انعكاسات محاولة الانقلاب في تركيا على الصومال
الصومال الجديد
آخر تحديث: 17/07/2016
اندهش الشعب الصومالي بالإجراءات المفاجئة والمتتالية التي اتخذتها الحكومة الصومالية تضامنا مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها عناصر من الجيش التركي يوم الجمعة الماضي حيث سيكون الشعب الصومالي المسكين ضحية لبعض هذه الإجراءات والتي كما يبدو اتخذت على عجل وبدون النظر إلى عواقبها وتداعياتها السلبية على الشعب.
فقد أصدر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بيانا صحفيا أدان فيه محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا، وأعرب عن استيائه البالغ حيال ما جرى، قائلا: “من سوء الحظ محاولة مجموعة شر زعزعة الأمن والاستقرار في تركيا”، ولو اكتفت قيادة الدولة بالتنديد بمحاولة الانقلاب كباقي دول العالم لكان أفضل، إلا أنها اتخذت إجراءات إضافية دون النظر إلى المصالح القومية ما جعل كثيرين يتساءلون حول ما إذا كانت الحكومة الفيدرالية تخضع لإملاءات خارجية في اتخاذ قراراتها.
واستجابة للدعوة التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب أرودغان إلى شعبه للخروج في مظاهرات والنزول إلى الشوارع دعت إدارة إقليم بنار أيضا سكان العاصمة مقديشو إلى الخروج إلى مظاهرات تنديدا بمحاولة الانقلاب وتأييدا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان!. وتساءل كثير من المحللين الصوماليين لما ذا لم تتعاطف السلطات الصومالية مع أحداث وقعت في مناطق أخرى من العالم بهذا الشكل؟ وفي ظل تقاعسها عن أداء مسؤوليتها الوطنية والتي من أهمها الحفاظ على الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات الاجتماعية للشعب.
وقد استغرب كثير من المراقبين ما أصدره مجلس الوزراء الصومالي في اجتماعه الطارئ الذي عقد أمس السبت في العاصمة مقديشو، حيث أدان المجلس محاولة الانقلاب في تركيا، كما قرر توقيف أنشطة منظمة Nile Academy وأمر موظفيها بمغادرة البلاد في غضون 7 أيام غلى غرار الخطوة التي اتخذتها الحكومة الصومالية لطرد البعثات الدبلوماسية والإنسانية الإيرانية من البلاد في شهر يناير الماضي.
وإذا كانت مبررات الحكومة الصومالية في طرد البعثات الدبلوماسية والإنسانية الإيرانية من البلاد اتهامها بنشر المذهب الشيعي في أوساط الشعب الصومالي السني 100% الأمر الذي حظي بصدى لدى الشارع الصومالي، فما ذا ستكون مبررات الحكومة في طرد Nile Academy من البلاد، وهي منظمة تركية غير حكومية تشرف على مشاريع مختلفة في مجال الإغاثة والخدمات الاجتماعية، حيث تدير عدة مدارس تعليمية ومستشفيات، تقدم خدمات تعليمية وصحية للشعب الصومالي، كما حصل عدد من المواطنين الصوماليين على فرص عمل خلال مشاريع الخدمات الاجتماعية التي تنفذها Nile Academy في الصومال.
وقدمت المنظمة أيضا منحا دراسية لعدد كبير من الصوماليين في تركيا، وذكرت إذاعة كلميه الصومالية في نشرتها الإذاعية صباح اليوم الأحد أن الطلبة الصوماليين في تركيا بكفالة Nile Academy بدأوا يواجهون مضايقات وضغوطا كبيرة، حيث تم إخراج بعضهم من منازلهم .
ونظرا إلى مصلحة الشعب الصومالي لا ينبغي تسييس الخدمات الاجتماعية التي يستفيد منها الشعب، كما أن علاقات الصداقة بين الصومال وتركيا لا تعني أن يكون الشعب الصومالي ضحية العلاقات بين الحكومتين ومساعي الحكومة التركية إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية في الصومال.
ويبدو أن كلا من الحكومتين التركية والصومالية لا يمكن لهما بسهولة ملء الفراغ الذي خلفه توقيف أنشطة منظمة Nile Academy، بل إن الاتفاقيات الاستثمارية السابقة بين الحكومتين تضرر منها كثير من المواطنين الصوماليين وأدت إلى انتشار البطالة في صفوفهم، كما صرح به الناشط الاجتماعي جبريل إبراهيم عبدلي في حوار سابق مع راديو “ورطير” حيث أشار إلى تسريح 5000 من موظفي الميناء من العمل، وتوقيف 700 شاحنة ما أثر على حياة 40 ألف مواطن، وذلك بعد بعد تسليم الحكومة الصومالية إدارة ميناء مقديشو إلى شركة شركة تركية.
وعلى العموم فإن الحكومة الصومالية ينبغي أن تتريث في اتخاذ قراراتها وأن تكون الأولوية لمصالح شعبها مثلما تفعل الدول الأخرى فقد طالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الحكومة التركية بتقديم أدلة على تورط رجل الدين التركي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة الامريكية في محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا والتي اتهمه الرئيس التركي بالوقوف وراءها، محذرا من ربط بلاده بتلك المحاولة مما قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين أنقره وواشنطن اللتين هما حليفان وعضوان في الناتو.