خطاب شريف شيخ أحمد: بين التّهدئة والتصعيد
الصومال الجديد
آخر تحديث: 19/12/2020
عاد الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد، يوم أمس الجمعة 18/ديسمبر/2020م، إلى العاصمة مقديشو التي كان يغيب عنها الأيام القليلة الماضية.
وعقب وصوله إلى المدينة، عقد شريف شيخ أحمد رئيس مجلس اتّحاد المرشحين مؤتمرا صحفيا في المدينة، تحدّث فيه عن الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد، لا سيما، الأوضاع السياسية والأمنية المستجدّة في العاصمة مقديشو.
تحدّث الرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد بلهجة حادة عن التصرفات الأخيرة للحكومة الفيدرالية، والتي أدخلت البلاد في أوضاع سياسية وأمنية سيّئة حسب تعبيره!
وأشار السيد شريف رئيس منتدى الأحزاب الوطنية المعارض إلى أنّه كان من المفترض أن تتم إجراءات تنظيم الانتخابات في وقت سابق، غير أنه لم يحدث ذلك، معلنا في الوقت نفسه، أنه وعلى الرغم من ذلك لا يزال هناك متسع من الوقت لتصحيح ما ارتكب من أخطاء، والشروع في إعداد انتخابات حرّة ونزيهة.
وقال السيد شريف زعيم حزب هيملو قرن “أنه وعلى الرغم من أن المرشحين هم من سيخوضون الانتخابات، إلا أن نزاهتها وشفافيتها شأن يهم جميع الشعب الصومالي، ولا يمكن التنازل عنه في أيّ حال من الأحوال، لما سيؤدّي إليه ذلك من قضاء على المشروع الوطني، والعودة – لا قدّر الله- إلى الوراء، وعليه فإنه يتحتم على الحكومة الفيدرالية التفاوض مع الممتعضين عن خطتها لإدارة الانتخابات، تفاديا لحدوث ما لايحمد عقباه!“
ودعا الرئيس الأسبق في ثنايا حديثه الصحفي مختلف أنواع القوات الحكومية إلى الابتعاد عن التورّط في عمليات سياسية قد تؤدّي إلى هدم الدولة الصومالية وزوالها بسبب ارتكابهم لمخالفات دستورية وقانونية، إذ إن احترام القانون واتباعه هو الأساس الأول لوجود دولة ذات سيادة، يعرف كلّ شخص فيها واجباته وحقوقه الدّستورية!
وفيما يتعلّق بالمظاهرات والاحتجاجات الشعبية، ذكر شيخ أحمد أن التظاهر السلمي حق أساسي للتعبير عن المواقف والآراء يكفله الدستور، ولا داعي لحشد الجيوش من أجل منع إقامة مظاهرات سلمية، متسائلا في الوقت نفسه: ما الداعي إلى حشد جيوش لأجل قضية يمكن تسويتها عبر الحوار والتفاهمات؟!، في إشارة منه إلى الأحداث الأخيرة التي شهدتها العاصمة مقديشو الخميس الماضي 17/ديسمبر/2020م، حيث انتشرت وحدات من القوات الأمنية عند مداخل مقار بعض المرشحين في مقديشو، إلى جانب إغلاق الشوارع والطرقات الرئيسة في العاصمة، منعا لحدوث مظاهرات مناهضة للحكومة الفيدرالية كان من المقرر أن تشهدها العاصمة آنذاك.
في ختام مؤتمره الصحفي دعا شريف شيخ أحمد الحكومة الفيدرالية إلى فتح أبوابها للحوار مع المحتجين، وتوسيع صدرها لقبول الرأي الآخر، مشيرا إلى أنه لا أحد يبقى على الكرسي إلى الأبد، وأنّ الأدلة على ذلك شاهدة وكثيرة ولا داعي لسردها وذكرها من جديد.
يأتي خطاب رئيس مجلس اتحاد المرشحين بعد أحداث أمنية، يعتبرها المجلس أنها استهدفت بعض أعضائه، عندما نشرت الحكومة الفيدرالية في الـ 17/ديسمبر/2020م قوات في العاصمة مقديشو، فرضت حزاما وطوقا أمنيا على مقار بعض أعضاء المجلس والطرق المؤدية إلها، بهدف تحديد تحرّكاتهم وتنقلاتهم للمشاركة في اجتماعاتهم السياسية، خاصة، أن هذه العملية الأخيرة صادفت الذكرى الـ 3 لمداهمة قوات حكومية مقر حزب ودجر المعارض في الـ 17/ديسمبر/2017م، مما أدى إلى مقتل 5 من عناصر حراسة المقر، وإصابة آخرين، واعتقال عدد ممن كانوا في المقر أثناء الهجوم، بينهم السياسي عبدالرحمن عبدالشكور ورسمي زعيم حزب ودجر المعارض الّذي اقتادته القوات الأمنية حينئذ وهو مصاب بجروح ناجمة عن إطلاق النار على مقرّه في مقديشو!
يرى محللون سياسيون ومتابعون أمنيون أن خطاب شريف شيخ أحمد، كان في مجمله عبارة عن تأييده للبيان الصحفي الّذي أصدره مجلس اتّحاد المرشحين حول الأحداث الأخيرة في مقديشو، والتي وصفها المجلس بأنها ممارسات استفزازية، الهدف منها جرّ أعضاء المجلس نحو العودة إلى مرحلة الحرب الأهلية، وهو ما حذّر منه المجلس في بيانه السابق وحذّر منه شريف في حديثه الصحفي الأخير.
وبناء على الأحداث التي تشهدها البلاد من صراع سياسي واضطراب أمني واسع في أكثر من مكان: مقديشو، هيران، غلمذغ، وغيذو، لتنبئ بحق إلى أين وصلت الأمور في البلاد، وأن الأوضاع فيها قابلة للانفجار وجرّها نحو الهاوية مرّة أخرى، ما لم تتفق الأطراف المتنازعة على صيغة تفاهمية تجنب العباد والبلاد من مغبة تصرّفات طائشة تسعى فقط لتحقيق مصالح حزبية ضيقة ومآرب شخصية عابرة!