بعد أن اجتمع الثلاثي المدمر الجراد والجفاف والفيضانات.. هل من معين للصوماليين؟!
صفاء عزب
آخر تحديث: 25/12/2019
القاهرة- تشهد منطقة شرق إفريقيا وخاصة القرن الإفريقي حالة من عدم الاستقرار المناخي والتقلبات الجوية المصحوبة بمشكلات بيئية خطيرة وعلى رأسها الفيضانات التي أغرقت بلادا عديدا وأصابتها بالضرر الشديد. وفي الصومال كانت الأزمة مستحكمة حيث تجمعت الأزمات معا فبينما يعاني الصوماليون من خطر الجفاف من مناطق عديدة، كادت أقاليم صومالية أن تغرق بسبب الفيضانات الخطيرة التي ضربت البلاد، وازدادت الأزمة استحكاما مع بدء موسم هجرة الجراد وغزوه للصومال وبعض جيرانه ليهدد بخطر فادح يقضي على ما تبقى من الأخضر واليابس هناك. وهو الأمر الذي استدعى منظمات إقليمية وأممية أن تطلق صيحات تحذير ونداءات استغاثة للمجتمع الدولي للمبادرة بمواجهة هذه الأزمات ومساعدة ضحايا هذه المخاطر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، خاصة وأنه يعد الغزو الأسوأ من أسراب الجراد خلال سبعة عقود.
لقد حذر خبراء بمنظمة الفاو “الأغذية والزراعة” من مخاطر انتشار الجراد في الأراضي الزراعية حيث يمكن لسرب واحد منه أن يدمر محاصيل تكفي لإطعام 2500 شخصا على مدار عام. جاء ذلك بعد الهجوم الخطير من أسراب الجراد على الأراضي الصومالية والإثيوبية وتدميرها ما يقرب من 175 ألف فدان بما يعرض غذاء السكان في تلك المناطق للخطر. الأمر الذي دفع مزارعين صوماليين لتوجيه نداءات استغاثة للحكومة والمجتمع الدولي للإسراع بمساعدتهم في حماية ما تبقى من محاصيلهم من غزو الجراد، الذي يعد مشكلة خطيرة سيما مع صعوبة القضاء عليه بالطرق التقليدية برش المبيدات في ظل وجود النزاعات الداخلية والإنقسامات التي تجعل استخدام طائرات الرش فوق تلك المناطق أمرا صعبا.
وما يعمق أزمة الصوماليين تفاقم ظاهرة الطقس القاسي للمحيط الهندي وما يصاحبه من تغيرات مناخية حالية أقوى من أي وقت مضى منذ سنوات الأمر الذي استتبعه وقوع أمطار غزيرة وفيضانات خطيرة بمنطقة القرن الإفريقي تسببت في نزوح العديد من السكان كما حدث في إثيوبيا وجنوب السودان وكذلك الصومال الذي كان له نصيب من هذه المشكلة أيضا ما أدى إلى نزوح ما يقرب من نصف مليون صومالي هربا من مخاطر تلك الأوضاع المناخية الخطيرة.
ومن دواعي الدهشة المصحوبة بالأسى والأسف أن تحدث هذه الفيضانات بالتناوب مع موجات شرسة من الجفاف الذي يضرب الأراضي الصومالية بسبب ندرة ونقص المياه لدرجة خطيرة وهو ما يعصف بالصوماليين ويهدد حياتهم كما حدث على مدار فترات كبيرة سابقة راح ضحيتها الكثيرون. كما تسببت هذه الموجات من الجفاف في تقليص غلة الحصاد بنسبة كبيرة تنعكس سلبا على حياة ومعيشة الصوماليين الذي ساقتهم أقدارهم للوقوع فريسة للجفاف مرة والفيضانات مرة تالية ليكونوا أمام أحد مصيرين إما الموت عطشا أو غرقا وهو ما يستلزم اهتماما أكبر من المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بمواجهة مثل هذه الظواهر وحماية الشعوب من أخطارها.
لقد حذر خبراء من وجود ارتباط بين التغيرات المناخية القاسية التي تشهدها المنطقة وبين ظاهرة غزو الجراد أيضا بهذه الصورة المرعبة وغير المألوفة، وهو الأمر الذي دفع نواب من مجلس الشعب وزراء البيئة في الحكومات الإقليمية وممثلون لإدارة إقليم بنادر ومنظمات المجتمع المدني بالصومال لمناقشة السياسة الوطنية لتغير المناخ وتبادل الآراء حول تلك القضية باعتبارها من أخطر مشكلات دول العالم ومنها الصومال الذي أصبح الأكثر عرضة للتأثر بحالات الجفاف والفيضانات الناجمة عن تلك الظاهرة. وقد أكد أحمد يوسف أحمد مدير عام البيئة وتغير المناخ في مكتب رئيس الوزراء على ضرورة التعاون المشترك حتى يمكن التصدي للآثار الناجمة عن التغيرات المناخية الأخيرة.
لا شك أن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود والتعاون الإقليمي بجانب المشاركة الدولية لرفع المعاناة عن الشعب الصومالي من موجات الطقس السئ التي يتم التحذير من توابعه من فترة لأخرى. وإذا كانت هناك أيادي بيضاء ساهمت ببعض المال لصالح ضحايا هذه الأزمات فإن الأمر لايقف عند ذلك الحد لأن المشكلة لم تنته ولابد من علاجها من جذورها من خلال اتباع الأساليب العلمية في التصدي والحماية قبل وقوع الضحايا وكذلك في تبني دول العالم المتقدمة لمشروعات مفيدة في هذا الصدد تعوض خسائر الصوماليين وتتيح لهم بدائل لحل مشكلاتهم سواء في حالة الجفاف أو السيول، كما يجب التفكير في وسائل لاستغلال فترات الفيضانات حتى يمكن الإستفادة بها في فترات الجفاف.
فهل من مجيب لإنقاذ الصوماليين من معاناتهم!