سحب الثقة عن رئيس الوزراء … تحضير للانتخابات القادمة أم تمديد لفترة ولاية كل من الرئيس والبرلمان الصومالي؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 3/08/2020
في 25/يوليو/2020م، أقدم مجلس الشعب الصومالي على خطوة مثيرة للجدل، متمثلة بسحب الثقة عن رئيس الوزراء حسن علي خيري، وسط جوّ من الفوضى وانعدام النظام الّذي ساد قبة المجلس آنذاك، غير أن رئيس مجلس الشعب الصومالي محمد مرسل شيخ عبدالرحمن أعلن في تلك الجلسة سقوط حكومة حسن علي خيري بعد تصويت 170 عضوا من أعضاء المجلس لصالح مشروع قرار سحب الثقة عنها، وطالب مرسل في الوقت نفسه الرئيس محمد فرماجو بتعيين رئيس وزراء جديد في مدّة أقصاها 30 يوما، مهمته تشكيل حكومة جديدة توصل البلاد إلى مرحلة إجراء انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” وهو ما عجزت عن تحقيقه، في السنوات الثلاثة الماضية، الحكومة المعزولة برئاسة حسن خيري.
هذه الخطوة التي أقدم عليها مجلس الشعب خلّفت موجة من التباين في الآراء، والاختلاف في وجهات النظر بين المتابعين السياسيين ومن يعنيهم الأمر، حيث إن قطاعا عريضا من القوى السياسية المعارضة رأت في هذه الخطوة مُخالفة للدستور ومُحاولة لتمديد فترة ولاية كلّ من البرلمان والرّئاسة، حيث تنتهي ولاية البرلمان الحالي أواخر هذا العام 2020م، في حين تنتهي فترة ولاية الرئيس الحالي مطلع العام القادم 2021م.
ومما زاد مخاوف القوى السياسية المعارضة، وحَمَلها على الاعتقاد بأن عملية سحب الثقة عن الحكومة في هذا الوقت بالذات محاولة للتمديد الإداري، عدّة خطوات أعقبت العملية من بينها: سرعة إعلان الرئيس محمد فرماجو تقبله واحترامه لقرار مجلس الشعب القاضي بعزل رئيس الوزراء، رغم ما أثير حوله من الخروقات القانونية والانتهاكات الدّستورية، في موقف يبدو للبعض وكأنه بداية عهد جديد سيعطّل فيه الدّستور ويلغى فيه جميع التشريعات والقوانين الأخرى في البلاد تمهيدا للتمديد الإداري.
ثم إن الاستقالات والإقالات التي شملت موظفي مكتب رئيس الوزراء المعزول، من الأمور التي زادت الشكوك حول وجود نية مبيتة للتمديد، حيث تم، فورا وبعد إطاحة رئيس الوزراء، إقالة السكرتير الدّائم لمكتب رئيس الوزراء، تلتها استقالة مدير الإعلام والاتّصالات بمكتب رئيس الوزراء بعد تعرّضه لضغوطات سياسية، وفقا لما تناقلته بعض المصادر الإعلامية المطّلعة.
هذه الأجواء السياسية المشحونة والمتوتّرة دعت بعض السياسيين إلى إبراز مواقفهم، فكان السيد سعيد دني رئيس بونتلاند قد وصف العملية بزلزال سياسي وممارسة غير قانونية قد تمهد لفشل المرحلة الثالثة من مؤتمر دوسمريب التشاوري، في حين أشار زعيم حزب ودجر المعارض عبدالرحمن عبدالشكور إلى أن الطريقة التي تم فيها عزل رئيس الوزراء كانت طريقة خاطئة قد تسبب حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، تقع مسؤوليتها على عاتق كلّ من الرئيس محمد فرماجو، ورئيس مجلس الشعب محمد مرسل شيخ ونائبه عبدالولي شيخ مودي.
أما منتدى الأحزاب الوطنية المعارض فقد ذكر في بيان صحفي أن الهدف من هذه الخطوة هو البحث عن مبررات لإفشال اتفاقيات دوسمريب وتأجيل الانتخابات القادمة!
لكن في المقابل كانت مؤسسة الرئاسة إلى جانب مجلس الشعب يتمسكّان بموقفهما الدّاعي إلى إمكانية إجراء انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” في الموعد الانتخابي القادم، ففي حواره مع القسم الصومالي لإذاعة البي بي سي، أفاد عبدالنور محمد مدير الإعلام في القصر الرئاسي بـ “أن إسقاط الحكومة لن يؤثّر على العملية السياسية ولا حتّى إجراء الانتخابات العامة … وأنهم يعنزمون إجراءها في موعدها” مشيرا إلى إمكانية وجود عقبات وتحدّيات فنية قد تؤخّرها بضعة أشهر عن موعدها كما جرت العادة عليه في مواسم انتخابية سابقة.
إن سحب الثقة عن رئيس الوزراء حسن علي خيري، هيّج مشاعر من كان لديهم اعتقاد جازم بأن القيادة الحالية تنوي التمديد الإداري، نظرا لإخفاقاتها في تهيئة الأجواء المناسبة لإجراء انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” في موعدها المحدّد، وأن عزل رئيس الوزراء في هذا الوقت بالذات ليس له تفسير سياسي آخر، عندهم، غير الرغبة في التمديد، إذ إنه لا يمكن لحكومة جديدة تحضير انتخابات “صوت واحد لشخص واحد” خلال الأشهر السبعة المتبقية من فترة ولاية القيادة الحالية، مما لا يدع مجالا للشكّ بأن الحكومة الجديدة ستحتاج إلى مزيد من الوقت لتنجز شيئا ما ولو باليسير.
وعليه فإنّه يتحتم على الأطراف السياسية الجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات للوصول إلى تفاهمات سياسية تجنّب البلاد والعباد من الانزلاق مرّة أخرى في دوّامة العنف السياسي بسبب محاولات بعض الأطراف السياسية الرامية إلى فرض رغباتها السياسية على الأطراف الأخرى دون تقديم أدلّة وبراهين ساطعة قد تقنع الطرف الآخر على احترام تلك الآراء السياسية وقبولها.