حوار مع السفير محمد إدريس مبعوث الجامعة العربية للصومال
الصومال الجديد
آخر تحديث: 13/01/2017
حوار أجراه كل من محمد رشيد من مؤسسة الصومال الجديد للإعلام والبحوث والتنمية وعمر فارح من جريدة صوت الصومال الالكترونية مع سعادة السفير محمد عبد الله إدريس مبعوث الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى الصومال ورئيس مكتب الجامعة في مقديشو، وفيما يلي: نص الحوار:
الصومال الجديد: مرحبا بك سعادة السفير السيد محمد إدريس
السفير محمد إدريس: مرحبا بالأخوين الكريمين الأخ الصحفي عمر فارح محرر جريدة صوت الصومال الالكترونية والأخ محمد رشيد محرر موقع الصومال الجديد. مرحبا بكم في مقر جامعة الدول العربية في مقديشو. بالحقيقة أنا سعيد باللقاء معكم في هذا اليوم، وفي هذه الأيام المباركة التي يشهد فيها الصومال حراكا سياسيا كبيرا في العملية السياسية والعملية الاجتماعية والعملية الانتخابية، ويستشرف الصومال الانتقال من مربع إلى مربع بإذن الله سبحانه وتعالى. ما يحدث في الصومال في هذه الأيام يؤشر إلى أن هناك حيوية في المجتمع الصومالي سياسيا وثقافيا واجتماعيا.
الصومال الجديد: سعادة السفير هل لك أن تقدم لنا تفاصيل عامة عن طبيعة عمل مكتب الجامعة العربية في الصومال؟
السفير محمد إدريس: بالحقيقة تواصل الدول العربية مع الصومال لم ينقطع في أية فترة من الفترات حتى في فترة عدم الاستقرار في بداية التسعينات بعد انهيار الحكومة المركزية وسطوة أمراء الحرب على المشهد السياسي والأمني في الصومال. تواصل الدعم العربي وكذلك تواصلت العلاقات العربية مع الصومال، حيث حافظ عدد من الدول العربية على وجود سفاراتها في مقديشو. وبرغم الظروف الأمنية السائدة في ذلك الوقت فإنها لم تغلق أبدا أبواب سفاراتها. قوافل المساعدات الإنسانية أيضا تواصلت للصومال خلال الفترة التي أعقبت انهيار الحكومة المركزية ووصلت قمتها في المجاعة والجفاف الذي ضرب الصومال في عام 2011.
مكتب جامعة الدول العربية بالذات هذا المتكب كان يعمل من نيروبي حتى يوليو عام 2008، وبعد اتفاقية جيبوتي التي خرجت بمقتضاها القوات الإثيوبية من الصومال قرر الأمين العام لجامعة الدول العربية في ذلك الوقت الاستاذ عامر موسى ان ينتقل مكتب الجامعة العربية من نيربي إلى مقديشو. وفعلا فتح هذا المكتب في هذا المكان في يوليو 2008. يهدف هذا ا لمكتب إلى خلق وجود عمل عربي ملموس في داخل الصومال، ومن مهام هذا المكتب هو أن يرسل رسالة إلى المهتمين بالشأن الصومالي في الخارج بأن عمل البعثات الدبلوماسية من مقديشو ممكن، وأن من يريد دعم الصومال وجوده هنا في مقديشو عاصمة الصومال، ويجب أن يكون منطلق الدعم الذي يوجه للصومال والعلاقات التي تنشأ معه من مقديشو برغم التحديات والمصاعب، وثبتت صوابية هذت التوجه منذ أن فتح المكتب في هنا. عندما فتح مكتب جامعة الدول العربية كان في مقديشو الشق العسكري لقوات أميصوم فقط ولم يكن هناك شق سياسي، ولكن بعد فترة جاء ممثل رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وفتح المكتب السياسي لأميصوم، ثم فتحت الإيغاد مكتبا سياسيا لها في مقديشو، ثم انتقل مكتب الأمم من نيروبي إلى مقديشو، وكذلك فتحت عدد من الدول سفارتها في منطقة حلني في مقديشو.
نستطيع القول بأن مكتب جامعة الدول العربية إضافة إلى السفارات العربية الأخرى في مقديشو يمثلون أكبر مجموعة دبلوماسية، وتضم سفارات جيبوتي والسودان واليمن وليبيا ومصر ودولة الإمارات ودولة قطر، وهي ثمانية سفارات وبعثات دبلوماسية ونتوقع في الفترة القادمة افتتاح الكويت ودول عربية أخرى سفاراتها. بالحقيقة قرار الجامعة العربية بافتتاح مكتب البعثة في الصومال وجد ترحيبا من كل القيادات الصومالية من قبل الرئيس شريف شيخ أحمد في ذلك الوقت ثم من قبل فخامة الرئيس حسن شيخ محمود ومن قبل كل وزراء الخارجية.
الصومال الجديد: ماهي المجالات التي يركز عليها مكتب جامعة الدول العربية خلال عمله؟
السفير محمد إديس: هنالك مهام سياسية، وهنالك مهام اجتماعية ثقافية، وهنالك مهام إنسانية، وهنالك مهام بنيوية إعادة التأهيل والتنمية وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة الصومالية. فيما يتعلق بالشق السياسي، الوجود العربي هنا في الصومال يشير إلى أن هناك اهتماما عربيا بالصومال على المستوى السياسي والدبلوماسي وكذلك مشاركة الحكومة الصومالية في الاجتماعات العربية المختلفة سواء كانت على مستوى المندوبين الدائمين في القاهرة في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية أو اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي يشارك فيه وزير الخارجية الصومالي أو على مستوى القمم العربية التي يشارك فيها رئيس الدولة. الاهتمام السياسي بالصومال وصل إلى القمة بزيارة وفد الجامعة العربية رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء الكويتي ووزير الخارجية ومعه وزير خارجية موريتانيا والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي الذي وصل إلى مقديشو في نوفمبر 2014.
أما من الناحية الثقافية والاجتماعية والصحية والتعليمية فلنا العديد من المشروعات. بالحقيقة نفذ مكتب الجامعة العربية عددا من المشروعات في مجال التعليم. في أغسطس في عام 2013 أثناء مبادرة إذهب إلى المدرسة قمنا ببناء وإعادة تأهيل عدد من المدارس في مقديشو، وهذه المدارس استقبلت تلاميذ عندما بدأت حملة إذهب إلى المدرسة في عام 2013، وذلك بالتعاون مع وزيرة التربية والتعليم في ذلك الوقت الأستاذة الدكتورة مريم قاسم. و في مجال الصحة قامت الجامعة العربية في عام 2016 بتجهيز ثلاث مستشفات متحركة كبيرة، وهذه المستشفيات وصلت إلى مقديشو في سبتمر 2011 ولعبت دورا كبيرا أثناء المجاعة والجفاف الذي ضرب الصومال عام 2011، ولعبت دورا كبيرا أيضا في المجال الطبي وفي التحرك في مقديشو والمناطق المجاورة. وفي المجال الصحي أيضا قمنا بعدد من الدورات التدريبية. وعلى سبيل المثال قمنا بتدريب 30 قابلة في المجال الصحي في الفترة 2011 – 2012 ولمدة ثلاثة أشهر. وفي عام 2015 قمنا ببناء مستشفى في منطقة شنغاني، وبالحقيقة هو مستشفى كبير ومتكامل، وتم تسمليه لوزارة الصحة الصومالية في شهر يناير 2016 الماضي. ونحن الآن بصدد تزويد المستشفى بالأجهزة والمعدات التي تمكنه من العمل. وفي المجال الإعلامي عقدنا دورة لتدريب الصحفيين العاملين في مقديشو، وذلك في أيام وزير الثقافة والإعلام عبد الكريم جامع، واستفاد من هذه الدورة 30 صحفيا صوماليا من القطاع العام والقطاع الخاص. وفي المجال الثقافي نحن نقوم الآن بإعادة تأهيل المكتبة الوطنية الصومالية بالقرب من دار اتحاد المرأة الصومالية. أما المجالات الإنسانية الأخرى ففي 2011 عندما حدثت المجاعة جاء عدد من المنظمات الطوعية العربية وجمعيات الهلال الأحمر العربية ومن الدول والمؤسسات وحتى الآفراد أتوا إلى مقديشو وقدموا مساعدات كبيرة للصومال، الأمر الذي ساعد في تجاوز محنة المجاعة خلال عام 2010 و 2011، ولاتزال عدد من هذه المؤسسات والمستشفيات موجودة وتعمل في مقديشو، ومن بينها مستشفى السلام السوداني ومسشتفى الشيخ زايد في حي عبد العزيز والهلال الأحمر الإماراتي والهلال الأحمر القطري والهلال الأحمر السعودي ومستشفى البحرين ومستشفى اتحاد أطباء العرب وكثير. وهناك أيضا عدد من الكوادر الطبية الأطباء والإخصائيين الذين يعملون في عدد من المستشفيات الصومالية وعدد منهم يدرس في كليات الطب في عدد من الجامعات في مقديشو.
الصومال الجديد: يقال إن التواجد الدبلوماسي العربي في الصومال لم يرق إلى المستوى المطلوب ماهي الأسباب؟
السفير محمد إدريس: نحن أولا دعنا نقول إن التواجد الدبلوماسي العربي في مقديشو أو في الصومال هو أكبر مجموعة دبلوماسية لو قارناه بالمجموعات الدبلوماسية من الدول الأفريقية أو الأرووبية أوالأسيوية الموجودة في الصومال، ثمانية بعثات دبلوماسية عربية في هنا، وهذا عدد كبير بالنسبة للمجموعات الدبلوماسية الأخرى وبالنسبة للعمل الذي يقدمونه وبالنسبة للظروف التي يعملون بها في الصومال. بالحقيقة لسنا راضين بهذا العدد ونتطلع تواجدا أكبر إن شاء الله. كان فخامة الرئيس حسن شيخ محمود يقول لنا: مجرد وجود البعثات الدبلوماسية العربية في مقديشو -حتى لو لم تقدم شيئا- هو عمل كبير ومُرْضٍ، ولكنها موجودة وتقدم الكثير، فنحن حتى لو كان العدد دون المستوى أو دون الطموحات لكن ما تقدمه يفوق فوق الطموحات.
الصومال الجديد: سعادة السفير ما هو دور الجامعة العربية تجاه الصومال ؟
السفير محمد إدريس: الصومال دولة عضو فاعل في جامعة الدول العربية، ودور الجامعة العربية تجاه الصومال هو دور الكل تجاه الجزء. الناس يقولون مصر هبة النيل، وأنا أقول الصومال هبة الموقع الاستراتيجي، لو نظرنا موقع الصومال القرن الأفريقي، هو -حقيقة- القرن الصومالي. هذا الموقع الجفرافي المهم يأتي كجزء مكمل وأساسي للمجموعة العربية. الصومال في جنوب خليج عدن. في الضفة الشمالية لخليج عدن دول عربية، وبهذا يكون الصومال جزءا من الأمن الوطني للدول العربية في الضفة الشمالية لخليج عدن، وهو أيضا جزء من الأمن القومي العربي، من هنا يأتي اهتمام الجامعة العربية بالصومال، وهو اهتمام اجتماعي ثقافي انتمائي ثم الاهتمام السياسي ثم الناحية الأمنية، ثم الموارد. الصومال غنية بالموارد، موادر طبيعية موادر زراعية ثروة حيوانية ثروة سمكية معادن. فهذه الثروة أيضا واحدة من اهتمامات الدول العربية العربية، وتساعد الصومال في الاستفادة من هذه الثروات للشعب الصومالي، وما فاض يصدّر إلى الخارج، ويستطيع الصومال تزود الدول العربية كثيرا من الاحتياجات في المجال الزراعي والثروة الحيوانية والثروة السمكية، فيكون هنالك تكامل في المجال الاقتصادي والاستثمار المشترك لمصحلة الطرفين، الدول العربية التي تستورد، والصومال الذي ينتج، فالاهتمام العربي بالصومال يأتي من هذه الناحية، ولكن أيضا هنالك اهتمام صومالي بالدول العربية،الصومال يهتم بعلاقات الدول العربية، ويهتم بالأمن القومي العربي والأمن الاقتصادي العربي والأمن الغذائي العربي.
الصومال الجديد: الصومال يشهد حاليا عملية انتخابية، هل هناك مراقبون من الجامعة العربية لمتابعة الانتخابات بالصومال؟
السفير محمد إدريس: أكيد هناك مراقبون وأنا واحد منهم ظللت أشارك في مراقبة هذه العملية (الانتخابية) منذ انطلاقتها. هي عملية طويلة بدأت منذ بداية عام 2016. نحن دخلنا في مرحلة العملية الانتخابية الصومالية بتوجيه من الأمين العام لجامعة الدول العربية. صحيح كان يفترض أن تبدأ الانتخابات في شهر سبتمر، ولكن بدأت في شهر أكتوبر. منذ ذلك الوقت كانت عندنا اجتماعات دولية مع منظمات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأرووبي وإيغاد ومنظمة التعاون الإسلامي. كانت هناك اجتماعات اسبوعية لمراجعة ومتابعة ومراقبة تفاصيل العملية الانتخابية الصومالية، كما شاركت ضمن مجموعات المراقبين الأخرى هنا في متابعة انتخابات أعضاء صوماليلاند في مجلس الشعب هنا في مقديشو، وكذلك شاركت في الجلسة الافتتاحية لأعضاء البرلمان الصومالي المجلسين مجلس الشعب ومجلس الشيوخ وأداء النواب القسم (الأسبوع الماضي). انتهز هذه المناسبة لأهنأ الشعب الصومالي على انجاز عملية الانتخابات، لأن هذا استحقاق سياسي إقليمي ودولي بالنسبة للصومال. منذ أن حصلت الانتخابات في أغسطس 2012 واستلمت حكومة فخامة الرئيس حسن شيخ محمود الرئاسة في سبتمبر 2012 كان هناك التزام بأن تكون هنالك عملية انتخابية في عام 2016 ، وها نحن الآن على مشارف الفصول النهائة للعملية الانتخابية. الأمين لجامعة الدول أصدر بيانا قبل أيام رحب فيه بافتتاح البرلمان الصومالي وأداء النواب مجلس الشعب ومجلس الشيوخ القسم، الجامعة العربية شتشارك في مراقبة ما تبقى من العملية الانتخابية في الصومال. مهمة هذا المكتب أن يحدد احتياجات الصومال في كل المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والزراعية والصحية والتعليمية، نرصدها ونقدمها لجماعة الدول العربية، والأمانة العامة تقوم بتعميمها على الدول العربية، ثم بعد ذلك كل يقوم بدعم الصومال، هناك دعم مالي، من دول عربية دعم في مجال الأمن، تدريب القوات في السودان والإمارات ومصر، والآن ايضا هاك بعثة تعليمية مصرية موجدة في مقديشو .
الصومال الجديد: أشيع حدوث أعمال فساد وتلاعب في ظل الانتخابات النيابية ما تعليقكم على هذا الأمر ؟
السفير محمد إدريس: يحدث هذا في كل الانتخابات في كل مكان، ولكن طالما هناك آليات لمعالجة مثل هذه الأمور فتأخذ مجراها. هنالك لجان ولائية إقليمية للعملية الانتخابية، وهناك لجنة فيدرالية للعملية الانتخابية، وهناك آلية لفض النزاعات الانتخابية، وهي اللجنة المستقلة لتسوية النزاعات الانتخابية. أصلا كان هناك توقع بأن تثير الانتخابات احتجاجات واتهامات وعلامات استفهام، لذلك أنئشت هذه الآليات لمعالجة هذه المسائل، ونحن نشهد بأن هذه اللجان والآليات قامت وتقوم بالدور المطلوب منها. نحن كجامعة الدول العربية عضو في لجنة دولية استشارية لآلية فض المنازعات الانتخابية، وتضم هذه اللجنة الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيغاد ومنظمة التعاون الإسلامي.
الصومال الجديد: يواجه الصومال حالة إنسانية متدهورة نتيجة الجفاف، ماذا سيكون دور الجامعة العربية لإنقاذ المتضررين من الجفاف، وهل هناك تخطيط عربي لمواجهة هذه الأزمة؟
السفير محمد إدريس: فعلا نحن نتعامل مع ظاهرة الجفاف والتصحر التي تتكرر للصومال في فترة لأخرى. ستتكرر هذه الظاهرة، ظاهرة النينو ظاهر شح الأمطار ظاهرة الجفاف ما لم يكن هناك حل جذري وإيجابي ومستدام. الجامعة العربية على المستوى الجماعي في إطار الأمانة العامة للجامعة عندها اهتمام، واتخذت قرارا بأن ينعقد مؤتمر إقلميي دلي لإيجاد حل جذري ومستدام لمشكلة الجفاف الذي يضرب الصومال في فترة لأخرى. ما لم يوجد هذا الحل الجذري نحن نتوقع في كل سنة أنه يمكن حدوث الجفاف. هنالك قرار من الجامعة العربية لإيجاد حل جذري لمشكلة الجفاف في الصومال وفي منطقة القرن الأفريقي جبيوتي وإثيوبيا. أما على المستوى الثنائي فهناك جهود كبيرة في هذا المجال بالذات من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر. وهناك مساهمات عملية وفاعلة الآن في معالجة آثار الجفاف والتصحر من قبل الممكلة العربية السعودية من خلال مكتب الحملة الوطنية السعوية لدعم الشعب الصومالي وعن طريق منظمة التعاون الإسلامي، وتنفذ حفر عدد من الآبار الارتوازية لتوفير المياه للمتأثرين. هناك ملايين الريالات من المملكة العربية السعودية مخصصة حصرا لمعالجة مسألة الجفاف والتصحر وتوفير المياه الشرب. مسألة الجفاف آثارها ليست مسألة قلة مياه فقط، هنالك آثار اجتماعية بنزوح الناس من مناطقهم، والأخطر من ذلك هناك آثار أمنية؛ لأن القبائل الصومالية تتصارع على موارد المياه أو على الأراضي الزراعية فيموت آلاف الناس. وهناك أيضا آثار سياسية أنت تتحدث الآن عن عملية انتخابية إذا كان السكان نزوحوا من مناطقهم فأين ستقام العملية الانتخابية؟ أو حتى لو قامت العملية الانتخابية على من ستنفذ؟ إذا كان السكان غير موجودين، فنحن عندنا اهتمام كبير بمسألة الجفاف، وإن شاء الله تكون من أوليات الدول العربية والجامعة العربية في عام 2017.
الصومال الجديد: هل يقتصر دور الجامعة العربية في دعم الصومال في المجال الإنساني فقط، أم هناك دعم في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد؟
السفير محمد إدريس: الدعم الاقتصادي موجود، والدعم السياسي موجود، والدعم الأمني موجود في مختلف أجهزة الأمن المخابرات والشرطة والجيش. لكي تقدم دعما في المجال السياسي وفي المجال الاقتصادي وفي المجال التعليمي والثقافي والصحي تحتاج لدجة من الأمن، من هنا يأتي الاهتمام بالجانب الأمني، اهتمام الجامعة العربية منصب تجاه احتياجات المواطن الصومالي. طبعا هناك جهود كبيرة دولية وإقليمية تبذل في مجال الأمن وفي المجال السياسي نحن دائما نتحرك من القاعدة من الأسفل إلى الأعلى، نحن نهتم بمجالات التعليم والصحة وتوفير المياه وتمكين المواطن بوسائل الإنتاج لمساعدته على الاعتماد على ذاته. وهذا التحرك من القاعدة يلتقي مع الجهود الدولية التي تبذل في المجالات الأخرى. وجود مكتب الجامعة العربية هنا أيصا بالحقيقة تأكيد بأن الصومال لم يترك وحده. نحن من خلال هذه البعثة ومن خلال البعثات الأخرى نود إرسال رسالة للشعب الصومالي: نحن معكم.
الصومال الجديد: الصومال يقع في منطقة استراتيجية مهمة بالنسبة للعالم العربي ألا ترى أن الأزمة الصومالية تؤثر سلبا على العالم العربي.
السفير محمد إدريس: أكيد سلبا وإيجابا، ما هو إيجابي يؤثر إيجابا على الدول العربية، وماهو سلبي يؤثر سلبا على الدول العربية، ولذلك الصومال يقع في منطقة في غاية الاستراتيجية، يطل على المحيط الهندي ويشاطي خليج عدن؛ الذي يؤدي إلى باب المندب، وباب المندب يؤدي إلى البحر الأحمر، والبحر الأحمر يؤدي إلى قناة السويس، فانظر أهمية الصومال، كل تطور سلبي في الصومال يؤثر سلبا على الدول العربية وكل تطور إيجابي يؤثر إيجابا على الدول العربية، ولذلك يأتي اهتمام الدول العربية، وليس اهتمام الدول العربية فقط بل هناك اهتمام دولي، لأنه هذا طريق التجارة الدولية في المحيط وفي خليج عدن وفي البحر الأحمر وحتى قناة سويس. نحن نعي هذه الأهمية الاسترتيجية للصومال ولذلك نهتم بالصومال كجزء من الأمن القومي العربي وكجزء من الأمن الوطني لعدد من الدول العربية التي تشاطئ خليج عدن شمالا، بينما الصومال يشاطئ خليج عدن جنوبا، وبدون استقرار هذه المنطقة ستتأثر الدول العربية سلبا. كثير من الدول العالمية مهتمة بمسألة القرصنة في الصومال ومسألة الإرهاب، لكن نحن نقول نهتم بالشعب الصومالي نفسه، نهتم بأمن الشعب الصومالي واقتصاد الشعب الصومالي وثروة الشعب الصومالي، لو قدمنا مساعدة للشعب الصومالي لانتهت مسألة القرصنة تماما بجهود وسواعد الصوماليين أنفسهم، قمنا بتوفير المدارس والمستشفات وتوفير الخدمات للشعب الصومالي. كثير من الخلل الذي حدث بالصومال حدث بسبب الفجوة التلعيمية التي حدثت؛ لذلك ينصب جزء كبير من الاهتمام العربي في قطاع التعليم، لو استقام قطاع التعليم في الصومال ستستقيم القطاعات الأخرى إن شاء الله. وأيضا نحن كجامعة الدول العربية نهتم بالمصالحة بين جميع مكونات الشعب الصومالي؛ لان الصومال بطيعته وتشكيلته محتاج إلى وحدة وطنية حقيقية وتصالح بين كل المكونات الاجتماعية الصومالية. باسم بعثة الجامعة العربية نشيد بالإعلام الصومالي صوت الصومال والصومال الجديد، أنتم المرآة. عملنا دورة تدريبية لصحفيين صوماليين في عام2011، لاننا نعرف مدى أهمية الإعلام في الزمن الراهن، هذا الإعلام هو الذي نقل صورة مغايرة عن الصومال، بينما الإعلام الدولي يتحدث عن القرصنة والمجاعة والإرهاب.
الصومال الجديد: بصفتك رئيس مكتب الجامعة العربية كيف تقيم الوضع السياسي والأمني للصومال حاليا؟
السفير محمد إدريس: هناك انتعاش في مجال المواصلات وانتعاش في مجال العقارات وفي مجال الفنادق والطيران، عندما أتيت إلى الصومال في عام 2011 كان هناك رحلتان في الأسبوع فقط، أما الآن فمطار مقديشو لا يسع للطائرات. لا يعرف تقييم الوضع إلا بالمقاربة، مقارنة عام 2017 بعام 2016، ومقارنة عام 2016 بعام 2015. بهذه المقارنة تستطيع أن نقول إن الصومال تحرك من مربع إلى مربع أفضل، من مربع عدم الاستقرار إلى مربع أخر أفضل استقرارا وأكثر استشرافا في المسقبل. في المجال السياسي هناك تطور في الانتخابات، لو تنظر عام 2012 كان هناك 135زعيم قبلي يختارون أعضاء مجلس الشعب، أما الآن فتم التطوير، هناك كلية انتخابية تتكون من 51 شخص لكل نائب، تمهيدا لعملية انتخابية حرة مباشرة على أساس صوت لكل شخص في 2020، عندها سيحصل التحول السياسي والديمقراطي للصومال بنشوء الإحزاب السياسية، وسيخرج الصومال من المحاصصات القبلية وستكون الأحزاب السياسية التي تمثل الصوماليين في داخل االبرلمان ومجلس الشيوخ.
الصومال أيضا غني بالموارد والإنسان المنتج، لو قارنت الصومال بعدد من الدول الأخرى العربية والأفريقية تجد أن المرأة الصومالية منتجة، المرأة الصومالية تعمل في كل المجالات ما يميز الصومال عن الآخرين. في الوقت الذي نجد فيه كثيرا من النساء في عدد من الدول يخلدن للراحة والنوم، فالمرأة الصومالية في الشوارع تبيع اللحم تبيع القات تبيع الملابس تبيع الطعام، فقيمة الصومال الحقيقية في الإنسان المنتج، والإنسان المنتج بين يديه الموارد الزراعية والثروة الحيوانية والثروة السمكية ولاحقا الثروة المعدنية إن شاء الله، فهذا الإنسان إذا حصل توفير الأمن وتوفير الاسقترار يستطيع أن يطور هذه الموارد، ويستطع الصومال أن يصير دولة مانحة خلال سنوات قليلة، كما كان في السابق، بينما الصومال يتلقى اليوم المساعدات. الصومال الآن يعود وبقوة للخارطة الإقليمية والخارطة الدولية، نحن مهمتنا كجامعة الدول العربية أن نضمن أن يرجع الصومال لوضعه الطبيعي على المستويين الإقليمي والدولي، والشعب الصومالي والقيادت الصومالية كفيلة بإعادة الصومال للخارطة وكفيلة بتحقيق الأمن والاستقرار والمصالحة الشاملة.