داعش الصومال.. البداية وآفاق المستقبل
الصومال الجديد
آخر تحديث: 15/11/2017
فقدت الصومال سلطتها المركزية منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث أصبحت – فجأة- موطنا لحروب أهلية ومعقلا لحركات مسلحة، وقد برزت حركة الشباب كأول تنظيم مسلح في الصومال يعلن رسميا انتمائه لتنظيم القاعدة، وذلك بعد هزيمة ما يسمى باتحاد المحاكم الإسلامية. سيطرت الحركة بعد بروزها فعليا على أجزاء شاسعة من جنوب ووسط الصومال. ولكن بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في عام 2013 بقيادة أبو بكر البغدادي وجد رواجاً واسعاً في أوساط التنظيمات المسلحة، وأعلنت جماعة “بوكوحرام” في نيجيريا مبايعتها للتنظيم في مارس/آذار 2015. ونجحت “داعش” في استقطاب عدد مهول من أبناء الشتات في دول الغرب، إلى أن وصلت تحركاتها في عواصم غربية عديدة، ناهيك عن تغلغلها في ليبيا والعراق وسوريا وشرق مصر، وكل ذلك في توقيت زمني متقارب.
• صراع وجودي بين التنظيمين
ذكر مرصد الإفتاء التابع لدار الإفتاء المصرية في بيان له الأسبوع الماضي بأن أفريقيا ستشهد صراعا وجوديا بين تنظيمي القاعدة و داعش، وقد بدأ هذا الصراع فعليا في الصومال ونيجيريا في وقت سابق.
• بداية صعبة
في نهاية عام 2015 أظهر عناصر تابعون لحركة الشباب يتزعمهم عبد القادر مؤمن ولاءهم لتنظيم داعش في شمال شرق الصومال (بونتلاند). وجاءت هذه الخطوة بعد قيام حركة الشباب باستهداف وتصفية عناصر أجنبية تابعة لها في جنوب الصومال بتهمة شق صف الحركة والانضمام لداعش.
أعلنت مجموعة داعش مسؤوليتها عن هجوم استهدف شاحنة تابعة لقوات أميصوم في ضواحي مقديشو عام 2016. وبعد تلك الفترة انتقلت عملياتها إلى منطقة شرق الصومال (ولاية بونت لاند)، وخاصة في جبال غال غالا الوعرة والإستراتيجية.
تصاعد عمليات داعش
في خطوة هي الأولى من نوعها أعلن تنظيم داعش في الصومال سيطرته على مدينة قنْدلة التي تقع على بعد 80 كلم من مدينة بوصاصو الساحلية بأقصى شرقي الصومال ، وذلك في أكتوبر 2016، وينحدر زعيم فرع داعش الصومال عبد القادر مؤمن من تلك المدينة، وهو الذي دفع –كما يعتقد- مقاتلي داعش إلى السيطرة على تلك المدينة استغلالا من الحاضنة القبلية التي يتمتع بها زعيمهم في المنطقة.
وبعد شهرين من سقوط قندله في يد مجموعة داعش شنت قوات ولاية بونتلاند هجوما على المدينة، وقد شاركت في الحرب طائرات حربية تابعة لدول غربية، وإثر هجوم بري وبحري تمكنت قوات ولاية بونتلاند الصومالية من سيطرة مدينة قندلة الساحلية التي كادت أن تكون معقلا لداعش.
يذكر أن قوات الولاية لم تتمكن من دحض التنظيم وتدمير قوته الهجومية؛ حيث لاذ مسلحو التنظيم بعد طردهم من مدينة قندله إلى مناطق غاغالا الجبلية. وتبنى التنظيم بعد تلك الفترة مسؤولية عدة هجمات وقعت في ولاية بونتلاند، الأمر الذي يثير قلق حكومة الولاية الإقليمية.
وفي السياق ذاته كشف تقرير أممي عن تنامي تنظيم داعش في شمال شرق الصومال، وأشار التقرير إلى أن عدد مقاتلي التنظيم آخذ في التزايد، إذ بلغ عددهم في الفترة الأخيرة إلى ما يزيد عن 200 مقاتل، بينما كان عدد أتباع التنظيم عشرات في عام 2016 الماضي، ويشكل تنامي تنظيم داعش في شمال شرق الصومال تحديا كبيرا على الحكومة الفيدرالية الصومالية بشكل عام وحكومة ولاية بونتلاند بشكل خاص.
• مصير التنظيم
مضى عامان وشهر منذ إعلان داعش عن تأسيس فرعه الجديد في الصومال، واستقطب التنظيم أثناء تلك الفترة عشرات من المقاتلين، ولا يزال التنظيم -كما أشارت التقارير- في طور التنامي وتقوية قدراته الهجومية في محافظة بري بولاية بونت لاند، وذلك رغم المحاولات المتكررة لكسر شوكته وإلحاقه بخسائر فادحة.
وتعرضت عناصر تابعة لتنظيم داعش عدة مرات لضربات جوية من قبل طائرات أجنبية، وآخر الضربات نفذتها القوات الأمريكية في بداية شهر نوفمبر الجاري، وأسفرت عن قتلى وجرحى. وقد أعلنت حكومة ولاية بونتلاند الإقليمية نجاة زعيم فرع داعش في الصومال عبد القادر مؤمن من الهجوم الأمريكي.
ومن الجانب لآخر فإن تنظيم داعش (الأم) واجه ضربات متلاحقة أدت إلى تراجعه في كثير من مواقعه الاستراتيجية في العراق وسوريا، ويرى المحللون أن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في دير الزور كانت بمثابة رصاصة الرحمة على التنظيم الذي سيطر على تلك المنطقة منذ بداية تأسيسه- أي قبل ثلاثة سنوات، علاوة على هزيمة التنظيم في غربي العراق.
وبناء على ذلك فإن المعطيات في أرض الواقع تشير إلى أن تنظيم داعش تكبد خسائر فادحة في العراق وسوريا، وخسر الأراضي التي كان يسيطر عليها. وبالتالي فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو؛ ما مدى تأثير فرع التنظيم في الصومال؟ وهل تتراجع عملياته في شمال شرق الصومال في الفترة القادمة؟ أم أن فرع تنظيم داعش في الصومال سيتمكن من مواصلة عملياته رغم ما لحق بتنظيم الأم من خسائر تمثلت في طرده من مواقع إستراتيجية سيطر عليها في السنوات الثلاث الماضية؟