تغييرات سياسية مرتقبة بالإقليم الصومالي في إثيوبيا
عبد الله الفاتح
آخر تحديث: 11/07/2018
يشهد الإقليم الصومالي بإثيوبيا (DDSI) حالة ثورة وغليان سياسي واجتماعي غير مسبوق، ما فتح الباب واسعاً أمام تكهنات بتغييرات جذرية مرتقبة بالإقليم،ليس على مستوى قيادة الحكومة المحلية والحزب الحاكم فحسب، بل على مستوى الخارطة السياسية في الإقليم بشكل عام.
لكن الكثير من الغموض والتعتيم، لا زال يخيم ـ حتى هذه اللحظة ـ على مجمل المشهد السياسي الراهن بالإقليم، وعلى مستقبل رئيس الحكومة السيد/ عبده محمود عمرـ بشكل خاص ـ وسط التضارب الكبير للمعلومات حول حقيقة قبول رئيس الإقليم لطلب الحكومة الفيدرالية الإثيوبية، بالاستقالة من منصبه “طواعية” ونقل السلطة إلى السيدة/ سعاد أحمد فارح التي تشغل منصب النائب الأول لرئيس الإقليم.
وفيما لم يصدر من حكومة الإقليم أي بيان أو تصريح رسمي بهذا الخصوص، أفادت مصادر سياسية مطلعة، بقبول الرئيس عبده محمود عمر، بتنفيذ طلب رئيس الوزراء الإثيوبي أباي أحمد، الذي تضمن بالاستقالة وتسليم مهام السلطة إلى نائبه الأول، وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، وإغلاق السجن المركزي ـ السيئ السمع ـ بمدينة “جكجكا” عاصمة الإقليم الصومالي، بالإضافة إلى تعليق عمليات القوات الأمنية الخاصة التابعة لحكومة الإقليم والمعروفة باسم (Lyue Police).
ومن جهة أخرى أوضحت المصادر ذاتها، أن البيان المفاجئ الذي أصدره رئيس الإقليم مساء أمس الثلاثاء الـ 10 يوليو الجاري، يؤكد قبوله على تطبيق قرار رئيس الوزراء المذكور أعلاه.
بينما أشارالتلفزيون المحلي التابع لحكومة الإقليم (ESTV) إلى أن العفو العام الذي أصدره الرئيس محمود عمر، والذي شمل أكثر من 150 سجيناً، تم إطلاق سراح 118 منهم أمس الثلاثاء، جاء تنفيذاً للوعود التي أعلنها الرئيس منتصف يونيو الماضي، وذلك خلال كلمته بمناسبة عيد الفطر المبارك، حيث تعهد بإطلاق سراح كافة السجناء وإغلاق السجن المركزي وتحويله إلى مسجد.
وفي سياق متصل، كشف قيادي رفيع في “حركة شباب الثورة بإقليم سيتي” أن تلك التغييرات المرتقبة بالإقليم، تأتي ضمن التحولات الكبيرة التي تشهدها إثيوبيا على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، منذ أن تولى رئيس الوزراء أباي أحمد مقاليد الحكم في مطلع أبريل الماضي.
وأشار في الوقت ذاته، إلى أن الإعلان عن إقالة رئيس الإقليم عبدي محمود عمر من منصبه ـ بشكل رسمي ـ ليس إلا مسألة وقت، خاصة بعد استكمال الحكومة الفيدرالية بمناقشة كافة الشكاوى والملاحظات الواردة من داخل الإقليم المتعلقة بممارسات الرئيس عبدي محمود عمر، والجرائم والانتهاكات البشعة التي اتهم عمر بارتكابها منذ توليه للمنصب حتى الآن، مشيراً إلى أن كل الحديث يدور حالياً حول من يخلفه في المنصب، والترتيبات المتعلقة بنقل السلطة بشكل سلمي.
ومن جهة أخرى، أكد المصدر مواصلة قيادات “حركة شباب الثورة” مشاوراتها مع الأطراف السياسية والاجتماعية المحلية، ومع هيئات الحكومة الفيدرالية المعنية، من أجل الوصول إلى رؤية موحدة حول مختلف القضايا الداخلية، ووضع “خارطة طريق” للانتقال السياسي للسلطة.
هذا وكانت الحركة قد عقدت خلال الأيام الماضية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا،سلسلة لقاءات مع مختلف القوى الحزبية الصومالية الداعمة لمطالب الحراك السياسي، إلى جانب العديد من القيادات الاجتماعية الدينية والشبابية والنسوية الفاعلة في الساحة،لبحث مجمل الأوضاع الداخلية والتقييم على كافة التطورات السياسية الراهنة بالإقليم، كما قدمت مقترحاً سياسيا بهذا الخصوص إلى رئيس الوزراء الإثيوبي أباي أحمد علي.
من هو الخليفة المحتمل لرئيس الإقليم؟
هناك حالة من الترقب والقلق تسود الإقليم الصومالي في إثيوبيا، حيث تتوجه كافة الأنظار إلى العاصمة أديس أبابا التي تشهد مشاورات ماراثونية تجريها العديد من الأطراف السياسية الصومالية، من أجل الوصول إلى رؤية سياسية مشتركة حول التغييرات المرتقبة في الإقليم.
ومع الحديث ـ عن المرشح المحتمل لخلافة الرئيس الحالي عبد محمود عمر ـ يبدو سابقاً لأوانه، بحيث أن تلك الأطراف السياسية المحلية لم تحسم المسألة بشكل تام حتى اللحظة، إلا أن بعض التسريبات التي يتم تداولها حالياً في الأوساط السياسية والإعلامية، تدور بقوة حول بعض أسماء المرشحين المحتملين لمنصب رئاسة حكومة الإقليم، وفي مقدمتها:
الدبلوماسي المخضرم السيد/ محمود درر جيدن ـ وزير الثقافة والسياحة بالحكومة الفيدرالية الأسبق، وسفير إثيوبيا السابق لدى جمهورية مصر العربية.
والسيد/ آدم فارح ـ عمدة مدينة “ديريدوى” العاصمة التجارية الإثيوبية، كما سبق له أن تولى العديد من المناصب الوزارية في حكومة الإقليم والحكومة الفيدرالية.
كما يتم تداولها أسماء بعض القيادات السياسية للجبهة الوطنية لتحرير أوغادين (ONLF) المسلحة، من بينهم السيد/ رياله حامد، والسيد/ عبد الكريم شيخ موسى (Qalbi Dhagax) الذي تم افراجه مؤخراً بقرار من رئيس الوزراء الإثيوبي أباي أحمد.
ومن جهة أخرى أثار قرار الحكومة الفيدرالية الإثيوبية الأخير، جدلاً سياسياً واسعاً في الساحة، حول مدى قانونية تدخل الحكومة الفيدرالية في الشؤون الداخلية للإقليم، حيث يرى البعض أن ذلك يشكل انتهاكاً للدستور الفيدرالي.
بينما يؤكد العديد من المراقبين السياسيين، بأن إحداث تغييرات جذرية بالإقليم، أصبحت ضرورة سياسية ملحة، وأن كل الأسباب والمؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية المحيطة بالوضع الحالي داخل الإقليم تفرض جميعاً على حتمية إجراء تغييرات محلية عميقة مماثل لتلك التي تشهدها حالياً الساحة السياسية الإثيوبية، فيما أضاف البعض “بأن الدستور الإثيوبي الحالي يسمح للحكومة المركزية بالتدخل في شؤون الأقاليم الفيدرالية، وذلك لأربع حالات أساسية من بينها:
1. وجود خروقات حقيقية للدستور والقوانين الفيدرالية، و ذلك عند قيام حكومة الإقليم بأعمال غير قانونية تمس بالسيادة والاستقلال أو ما يهدد على الوحدة الوطنية أو الأمن والاستقرار في البلاد، وعند وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والحريات الدستورية.
2. وكذلك عند عجز حكومة الإقليم أوفشلها في إيجاد حل للمشاكل السياسية والاجتماعية والأمنية في الإقليم، وكل ذلك متوفر حالياً في الإقليم الصومالي وأن تدخل الحكومة الفيدرالية يأتي في هذا السياق.