المواجهات المسلحة بين قوات ليو بوليس الإثيوبية ومليشيات قبلية
الصومال الجديد
آخر تحديث: 5/05/2016
تجددت المعاك بين قوات ليو بوليس الإثيوبية ومليشيات قبلية على حدود محافظة جلجدود مع الإدارة الصومالية في إثيوبيا في الأسابيع القليلة الماضية، وقد دارت معارك عنيفة بين الطرفين وخلفت خسائر بشرية ومادية حيث أدت الى مقتل ما لا يقل عن عشرين شخصا وجرح آخرين، كما عثر على 9 جثث في ريف منطقة دعطير وعليها آثر الرصاص وتعود تلك الجثث الى رعاة صومالين قتلتهم القوات الإثيوبية حسبما صرح به عدعيد شيخ دون أحد شيوخ القبائل في المنطقة متحدثا لإذاعة شبيلى المحلية في وقت سابق، كما أسفرت تلك المعارك عن نزوح واسع للبدو الرحل والقرويين خوفا من ان تطالهم الإعدامات الميدانية.
من جهته صرح متحدث باسم قوات ليوبوليس أنهم يقاتلون مليشيات من حركة الشباب تتحالف على حد وصفه مع إدارة جلمدج ونفى ان تكون قواته متورطة في محازر بشعة في حق مدنيين وأبرياء عزل وقعت في المنطقة ردا على اتهامات صدرت عن مسؤولين في إدارة جلمدج.
الجدير بالإشارة الى ان هذه ليست المرة الأولى التى تندلع فيها معارك في الإقليم بين المليشات القبلية وقوات ليو بوليس، فقد شهدت المنطقة في العام المنصرم مواجهات عنيفة بين الطرفين تسببت في خسائر فادحة ولم تتوقف تلك المعارك الا بعد تدخل الحكومة الصومالية؛ والتي اوفدت آنذاك وزير الرئاسة مهد محمد صلاد المنحدر من الإقليم الى مدينة جكجكا العاصمة الإقليمية للإدارة الصومالية في اثيوبيا، كما ينبغى الإشارة الى ان قوات ليوبوليس وهي شرطة عسكرية تابعة للإدارة الصومالية في إثيوبيا تعبر الحدود بشكل مستمر وتقوم بأعمال قتل ودهم واعتقال للمواطنين في البلدات الواقعة على الحدود الصومالية-الإثيوبية، فقد عبرت في شهر يناير من العام الجاري وحدات من قوات ليو بوليس الحدود واعتقلت 20 شخصا من شيوخ العشائر في بلدة عاتو في إقليم بكول جنوب غرب البلاد وفق ما أكد عضو في المجلس التشريعي المحلي يدعي دبد محمد لوسائل الإعلام.
وترجع أصول هذه المشكلة الى عدة عوامل منها قبلية، وتدور أحيانا كما هو معلوم حرب بين قبيلتين متجاورتين داخل الحدود الإثيوبية لأسباب تتعلق بالخلاف حول الاستحواذ على آبار المياه، أو على ملكية المراعي وهذا شيء طبيعي في المجتمع الرعوي ويمكن حله بطرق تقليدية وسلمية، ولكن قوات ليو بوليس تتدخل لصالح بعض القبائل فيتطور الخلاف الى حرب تشارك فيه الى جانب القبائل قوات الشرطة العسكرية النظامية في إدارة الإقليم الصومالي في إثيوبيا والمعروفة بليو بوليس المذكورة آنفا، وتنضم قبائل من داخل الحدود الصومالية لمناصرة ذويهم وهذا ما يجعل المواجهة شاملة، ويجعل مشاركة جلمدج أمرا له مبرارات ومسوغات.
ونظرا الى تصرفات قوات ليو بوليس وتطورات الوضع الميداني يتملك البعض إحساس بان الأمور تتطور نحو الأسوأ وخاصة في ظل غياب تام لدور الحكومة الصومالية في حل هذه الأزمة، ويمكن ان تتحول هذه الحرب المحدودة الى مواجهات قبلية شاملة، خاصة وأن المشهد يتسم بقتامة لم يعهد لها مثيل من قبل الا في تسعينيات القرن الماضى، حيث كانت الحرب الأهلية في أوجها. تناولت بعض وسائل الإعلام المحلية تصريحات منسوبة لمسؤولين في جلمدج تتهم بونت لاند بالضلوع في هذه الحرب الأخيرة، وهو ما تنفيه ولاية بونت لاند، فاذا ما ثبت تورط بونت لاند في الحرب فإن الوضع امام مشهد تتجسد فيه القبلية بكل تعقديداتها المعهودة، ومن الواضح أن بونت لاند لا تتدخل لصالح جلمدج ولا لصالح عشائر قبيلة الهوية القاطنة فى مواطن النزاع ولكن لصالح ليو بوليس والعشائر المنتمية إلى قبيلة دارود المتورطة في الحرب، مما يضطر جلمدج إلى الاستعانة بأبناء عشائرها في الأقاليم الوسطى والجنوبية في البلاد، وهذا يعيد إلى الإذهان فترة الحرب الأهلية في بداية تسعينيات القرن الماضى.
على الرغم من أن المعارك الدامية التي وقعت في الحدود الصومالية الإثيوبية في إقليم جلجدود في الفترة الأخيرة إلا أن هنا مفاوضات بدأت في وقت متأخر . وقد وصل رئيس ولاية جلمدج عبد الكريم حسين جوليد إلى أديس أبابا ومن ثم إلى جكجكا لإجراء مباحثات مع المسؤولين، وهذه هي المرة الأولى التي تتفاوض فيها إدارتان صومالية وإثيوبية بصفة رسمية لتسوية النزاعات القائمة هناك، وقد توصل الطرفان إلى اتفاق لإنهاء الصراع المتكرر في المناطق الحدودية، إلا أن المشكلة تتطلب البحث عن حل حذري يمهد الطريق نحو سلام ووفاق دائم يمكّن السكان العيش معا في هذه المنطقة والحفاظ على ما تم الاتفاق عليه وعدم خرقه لئلا تعود الأمو ر إلى المربع الأول.