خلافات فرماجو وروبلي … ودور المجتمع الدولي في إنهائها
الصومال الجديد
آخر تحديث: 26/09/2021
يدخل الخلاف السياسي والدستوري بين الرئيس المنتهية ولايته ورئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، أسبوعه الثالث، دون ظهور أية بوادر لانفراج الأزمة، بل ربما تتجه الأمور نحو التصعيد، بعدما فشلت جهود وساطة محلية بقيادة رئيس مجلس الشعب المنتهية ولايته ورئيس غلمذغ لإنهاء الخلاف بين الرجلين، وذلك عندما أعلن السيد عمر شيدو، وزير الدولة لشؤون الرئاسة في غلمذغ على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي عن انهيار جهود الوساطة بين فرماجو وروبلي، والتي كان يلعب فيها قورقور رئيس غلمذغ دورا قياديا، إلاّ أنه انسحب منها بسبب وصولها إلى طريق مسدود!
وعلى الرغم من أن السيد شيدو لم يفصح عن الجهة المسؤولة عن انهيار المفاوضات، إلاّ أنه ألمح إلى أن السيد روبلي القائم بأعمال رئيس الوزراء أبدى مرونة كبيرة من أجل الوصول إلى حل لهذه الأزمة غير أن الرئيس المنتهية ولايته لم يقدم أية تنازلات في نقاط الخلاف الرئيسية!
بدوره أكد أحمد شري فلغلي وزير الإعلام في غلمذغ على انهيار الوساطة وانسحاب رئيس غلمذغ منها، دون أن يكشف عن الجهة المسؤولة عن فشل المفاوضات، مكتفيا بأن الجميع يعرف تلك الجهة!
وإذا صحت تصريحات المسؤولين حول هذه المفاوضات فسيكون ذلك الفشل الثاني الذي تواجهه جهود الوساطة بين الرجلين منذ اندلاع الأزمة السياسية بينهما على خلفية اختفاء ضابطة الأمن السيبراني إكرام تهليل فارح وطريقة التعامل مع هذا الملف المعقد والذي يحيط به الكثير من الغموض، إذ إنه في الـ 12/سبتمبر الجاري/2021م، أفادت مصادر مطلعة بأن جهود وساطة كان يقودها كل من قورقور ولفتاغرين، رئيسا ولايتي غلمدغ وجنوب الغرب قد باءت بالفشل بعدما تمسك كل طرف بموقفه دون تقديم أي تنازلات للوصول إلى حل وسطي ينهي الخلاف بين الرجلين ويساهم في تفعيل العملية الانتخابية التي تسير ببطء شديد!
إلى جانب هذه الجهود المحلية، كانت هناك أصوات دولية تدعو أطراف النزاع الصومالي إلى الجلوس على طاولة الحوار والمفاوضات وإنهاء الخلافات البينية بشكل فوري وعاجل، حتى لا يؤثر صداها على سير العملية الانتخابية.
ففي بيان مشترك أصدره أصدقاء الصومال في المجتمع الدولي عشية الـ 17/سبتمبر/2021م، حول الأزمة السياسية في الصومال جاء فيه: “… يشعر أصدقاء الصومال في المجتمع الدولي بقلق عميق إزاء الخلاف المتزايد بين الرئيس ورئيس الوزراء، والذي من شأنه أن يؤدي إلى عرقلة العملية الانتخابية، وزعزعة استقرار البلاد، وعليه فإننا نحث الرئيس ورئيس الوزراء على الحل الفوري لخلافاتهما، والابتعاد عن تبادل البيانات والتصريحات العامة، كما يدعو المجتمع الدولي الأطراف إلى مواصلة إجراء العملية الانتخابية المتأخرة عن موعدها، تفاديا لحدوث مزيد من التأخير في إجرائها”.
وتتابعت الدعوات والتحذيرات الصادرة من المجتمع الدولي إزاء هذه الأزمة، يتفق معظمها في المضمون وإن اختلفت الأساليب والعبارات، فكانت هناك دعوة من الاتحاد الأوروبي، وأخرى صادرة من الخارجية الأمريكية، وكلها تدعو إلى إنهاء الخلاف قبل أن يؤثر على سير العملية الانتخابية، ويكون عقبة أمام تنفيذها.
يرى كثير من المتابعين أن المجتمع الدولي لم يلعب بعد دوره المناسب في حل هذه القضية لما له من كلمة مسموعة في الأوساط السياسية الصومالية لكونه الممول الأكبر للعملية السياسية والأمنية في البلاد، وعليه، فإن له من وسائل الترغيب والترهيب ما يساعده على حسم الخلاف بين الرجلين وتوجيه البلاد نحو إجراء الانتخابات، دون الإخلال بالإجراءات العدلية والقانونية الهادفة إلى فك لغز اختفاء الفتاة إكرام تهليل فارح.
في تقرير نشرتها مجموعة الأزمات الدولية على موقعها في الإنترنت أواسط سبتمبر الجاري 2021م، دعت المجموعة الرئيس المنتهية ولايته السيد فرماجو إلى التخلي عن كل خطوة من شأنها أن تؤدي إلى الإطاحة برئيس الوزراء لما في ذلك من عرقلة لسير العملية الانتخابية، كما دعت المجموعة الرئيس المنتهية ولايته إلى قبول التعديلات التي أجراها السيد روبلي في تشكيلة قيادة جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي، غير أنه يبدو أن السيد فرماجو لم يعط اهتماما لهذه الدعوة.
وفيما يتعلّق بدور المجتمع الدولي تجاه هذه الأزمة، فقد دعت المجموعة أصدقاء الصومال في المجتمع الدولي إلى تكثيف الضغوط على الساسة الصوماليين وحملهم على إنهاء الخلافات المستجدة بينهم، مقترحة في الوقت نفسه، فرض عقوبات متنوعة على أولئك الذين يعرقلون سير العملية الانتخابية التي تمثل الطريق الوحيد لتحقيق تقدم في البلاد.
إنه يمكن القول، بأن المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة المستجدة بين قادة الصومال، يتوخى الحذر في التدخل المباشر فيها، ربما لحساسية وتعقيد سبب الأزمة الحالية، حيث إنها في صميم الأمن الداخلي والقومي للبلاد، ولعله بذلك يكتفي بحثّ الأطراف الصومالية على وضع خلافاتهم الداخلية جانبا والإسراع في تفعيل العملية الانتخابية التي تمثل عنوان الاستقرار السياسي والأمني في البلاد.
وعليه فإن طائفة من المحللين يعتبرون أن المجتمع الدولي بموقفه هذا إزاء هذه الأزمة قد قصّر في أداء واجباته إزاء بناء الدولة الصومالية، إذ إن استمرار هذا الصراع يعني تجميد وإيقاف جميع الأنشطة السياسية والأمنية والتنموية في البلاد، ومن ثم العودة إلى المربع الأول حيث النزاعات المسلحة والصراعات القبلية، مما يعني ضياع عقدين من الجهد والعمل السياسي من أجل إعادة بناء الدولة الصومالية وإقامة مؤسساتها البرلمانية والتنفيذية والقضائية والعسكرية، وتلك بلا شك لا قدّر الله، خسارة للجميع، وعليه فإنه يتحتم على المجتمع الدولي حسب المتابعين أن يرقى في التعامل مع هذه الأزمة إلى المستوى المطلوب أو المتوقع منه، والذي سيساعد في حسم الصراع لصالح المصلحة العليا للبلاد التي فيها ضمان لبقاء مؤسسات الدولة وهيئاتها الدستورية.