تنبؤات الاستحقاق الرئاسي في الصومال وهبوب رياح التغيير
محمد رشيد
آخر تحديث: 18/01/2017
تشكل برلمان يتكون من غرفتين لأول مرة في تاريخ الصومال، وهما مجلس الشعب الذي انتخب رئاسته الأسبوع الماضي، ومجلس الشيوخ الذي من المقرر أن ينتخب رئاسته أيضا في الأسبوع القادم، وبعد ذلك ستنعقد الانتخابات الرئاسية والتي تأجلت أكثر من مرة وكان المواطنون الصوماليون ينتظرونها بفارغ الصبر منذ شهر سبتمر عام 2016 الماضي.
هناك أكثر من 20 سياسيا سيشاركون في السباق الرئاسي المقبل، إلا ان حظوظ المرشحين بالفوز بالرئاسة تتفاوت، نظرا لعوامل مختلفة، منها تأيثرهم السياسي وعلاقاتهم مع المجتمع المحلي والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى الدعوات المتزايدة إلى التغيير والتي تأتي من قبل المواطنين الصوماليين وكذلك من بعض الكتل البرلمانية؛ والتي أبرزت مؤخرا قدرتها على إحداث التغيير.
وفيما يلي نلقي نظرة على أبرز المرشحين الرئاسيين. وعندما نصف المرشح بالبارز، فنبني ذلك على احتمالية تجاوزه إلى الجولة الثانية من الانتخابات، من خلال التركيز على امكانياته المادية أو أدواره السياسية أو الاجتماعية السابقة وعلاقاته مع المجتمع الصومالي بشكل عام ونواب البرلمان بشكل خاص، وكذلك علاقاته مع الولايات الإقليمية.
1. حسن شيخ محمود
على الرغم من أن رئيس الصومال المنتهية ولايته والمرشح الرئاسي حسن شيخ محمود كان يعتبر واحدا من أبرز المرشحين الرئاسيين، إلا أن هذه الفكرة بدأت تتضائل وتذوب مع هزيمة زميله وذارعه الأيمن النائب فارح شيخ عبد القادر؛ والذي لم يحصل في انتخابات النائب الأول لرئيس مجلس الشعب الصومالي سوى 94 صوتا في الجولتين الانتخابيتين الأولى والثانية مقابل 111 صوتا لمنافسه عبد الولي شيخ إبراهيم مودي في الجولة الأولى والفائز بالمنصب بحصوله على 161 صوتا في الجولة الثانية.
بالحقيقة كان الكثير من المحللين لا يتوقعون الهزيمة السياسية لعبد القادر بهذه الصورة نظرا لما كان يشيعه تيار “الدم الجديد” من أن له نفوذا كبيرا في مجلس الشعب إلا أن ذلك تبخر، ويتوقع كثيرون أن يواجه الرئيس حسن شيخ الذي يعتمد على الكتلة التي كانت تدعم المذكور نفس المصير، ولولا تلك الهزيمة لواصل التيار تضليله الرأي العام بقوة سياسية وهمية عبر وسائل الإعلام.
2. عمر عبد الرشيد
أما رئيس الوزراء المنتهية ولايته والمرشح الرئاسي عمر عبد الرشيد فيعد من المرشحين البارزين، ويتسم هذا المرشح بالمرونة السياسية، وشغل فترتين منصب رئيس الوزراء. وتتمثل التحديات أمام حلمه السياسي في كونه جزءا من الحكومة المنتهية ولايتها؛ والتي اتهمت بالفساد والتلاعب بممتلكات وثروة الدولة، ومعلوم أن موظفي الدولة المدنيين والجنود الحكوميين لم يتقاضوا مرتباتهم أكثر من تسعة أشهر. وتذهب التحليلات إلى أن رياح التغيير التي تهب من صوب الاتجاه المعاكس ستجتاح القيادة المنتهية ولايتها بدون استثناء؛ والتي كما يبدو تعتمد على العامل المادي دون غيره من العوامل المؤثرة في الانتخابات، مع أن التجارب الأخيرة أظهرت أن صاحب الامكانيات المادية مهما كان حجمها لا يستطيع مقاومة رياح التغيير إذا هبت.
3. جبريل إبرهيم عبد الله
يعتبر هذا المرشح أبرز قادة منظمات المجتمع المدني في الصومال، وعمل في مجال السلام والتنمية والمصالحة خلال العشرين سنة الماضية أثناء ترؤسه مركز البحوث والحوار الصومالي. ويحظي جبريل بعلاقات واسعة مع مكونات الشعب الصومالي والمجتمع الدولي، ولذلك تردد اسمه في الفترة الأخيرة في وسائل الإعلام الصومالية. وهذا المرشح السياسي هو الذي أطلق حملة التغيير الجارية من خلال مقالة نشرها في الخامس من شهر ديسمبر الماضي في موقع هافينغتون بوست عربي تحت عنوان: الصومال: الحاجة إلى التغيير. وكما يبدو فإن مشروع التغيير الذي روج له المرشح جبريل حظي بتأييد طيف كبير من أعضاء البرلمان الصومالي؛ الذين يتوقع أن يحققوا ذلك التغيير في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتمكن حظوظ هذا المرشح في العوامل التالية:
• دور الشباب: انضم عدد من الكبير من الشباب الصوماليين والناشطين في منظمات المجتمع المدني إلى البرلمان الصومالي؛ وأظهر هؤلاء الشباب في البرلمان هويتهم الوطنية، من خلال توجيه أسئلة ساخنة إلى المرشحين في انتخابات رئاسة البرلمان أثناء حملاتهم الانتخابية، وكان جل أسئلتهم يدور حول ما ذا قدم المرشح سابقا للوطن وما سيقدمه في المستقبل إذا فاز. وبإمكان المرشح جبريل -الذي يعد من الفئة الشابة- استقطاب هذه الفئة من البرلمان؛ والتي بالطبع من طموحاتها إحداث تغيير إيجابي ملحوظ في الوطن على أيدي الشباب الصوماليين الذين يمثلون 70% من سكان الوطن.
• الدعوات إلى التغيير: ازدادات الأصوات المطالبة بالتغيير في الآونة الأخيرة، سواء كانت هذه الأصوات من قبل المواطنين الصوماليين أو من قبل أعضاء البرلمان. فقد أعلن النائب عبد الرشيد حدغ -الذي خسر في انتخابات رئيس مجلس الشعب- عن تكوين كتلة برلمانية تسعى إلى التغيير وتتكون من 99 نائبا، وأطلق حدغ علي نفسه “زعيم دعاة التغيير” وذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين في مقديشو مؤخرا، وبما أن التغيير هو مطالبة وجه جديد، فهناك وجوه سياسية مختلفة، إلا أن التجارب السابقة لهؤلاء المرشحين وعلاقتهم مع مكونات الشعب وأعضاء البرلمان هي التي ستقرر من سيكون رئيس الجمهورية في المستقبل القريب على أرجح التحليلات وفق المعطيات الراهنة. والجدير بالذكر أن المرشح جبريل حقق إنجازات ملموسة يشهدها له الصوماليون في مجال السلام والمصالحة، ومن هنا تكونت له علاقات وطيدة مع مكونات الشعب الصومالي والسياسيين، ويمكن وصف جبريل بأنه المرشح الوحيد الذي استقبل أكثر من 100 نائب صومالي حتى الآن من أقاليم مختلفة في اجتماع واحد ليشرح لهم برنامجه السياسي؛ وذلك من خلال مأدبة عشاء أقامها على شرف هؤلاء النواب بداية الأسبوع االجاري.
• دور الولايات الإقليمية: عقدت الانتخابات النيابية الصومالية في عواصم الولايات الإقليمية بالبلاد، ويعتقد أن الولايات الإقليمية لها تأثير على البرلمان الحالي. ويحظي المرشح جبريل بعلاقات مع الأقاليم الصومالية قبل وبعد ترشحه، وذلك من خلال جهوده التصالحيه بين القبائل الصومالية في الأقاليم. أما بعد ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية، فقام هذا المرشح بجولة مكوكية إلى الأقاليم الصومالية، التقى خلالها قادة الولايات ورموز سكان الأقاليم. ويجري المرشح جبريل سلسلة لقاءات مع نواب البرلمان، مما أدى إلى توجه أنظار الصحافة المحلية في الفترة الأخيرة إلى حملته الانتخابية.
4. مرشحون آخرون
هناك مرشحون يمكن ضمهم إلى المرشحين البارزين بشكل أو بآخر، ومن هؤلاء المرشحين على سبيل المثال رئيس الصومال السابق شريف شيخ أحمد ورئيس الوزراء الأسبق محمد عبد الله فرماجو وغيرهما، إلا أن هؤلاء المرشحين رغم وجود فرص لهم فإنهم يواجهون في نفس الوقت تحديات يمكن أن تصبح سببا في فشل برنامجهم السياسي. ومن أهم هذه التحديات علاقاتهم مع الولايات الإقليمية والتي كان لها تأثير كبير في انتخابات أعضاء البرلمان الجديد؛ الذين يعتبرون الفاعلين الحقيقين وأصحاب الصوت. كما أن بعض هؤلاء المرشحين ينتمون إلى تيارات إسلامية تتخوف منها القوى الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى ذلك فإن بعض هؤلاء المرشحين يمكن ان تصطدم سياساتهم مع سياسات المجتمع الدولي الذي يعتبر داعما رئيسيا للصومال؛ الذي لا يستطيع في الوقت الراهن القيام على قدميه. ومعلوم أن ممثل الأمم المتحدة لدى الصومال ميكال كيتينج شدد مؤخرا في رسالة بعثها إلى المرشحين الرئاسيين على ضرورة أن يكون الرئيس المنتخب شخصية قادرة على استعادة كرامة الصومال وتعزيز العلاقات مع دول العالم وثقة المجتمع الدولي.