بين التمديد والانقلاب .. ألم يجد فرماجو خيارا آخر لتصحيح مسار الانتخابات؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 1/01/2022
استيقظ سكان العاصمة صباح يوم الإثنين الـ 27/ديسمبر/2021م، على خبر محاولة انقلاب فاشلة، قام بها الــرئيس المنتهية ولايته محمد عبدالله فرماجو، حيث انتشرت قوات عسكرية تابعة له بمحيط مكتب رئيس الوزراء ومقر مجلس الوزراء، لمنع، رئيس الوزراء وأعضاء حكومته من دخول هذه المكاتب بذريعة أن القائم بأعمال رئيس الوزراء محمد حسين روبلي قد فشل في إجراء الانتخابات التي كُلّف بإدارتها، إلى جانب مواجهته لتهم فساد حول نهب أراضي عامة تابعة للقوات المسحلة الصومالية، وخاصة، قوات البحرية الصومالية، مما يستدعي إيقافه عن العمل، ويتطلب من الجميع البحث عن من يحل محله لاستكمال العملية الانتخابية، حسبما جاء في بيانين منفصلين أصدرتهما الرئاسة في يومين متتالين قبل يوم القيام بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
لقيت هذه المحاولة انتقادا واسعا من القوى السياسية المحلية والدولية، لما أحدثت من اضطرابات سياسية وأمنية واسعة في البلاد، حيث بات النظام الحكومي مهدّدا بالتمزق والتصدّع، بسبب انقسام مكوناته في التعامل مع هذا الحدث الطارئ، فبدأت الانقسامات تدب في هيكل الجيش الصومالي، بينما تباينت مواقف الولايات الإقليمية، حيال هذه الحالة المستجدة، فأعلنت كل من بونتلاند وجوبالاند وقوفهما الكامل إلى جانب رئيس الوزراء ودعمهما له في جهوده لاستكمال العملية الانتخابية وتصحيح إجراءاتها، في حين قاطعت ولاية جنوب غرب الصومال مؤتمر المجلس الوطني الاستشاري الذي دعا إليه روبلي قبل هذه التطورات بأيام، معلنة تضامنها مع فرماجو في هذه الأزمة الجديدة، أما ولايتا هيرشبيلى وغلمذغ فقد التزمتا بالصمت وعدم تبني موقف سياسي إزاء هذا الحادث، وبدلا من إصدار تصريحات وبيانات صحفية وصلا إلى العاصمة مقديشو، وأشاعت الحكومة الصومالية بأن المسؤولين وصلا إلى العاصمة مقديشو استجابة لدعوة رئيس الوزراء إلى المشاركة في المؤتمر التشاوري للمجلس الوطني الاستشاري حول استكمال العملية الانتخابية وتصحيح أخطائها وإجراءاتها، كما قال السيد عبد القادر محمد نور وزير الدفاع الصومالي الذي كان ضمن المسؤولين الذين رحبوا بقورقور، رئيس ولاية غلمدغ بمطار آدم عدي أثناء وصوله إلى مقديشو، حيث قال: “لقد استقبلنا في مقديشو أحمد قورقور الذي وصل إلى العاصمة للمشاركة في المؤتمر التشاوري الذي دعا إليه رئيس الوزراء لتصحيح الأخطاء الانتخابية”.
أما مجلس اتحاد المرشحين فقد عبر عن وقوفه إلى جانب رئيس الوزراء في بيان صحفي ندد فيه بمحاولة الانقلاب الفاشلة ودعا إلى إجراء تحقيق فوري حول ملابساتها، ومحاكمة المتورطين فيها.
أما دوليا، فقد تشابهت مواقف أصدقاء الصومال من المجتمع الدولي حول تجدد الخلافات بين رأسي السلطة، حيث أجمعوا على ضرورة الابتعاد عن العنف واللجوء إلى الطرق السلمية لتجاوز الخلافات السياسية المستجدة، مع التشديد على ضرورة الإسراع في استكمال انتخابات نزيهة وذات مصداقية تضمن بالانتقال السلمي للسلطة في البلاد.
غير أن الولايات المتحدة الأمريكية اتخذت مواقف واضحة ومحددة جدا تنصب في صالح دعمها لجهود رئيس الوزراء الصومالي لاستكمال العملية الانتخابية وتصحيح أخطائها حتى تكون نزيهة وذات مصداقية!
ولم تكتف الولايات المتحدة بهذا، بل هددت من سمتهم بمعرقلي مسار الصومال نحو السلام باتخاذ إجراءات صارمة ضدهم، كما دعت الرئيس المنتهية ولايته محمد فرماجو إلى دعم جهود روبلي في استكمال العملية الانتخابية وإعادة تصحيح مسارها وفقا للمبادئ والاتفاقات الانتخابية السابقة المتفق عليها.
يقول محللون، إن فرماجو بمحاولته الأخيرة هذه، أثبت أن ليس في جعبته خيارات سلمية لتصحيح المسار الانتخابي، وأن ما لديه من بدائل وخيارات ينحصر فقط في اللجوء إلى العنف سواء في تمرير تمديد إداري غير دستوري كما حدث في أبريل ٢٠٢١م، أو في محاولة انقلاب عسكري فاشلة كما حدث في ال ٢٧/ديسمبر/٢٠٢١م، ولعل ذلك هو ما دعا البعض إلى الانفضاض عنه، حيث لم يجد في هذه المحاولة الأخيرة أنصارا يتبنون فكره، وهو ما عجل بفشل مشروعه الانقلابي على الشرعية الدستورية والاتفاقيات السياسية المبرمة، إذ إنه كلف رئيس الوزراء في ال ١/مايو/٢٠٢١م، وأمام مجلس الشعب المنتهية ولايته، بإدارة العملية الانتخابية والإشراف عليها أمنيا وسياسيا، وبالتالي ليس أمامه طريق لعرقلة جهود روبلي أو الانقضاض عليها بدعوى فشله في استكمالها، مع العلم بأن فرماجو هو التحدي الأكبر الذي يواجه استكمال العملية الانتخابية وفقا لتصريحات رئيس الوزراء عشية فشل الانقلاب على الشرعية، وهو ما أظهرته بعض نتائج المقاعد النيابية المثيرة للجدل بسبب انتخاب موالين له بطريقة غير قانونية في كل من مقديشو وبيدوة وطوسمريب، إلى جانب تجنب ممثلين عنه في اللجان الانتخابية عن الوسطية والحياد، مما أدى إلى عزلهم وطردهم من هذه اللجان، وتلك كانت نقطة اندلاع الخلافات من جديد بين الرئيس المنتهية ولايته والقائم بأعمال رئيس الوزراء والتي أوصلت البلاد إلى هذه الأوضاع السياسية والأمنية المتأزمة في الوقت الراهن.