تمديد الفترة الرئاسية لرؤساء الولايات الإقليمية .. بين المصلحة السياسية والشّرعية الدّستورية
الصومال الجديد
آخر تحديث: 14/09/2022
وافق برلمان ولاية غلمذغ وسط الصومال على اقتراح بتمديد الفترة الرئاسية للرئيس الحالي لمدة عام، لينضم بذلك إلى برلمانات ولايات: جنوب غرب الصومال، هيرشبيلي، وجوبالاند، الّذين صادقوا في فترات سابقة على مقترح مماثل للمقترح الّذي صادق عليه برلمان ولاية غلمذغ أمس الثلاثاء الـ 13/سبتمبر_أيلول/2022م.
وقد أثارت هذه الموجة تساؤلات بين النخب السياسية والشرائح الاجتماعية حول مدى موافقتها للدّستور الصومالي وخدمتها للمصالح الوطنية السياسية والأمنية والتنموية.
ينص الدّستور الصومالي المؤقت في مادتة 91 أن مدّة حكم الرئيس الصومالي تتقيّد بـ 4 سنوات تبدأ من اليوم الّذي يؤدّي فيه القسم، بينما ينص في مادته 120 أن تشكيل الفروع التّشريعية والتنفيذية لإدارات الولايات الأعضاء في الدّولة الفيدرالية هي أمور يتم تنظيمها في دساتير الولايات التي يجب من حيث المبدأ: التوفيق بين دستور الدولة الفيدرالية ودستور الولايات الأعضاء في الدّولة الفيدرالية، حسبما تنصه المادة 121 من الدستور الصومالي المؤقت.
وبناء على هذا، كانت جميع دساتير الولايات الإقليمية -ما عدا ولاية بونتلاند التي وضعت دستورها قبل الدّستور الفيدرالي- تحدّد مدة رئاسة الرئيس للولاية في 4 سنوات، تماما كالفترة المحدّدة لرئيس الجمهورية، أما دستور بونتلاند فقد كان ينص على أن الفترة الرئاسية لرئيس الولاية هي 5 سنوات، وهو من المواضيع التي تم تأجيل نقاشها لأجل غير مسمى عند كتابة مسودّة الدستور الصومالي الانتقالي الحالي!
إن الخطوات التي أقدمت عليها برلمانات الولايات الإقليمية، لتشكل تحدّيا سياسيا ودستوريا، تواجه الحكومة الفيدرالية التي لم تعلّق بعد بشكل رسمي وقاطع على هذه التّصرفات، ذلك، أن التمديد الإداري الّذي صادقت عليه هذه البرلمانات الإقليمية قد يمهّد لخلاف سياسي جديد داخل المكونات السياسية والاجتماعية في الولاية الواحدة من جانب، وبينها وبين الحكومة المركزية من جانب آخر، قد يتطوّر إلى أزمة أمنية معقّدة، طهرت إرهاصاتها في وقت مبكر، حيث إن هناك أصوات معتبرة في كل من ولايتي جوبالاند وجنوب غرب الصومال ترفض هذا القرار وتحذّر من التوجه نحو هذا الاتجاه الشائك الّذي قد ينتهي إلى النزاع والشقاق حسبما يقوله المتابعون.
يرى محللون أن استمرار صمت الحكومة الفيدرالية إزاء هذه القضية وعدم التعليق عليها، من شأنه أن يفاقم الأزمة، وبالتالي يتسبب في تعطيل دورها القيادي في توجيه السياسة الداخلية وتنظيمها، لكونها المخوّلة بحفظ النظام العام في البلاد واحترام دستور البلاد وقوانينه وتشريعاته الأخرى.
وتتعدّد التفسيرات حول دوافع الولايات الإقليمية نحو هذا الاتجاه، وإن كان يأتي حب السلطة والبقاء في المنصب لمدّة طويلة، في صدارة هذه التفسيرات، كما أن هناك تفسير آخر، يضع هذه الخطوة في خانة سعي البعض إلى إزالة الفوارق بين الولايات الإقليمية وتجاوز الامتيازات التي منحتها الظروف بعض الولايات الإقليمية خلال مسيرة إعادة بناء الدولة الصومالي على النهج الفيدرالي الحالي، فتكون هذه الخطوة كورقة ضغط على الحكومة المركزية بدفعها التعامل السوي مع جميع الولايات الإقليمية بدون منح امتيازات لبعض الولايات!
ومهما يكن من دوافع وتفسيرات لهذه الحالة المستجدّة في الصومال، فإنه مما لا شكّ فيه أنّها تشكّل خطرا على الاستقرار السياسي والأمني الهش في البلاد، وتمثل بادرة ومحاولة لانتهاك الدّستور والقوانين الأخرى المعمول بها، كما أنها خروج على الإجماع الوطني حسبما يعتقده كثيرون من أبناء المجتمع الصومالي الّذين يطالبون الحكومة الفيدرالية باتخاذ موقف حاسم يضع حدّا للرغبات الشخصية التي قد تقضي على تجربة التّداول السلمي للسلطة المتعارف عليها في الصومال خلال العقدين الماضيين.