خواطر ومشاهدات (1)
حسن مودي
آخر تحديث: 15/05/2018
• الجِيَف في الطرقات:
صار من المألوف بين فترة وأخرى أن ترى جيفة أو حيوانا مقتولا في الطرقات العامة، وهو مشهد يتكرر عند الأسواق وأرصفة بعض الشوارع العامة في العاصمة الصومالية مقديشو، والغريب هو أننا نرى تلك الجِيَف تظل مطروحة حتى تتعفن وتنتفخ.
وغالبا ما يقف بعض أصحاب المحال التجارية أو البيوت للدفن عندما يتجاوز التعفن مداه، وبالطبع يُستثنى من ذلك بعض المناطق المحدودة التي تعتني بها الدولة؛ حيث تنشط فيها بلدية مقديشو.
وفي أحد الأيام قمت برصد حالة عجل صدمته سيارة في أحد الشوارع (المتوسطة الحال) وكان ملقى على جنبه بجانب الطريق لمدة لا تقل عن ليلة واحدة على الأقل بالنظر إلى مستوى الانتفاخ والتعفن الذي كان باديا عليه، وبحسب شهود عيان فقد انتهت هذه الحالة بإزاحة الجيفة من الشارع العام ودفنها بواسطة لجنة تعاونية تابعة لسوق مجاور، وبالطبع بعد تسوية الخلاف بين صاحب الحيوان المقتول وبين صاحب السيارة التي تسببت في الحادث، وهذه التسويات تتم إذا لم يفرَّ صاحب السيارة، كما يحدث في بعض الأحيان، وهي من العمليات التي تؤخر أحيانا الإجراءات المطلوبة اتخاذها في هذا الصدد.
وتجدر الإشارة إلى أنه عند اصطدام سيارات الجيش أو الشرطة الصومالية بأحد الحيوانات الأليفة – المنتشرة بشكل ملحوظ في بعض الشوارع العامة والفرعية – يكون صاحبها غير محظوظ؛ لأنه لا أحد يقف له في العادة لأسباب أمنية، كما يقولون. وهناك حالات انتهت بحبس صاحب الحيوان فيصير ضحية للتسلط الحكومي، إلا إذا كان من القبائل المسلحة في مقديشو.
أما قوات الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم) فلها تاريخ أسود في هذا المجال، فهناك قصص وحكايات حول سحق مدرعاتها كمًّا هائلا من المواشي وغيرها مثل القطط والكلاب – التي لا بواكي لها – وذلك في مناطق متعددة منذ بداية تواجدها في الصومال عام 2007م.
وإن انتشار الجيف من الظواهر الاجتماعية السلبية، ودليل على غياب التوعية المناسبة عبر المساجد والمدارس ووسائل الإعلام المختلفة؛ وبالتالي يجب أن نتساءل: هل يليق بنا كمجتمع مسلم أن تظل شوارعنا مليئة بالجيف والقاذورات لفترات طويلة، وما دور الدولة في ذلك، وأين المنظمات الخيرية، والجمعيات المحلية، والنوادي الشبابية والاتحادات والنقابات، وهل يوجد في بلدنا جمعيات الرفق بالحيوان؟ وإن وُجدت، فأين دورها في مثل هذه الحالات؟ وأين نحن كمسلمين مما أمرنا الله من الرفق بالحيوان حيا وميتا، وإماطة الأذى عن الطريق، كشعبة من شعب الإيمان بالله سبحانه وتعالى.
ويُذكر أن “السلبية هي أخطر آفة يصاب بها فرد أو مجتمع، بينما الإيجابية هي أهم وسيلة لنهضة أي أمة؛ فمن الحقائق المسلَّم بها أن نهضة الأمم تقوم على أفراد إيجابيين مميزين بالأفكار الطموحة والإرادة الكبيرة، كما أنها نجاة من هلاك الأمم والشعوب قال تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ”
(1) http://almoslim.net/node/152572