صارت الأنفاس محبوسة والقلوب معلقة بالسماء في انتظار رحمة الله لشعور الجميع بالعجز أمام هذا المخلوق الضعيف الذي استطاع أن يحدث حالة من الشلل أربكت العالم كله وعطلت مؤسساته العلمية والثقافية والفنية وكان من الطبيعي أن تتأثر الأنشطة الرياضية أيضا في مختلف أنحاء العالم ومنها القارة الإفريقية باعتبارها قطعة من كوكب الأرض الذي ضربه “فيروس كورونا”. ولا بد من التعامل مع الأمر بجدية وعدم التعجل في استئناف الأنشطة الرياضية مهما كانت الخسائر المادية لأن الحفاظ على حياة الإنسان أهم بكثير من أي خسائر أخرى يمكن تعويضها في مراحل تالية عندما يختفي الفيروس وتعود الحياة لطبيعتها، وهو ما يجعلنا ندعو أن يحدث قريبا بإذن الله.