حصاد 2022 سجل حافل بالإنجازات والمحطات المهمة للصومال
الصومال الجديد
آخر تحديث: 6/01/2023
القاهرة: صفاء عزب
شهدت الساحة الصومالية تطورات مهمة وأحداث مفصلية على مدار عام 2022 ساهمت في تحقيق إنجازات كبيرة على كافة الأصعدة، واقتراب البلاد من حالة الاستقرار المنشود بعد فترة طويلة من الأزمات المتصاعدة والتوتر المثير للقلق والحذر.
على الرغم من أن السنة الماضية قد بدأت بأحداث ساخنة تمثلت في محاولات الرئيس السابق محمد عبدالله فرماجو التمديد في الرئاسة بالمماطلة في موعد الانتخابات بعد فشله في تحقيق ذلك عبر مجلس الشعب وما صاحب تلك المحاولات من تصعيد خطير للأحداث في البلاد كاد أن يدخلها إلى منعطف شديد الخطورة، مما دفع مؤسسات وأطرافا دولية لدعوة الصوماليين إلى ضبط النفس، إلا أن تلك السنة نفسها هي التي شهدت حدوث انفراجة للأزمة السياسية الصومالية المزمنة وما تبعها من إتمام لكافة الاستحقاقات السياسية وفقا لما ينص عليه الدستور ليعبر الصومال وشعبه إلى بر الأمان بعد استكمال انتخابات البرلمان. وكان أهم وأكبر الإنجازات السياسية التي شملها حصاد عام 2022 هو نجاح الشعب الصومالي ونوابه في إجراء الانتخابات الرئاسية في عرس ديمقراطي شفاف أثمر عن تولي الدكتور حسن شيخ محمود مقاليد الحكم للمرة الثانية رئيسا للبلاد وسط حالة من التوافق الطيب حول شخصه وهو ما أدى إلى حدوث تطورات كبيرة إيجابية في الأجواء الصومالية على كافة الأصعدة ساهمت في إرساء مناخ الاستقرار المؤسسي متمثلا في تعيين رئيس الوزراء وكبار المسؤولين والاهتمام بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بهدف كفالة استبباب الأمن والاستقرار في البلاد.
وعلى الصعيد الأمني شهد عام 2022 تحولات مهمة في محاربة الإرهاب ومواجهة قوى العنف والإجرام بشكل جاد وحاسم بالتوافق مع رؤية القيادة السياسية والإدارة الصومالية بضرورة اتخاذ الإجراءات الصارمة ضد مرتكبي الجرائم ممن يمارسون الإرهاب على الشعب الصومالي وذلك عن طريق القيام بحملات عسكرية ضدهم وتطهير الأراضي الصومالية منهم. هذا وقد شاركت كل مؤسسات الدولة الصومالية في هذه الحملات تأكيدا على وحدة الصف والتوافق الجمعي على التعاون في هذا الأمر بما في ذلك الأجهزة الشرطية والعسكرية والمخابراتية والتي نجحت في القيام بالعديد من العمليات النوعية التي ساهمت في الإضافة لإنجازات وحصاد العام المنقضي. واتسمت هذه العمليات بالتلاحم البارز بين المؤسسات الحكومية والقيادات الشعبية في التكاتف والتعاضد في مواجهة قوى الإرهاب، حيث شهدت مناطق صومالية متعددة في شتى الأنحاء معارك شرسة قادتها القوات الحكومية المتحالفة مع مليشيات العشائر ضد مقاتلي حركة الشباب. كما نجحت الشرطة في القبض على تنظيم عصابي يمارس جرائم السرقة والمخدرات والسطو المسلح ضد الأبرياء، في بادرة أمنية إيجابية تحسب للمسؤولين الصوماليين وتضاف لسجل العام الماضي
وعلى الرغم من وقوع جرائم إرهابية شديدة الخطورة في الصومال قبل وبعد تولي الرئيس شيخ محمود السلطة في محاولة لتقويض حكمه وعرقلته وإثنائه عن القيام بمهامه نحو تحقيق الاستقرار في بلاده، إلا أن المؤسسات الصومالية على اختلافها نجحت في توجيه ضربات قاسية ومؤثرة للإرهابيين، ويحفل سجل عام 2022 بالإنجازات الكبرى في هذا الصدد وما صاحبها من تطهير مناطق كبيرة من براثن الإرهاب واستردادها.
كما شهدت سنة 2022 اتخاذ الحكومة الصومالية لإجراءات صارمة لتقويض وتقييد جماعات العنف وتقليص نشاطها بخلاف التعامل الأمني معها. وفي هذا الإطار أعلنت الحكومة الصومالية أنها قامت بتجميد الحسابات لحركة الشباب في شبكات التحويلات المالية والبنوك في البلاد وذلك كجزء من قرار الحكومة بخنق الموارد المالية للتنظيم. كما قامت الأجهزة المعنية أيضا بحجب العشرات من حسابات حركة الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى ذكر العنف والإرهاب، شهدت منطقة المياه الصومالية تراجعا كبيرا في ظاهرة القرصنة التي كانت منتشرة قبالة السواحل الصومالية وتهدد الأمن المائي والتجارة العالمية، حيث أكدت مجموعة من ست منظمات ملاحية دولية، بما في ذلك الغرفة الدولية للملاحة (ICS ، أن المحيط الهندي لن يعد منطقة شديدة الخطورة اعتبارا من أوائل العام الجديد الأمر الذي يعد من المحطات المهمة والمضيئة في سنة 2022.
يضاف إلى حصاد العام المنقضي إنجاز سياسي آخر ذو طبيعة قانونية متمثل في مكافحة إدارة الرئيس شيخ محمود للفساد والفاسدين حيث أعلن الرئيس الصومالي حل مفوضية الخدمة القضائية وهيئة مكافحة الفساد وتعيين لجان جديدة وفق المادة 71 من الدستور الصومالي المؤقت كما تم إلغاء جميع قرارات اللجنتين المنحلتين اللتين تم تشكيلهما خلال فترة الرئيس السابق فرماجو، حيث كان مجلس الشيوخ الصومالي قد أصدر العام الماضي وثيقة تعارض تعيين تلك اللجان مشيرا إلي أن اختيارها لم يتم وفق أحكام الدستور. وفي نفس الإطار أكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي التزام حكومته بالقضاء على الفساد وذلك أثناء المشاركة في فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد.
من بين الأحداث السياسية الداخلية المهمة خلال عام 2022 اجتماعات المجلس الاستشاري الوطني في مقديشو والتي تناولت كيفية الإسراع بجهود إنقاذ الشعب الصومالي الذي تضرر بشدة من الجفاف، بجانب القضايا الأمنية في البلاد.
وشهد عام 2022 انفتاحا كبيرا للصومال على العالم واتساع دائرة علاقاته مع الأشقاء العرب والجيران المقربين في إقليم القرن الإفريقي والأصدقاء المتعاونين في مختلف أنحاء العالم، وذلك بفضل السياسة الحكيمة الرشيدة للرئيس شيخ محمود والتي نجح من خلالها في إذابة جليد العزلة المفروض على الصومال لفترة طويلة وبث الدفء والحرارة في علاقاته الدولية والحرص على تقديم صورة منصفة للشعب الصومالي ودولة الصومال أمام العالم. ونجح شيخ محمود في هذا الأمر منذ أول يوم لتوليه الحكم بل من اللحظة الأولى عندما استجاب زعماء كثر من مختلف الدول لدعوة الصومال الرسمية لحضور مراسم تنصيب الرئيس شيخ محمود والتي كانت فرصة لاستعادة علاقة الصومال بالعديد من دول المنطقة. وهو ما أكدته الجولات المكوكية المتعددة التي أجراها الرئيس الصومالي خلال العام الماضي ودونتها سجلاته الرسمية والتي بدأها بدولة الإمارات العربية المتحدة تأكيدا على قوة العلاقة بين الدولتين بعد تبديد غيوم الخلافات التي نشبت خلال حكم فرماجو.
واستطاع الرئيس شيخ محمود أن يقوم بعدد كبير من الزيارات الرسمية حرصا على تواجد الصومال بقوة في المحافل الدولية سواء كانت عربية أو إقليمية إفريقية أو أجنبية عالمية. وقد أثمرت هذه التحركات النشطة للرئيس الصومالي عن العديد من الاتفاقيات الخاصة بالتعاون والمساهمات التمويلية والمنح والقروض التي تهدف إلى ضخ تمويل إضافي لتغذية الموازنة العامة للدولة بما يمكنها من تقديم الخدمات وتوفير الاحتياجات الأساسية للشعب الصومالي.
ومن بين أهم الزيارات التي أجراها الرئيس الصومالي هي زيارته لإريتريا بعد توليه مقاليد الحكم مباشرة وطمأن الشعب الصومالي من خلالها على مصير أبنائه الجنود الموجودين هناك للتدريب وهو ما كان خطوة مهمة في تحسين العلاقات مع أسمرة، وساهم في فتح المجال لعودة أولئك الجنود لأوطانهم والقيام بدورهم نحوه. كما كان من أهم الانجازات التي شهدتها سنة 2022 قرار الإدارة الأمريكية بعودة قواتها للمنطقة لدعم القوات الصومالية في مهمتها الأمنية في مواجهة الإرهاب إلى جانب القوات الإفريقية. ولقد جاءت هذه القرارات بعد جهود كبيرة للإدارة الصومالية ولقاءات متكررة مع المسؤولين الأمريكيين للعودة عن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب بسحب قوات بلاده من الصومال. كما أثمرت هذه الجهود أيضا عن نجاح الصومال في الحصول على دعم وتأييد دولي في معركته ضد الإرهاب وزيادة حجم التعاون مع دول الجوار خاصة في المجالات الامنية.
كما نجح الرئيس الصومالي في طرح هموم بلاده وقضاياه الحيوية أمام المحافل الدولية ومنها الأمم المتحدة واجتماعات قمة مجموعة شرق إفريقيا والتي ناقش خلالها قضية انضمام بلاده إلى المجموعة بما يبشر بقرب تحقيق هذا المطلب. وشارك شيخ محمود في قمة تغير المناخ العالمية بمصر وشرح قضية بلاده وتأثير التغيرات المناخية السلبي على الصومال وما أصابه من مجاعات وأزمات خطيرة. كما شارك في القمة العربية بالجزائر.
على الصعيد الاقتصادي حقق الصومال إنجازات مهمة خلال العام 2022 كان في مقدمتها عقد المؤتمر الاقتصادي الدولي الكبير بمقديشو لدعم الاستثمار الأجنبي في البلاد وتسليط الضوء على المزايا والمقدرات الكبرى التي يتمتع بها الصومال لجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم.
كان البنك الدولي قد أعلن موافقته على تقديم منحة قدرها 70 مليون دولار أمريكي من المؤسسة الدولية التابعة له للمجتمعات الريفية في المناطق الجافة في الصومال وذلك لتطوير الخدمات المائية والزراعية والبيئية. كما أعلنت بعثة صندوق النقد الدولي بالصومال أن الصندوق توصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مقديشو يسمح بالإفراج عن نحو عشرة ملايين دولار للدولة. يضاف لذلك مساهمات دول أوروبية لدعم الاقتصاد الصومالي.
من المحطات الاقتصادية المهمة عام 2022 دخول الصومال لعصر النفط بعد موافقة الحكومة الصومالية على الصفقة مع شركة كوستلاين لاستكشاف النفط بما يعد بداية جديدة لعصر جديد اكثر ازدهارا.