جيبوتي – عـادت أجـواء التـوتر إلى المناطـق الحـدودية في محـافظتي تجـورة وأبـخ شمـالي جيبـوتي، بفعـل تصعيـد جبهـة استعـادة الوحـدة والديمقـراطية (FRUD) هجمـاتها العسكـرية ضـد القـوات المسلحـة والمصـالح الحكـومية في المنطقـة.

وشهد العـديد من المناطـق الحـدودية مؤخـراً تصـاعد وتيـرة العمليـات العسكـرية التي تشنها الجبهة المسلحة؛ التي تتخذ من اريتريا مقرا لها، وآخـرها ذلك الهجـوم الذي وقـع في شمـال البـلاد، مسـاء الثـلاثاء 5/6/2018م، وخلـف خسـائر ماديـة جسيمـة دون أن يسفـر عـن وقـوع ضحـايا في الأرواح.

وأثـارت عـودة التـوتر مجـدداً إلى تلك المنطقـة مخـاوف كبيـرة حـول قضيـة النـزاع الجيبـوتي الإريتـري، وإمكانيـة تجـدد المواجهـات العسكـرية بيـن البـلدين خاصـة في ظـل التصعيـد المتبـادل.

التصعيـد الإعـلامي:

سـارعت حكـومة جيبـوتي إلى اتهمـام النظـام الإريتـري بالوقـوف وراء تلك العمليـات “التخـريبية” بهـدف إعـاقة الجهـود التنمـوية في المنطقـة. وأدانـت وزارة الداخليـة الجيبـوتية –في بيان صحفي أصدرته عقب الهجوم- بشـدة، الهجوم الذي وصفته بـ”العمـل التخـريبي”، وقـد حمـلت الداخلية الجيبوتية المسـؤولية الكاملـة على عنـاصر قالت إنهم مرتزقـة تخـدم الديكتاتـور أسيـاس أفـورقي، في إشـارة واضحـة إلى جبهـة (FRUD) المناوئـة لحكـومة جيبـوتي.

وبشـأن الخسـائر التي خلفهـا الهجـوم، أوضـح البيـان أن المرتزقـة قامـوا بإحـراق آليـات ثقيلـة للأشغـال العامـة كانـت تستخـدم لإنجـاز مشـروع بنـاء طـريق يربط بين منطقتي تجـورة وبلحـو، كمـا أسفـر الهجـوم أيضـاً عـن تدميـر عـدد من الحفـارات المستخـدمة لإنجـاز الآبـار، بالإضـافة إلى صهـاريج نقـل ميـاه الشـرب إلى المناطـق النائيـة، فضـلاً عن سيـارات مدنيـة وعسكـرية مخصصـة لنقـل الركـاب إلى المناطـق الريفيـة.

وأكـد البيـان أن حكـومة جيبـوتي ستتخـذ جميـع الإجـراءات للتصـدى لمثـل هـذه “الأعمـال التخـريبية”، كمـا شددت على أنها ستمضـي قـدماً في سيـاساتهـا لتنميـة المناطـق الشماليـة، والعمـل من أجـل رفاهيـة مواطنيهـا.

وأشـار البيـان إلى أن تحقيـق السـلام الدائـم والتنميـة في الإقليـم سيظـل أمـراً مستحيـلاً طالمـا يستمـر النظـام الإريتـري في تسليـح المرتزقـة لزعـزعة استقـرار دول المنطقـة.

موقـف الجبهـة:

ومن جانبهـا نفـت جبهـة (FRUD) اتهـامات السلطـات الجيبـوتية حـول ضـلوع عنـاصرها بالهجـوم المذكـور، ونقـلت جـريدة “السـلام” المحليـة الإلكتـرونية، عـن رئيـس الجبهـة محمد كعدمي قـوله: إن اتهـام الحكـومة للجبهـة بتنفيـذ هـذا العمـل، هـو اتهـام باطـل لا أسـاس له من الصحـة، متهما الحكـومة الجيبوتية نفسهـا بالوقوف وراء تلك الأعمـال التخـريبية، مشيرا إلى أن الرئيـس جيلـه يعتبـر سكـان هـذه المنطقـة عـدواً لنظـامه على حد تعبيره.

وفي إجـابتـه على سـؤال “الجـريدة” حـول نوعيـة الرسـالة التي تـريد الحكـومة إرسـالها من خـلال هـذه الحادثـة، رد رئيـس الجبهـة قائلا “إن حكـومة جيبـوتي كما يبـدو متوجسـة من بـوادر انفـراج النـزاع الحـدودي بيـن إثيـوبيا وإريتـريا، لهـذا تسعـى إلى خلـق المشاكـل وإثـارة البلبلـة من خـلال زعـزعة الأمـن والاستقـرار في المناطـق الحـدوديـة”.

الموقـف الإريتـري من هـذه التطـورات:
فيمـا لم يصـدر من الحكـومة الإريتـرية أي تصـريحات رسمـية بشـأن التوضيـح عن موقفهـا من الحادثـة أو الـرد على الاتهـامات الموجهـة إليهـا، لكن مصـدرا رفيـعا بالمعـارضة الجيبـوتية أفاد بأن موقـف إريتـريا بدعـم المعارضـة المسلحـة هـو أمـر ثابـت، ولا يمكـن أن يتغيـر بمثـل هـذه الاتهـامات المتكـررة التي توجـه إليهـا من حيـن لآخـر.

تجـذر الإشـارة إلى أن الرئيـس الإريتـري خـلال لقائـه مـع الوفـد الأمريكـي بقيـادة الأميـن المسـاعد للخارجيـة الأمريكيـة المكلـف بالشـؤون الإفريقيـة، الذي زار أسمـرة للفتـرة ما بيـن 23 و 25 أبـريل الماضـي، قـال بوضـوح: “إنه لا يمكـن احـلال السـلام والأمـن في منطقـة البحـر الأحمـر وباب المنـدب دون التوصـل إلى إتفـاق سـلام مـع جبهـة (FRUD) المعارضـة للنظـام الجيبـوتي”.

ووفقـاً لما نشـرته صحيفـة (المحيـط الهنـدي) الفرنسيـة في عـددها (1474) الصـادر يوم الجمعـة 8/6/2018م، فإن المباحثـات التي أجـراها الوفـد الأمريكـي مـع الرئيـس أفـورقي، تركـزت على قضيـة أمـن باب المنـدب والحـرب على الإرهـاب.

وبحـسب المصـدر فإن الرئيـس أفـورقي قـد أبلـغ الجـانب الأمريكـي ضـرورة اشـراك الجبهـة في أية محـادثات متعلـقة بأمـن واستقـرار المنطقـة.