الصومال والعالم الإسلامي .. علاقات إيجابية مهمة

الصومال الجديد

آخر تحديث: 28/02/2023

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة: صفاء عزب

تتميز العلاقة الصومالية بالعالم الإسلامي بخصوصية شديدة باعتبار الصومال من الدول العربية الإسلامية كما يتسم شعبه بالتدين الشديد والتمسك بتعاليم الدين الإسلامي في مختلف مجالات الحياة. وفي هذا الإطار تحتفظ دولة الصومال بعلاقات طيبة مع مختلف الشعوب الإسلامية، وهي عضو مهم في منظمة التعاون الإسلامي منذ بداية التأسيس وتحرص دوما على استمرار علاقاتها بدولها. وقد شهدت الفترة الأخيرة عدة لقاءات بين المسؤولين الصوماليين وأطراف من المنظمة وأعضائها من الدول الإسلامية، كان أحدثها لقاء وفد من منظمة التعاون الإسلامي برئاسة الأمين العام المساعد للشؤون السياسية السفير يوسف بن محمد الضبيعي مع نائب وزير الخارجية والتعاون الدولي إسحاق محمود بعد وصوله إلي العاصمة مقديشو لبحث مختلف مجالات التعاون بين الجانبين بالإضافة إلى الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في الصومال كما ناقش أبشر عمر جامع وزير الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الفيدرالية الصومالية مع الوفد الأوضاع الراهنة في البلاد وخاصة الأضرار التي تعرض لها الصوماليون من جراء موجات الجفاف التي ضربت أراضيهم، وتأثيرها على المزارعين الصوماليين وجهود الحكومة لاستكمال إعفاء الديون ورفع حظر الأسلحة المفروض على البلاد منذ 32 عاما ودعم المنظمة الكامل للصومال في أن يصبح عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي.

هذا ويحسب لمنظمة التعاون الإسلامي مواقفها الطيبة والداعمة تجاه الصومال خاصة في فترات الأزمات الصعبة، حيث كانت قد أطلقت العام الماضي نداء عالميا للتدخل العاجل لإنقاذ الصومال من خطر المجاعة، وحث الأمين العام للمنظمة  حسين إبراهيم طه، على أهمية التحرك السريع لتفادي انتشار المجاعة على نطاق واسع، حيث تهدد حياة أكثر من سبعة ملايين شخص. وأعربت المنظمة عن استعدادها التام للتعاون مع المجتمع الدولي وشركائها في العمل الإنساني في هذا الشأن في ضوء جهودها المستمرة في الصومال. وأكدت مرارا التزامها التام بتقديم الدعم الإنساني للصومال لمواجهة آثار الجفاف، كما قدمت دعما ومساعدات للصومال في فترات زمنية سابقة. وعلى الصعيد السياسي تدعم المنظمة جهود الإدارة الصومالية الحالية لمواجهة الإرهاب كما أعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي مؤخرا عن إدانتها الشديدة للجرائم الإرهابية التي شهدتها الأراضي الصومالية وراح ضحيتها العديد من الضحايا الأبرياء ما يعكس حالة التفاهم والتوافق في المواقف بين المنظمة والصومال.

كما لعبت منظمة الإغاثة الإسلامية دورا مهما وداعما للصوماليين في أزماتهم الإنسانية الطاحنة من جراء الجفاف والحروب والمجاعات، حيث تعمل هذه المنظمة الخيرية غير الحكومية في الصومال منذ عام 2006 داخل عدة ولايات لتخفيف وطأة الأزمات التي يعاني منها الشعب الصومالي في مناطق الحروب والمجاعات وذلك بالتزامن مع برامج التنمية المستدامة طويلة الأجل.

وتعد المملكة العربية السعودية من أهم الدول الإسلامية التي يحتفظ الصومال بعلاقة طيبة معها، وقد شهدت هذه العلاقة نقلة نوعية خلال العام الماضي بتسلم وزير الخارجية الصومالي نسخة من أوراق اعتماد السفير السعودي الجديد في مقديشو، وذلك  بعد ثلاثين عاما من مغادرة آخر سفير “مقيم” للمملكة في الصومال، إثر انهيار الدولة المركزية في مطلع التسعينيات. كما شهدت الفترة الأخيرة تطورا في العلاقات الثنائية بين البلدين حيث استقبلت وزيرة النقل والطيران المدني في الحكومة الفيدرالية، فردوسة عثمان عغال، سفير المملكة العربية السعودية لدى الصومال، أحمد بن محمد المولد وذلك في يناير الماضي في إطار العمل على خطة الإعداد لرحلات الحج والتعاون في تطوير النقل والطيران بين البلدين الشقيقين. كذلك يتمتع الصومال بعلاقات طيبة ومميزة مع دولة الإمارات العربية المتحدة حيث يوجد العديد من اللقاءات والاتفاقات المشتركة والمرتبطة بأوجه التعاون الثنائية في شتى المجالات بما فيها المجالات الاقتصادية والأمنية والعسكرية. كما يحسب للإمارات العربية المتحدة جهودها الطيبة وأياديها البيضاء في دعمها للشعب الصومالي والوقوف معه في أزماته وتقديم الإغاثة في أوقات الشدائد والفترات الصعبة. وكذلك شهدت العلاقات الصومالية المصرية تطورا كبيرا وملحوظا خلال الفترة الأخيرة أثمر عن العديد من اتفاقيات التعاون والاجتماعات الهامة لمناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، حيث تكررت اللقاءات التي جمعت بين الرئيسين الصومالي والمصري وكذلك بين كبار المسؤولين من الجانبين خلال فترة قصيرة مؤخرا، في مشاهد إيجابية طيبة تؤكد حالة النشاط والتقدم الملحوظ في العلاقة بين البلدين العربيين الشقيقين الإسلاميين. ويعد قطاع التعليم الأزهري، وقطاع البنوك والصحة والزراعة والأسماك والثروة الحيوانية من أهم القطاعات التي يتعاون فيها البلدان وتعكس هذا التطور المحمود. 

وإذا كانت هناك علاقات طيبة تجمع بين الصومال والدول الإسلامية العربية، فإن الصوماليين قد نجحوا أيضا في توطيد علاقاتهم بالشعوب الإسلامية غير العربية كذلك، وعلى رأسها تركيا وباكستان. وهناك علاقات طيبة تربط بين الصومال وتركيا، التي كانت إحدى المحطات المهمة التي حرص الرئيس شيخ محمود على زيارتها بعد توليه الرئاسة في بلاده وبناء على دعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهي الزيارة التي تزامنت مع احتفال البلدين بالذكرى السنوية الـ 11 لإحياء العلاقات الدبلوماسية بينهما في أعقاب زيارة أردوغان للصومال عام 2011 كأول رئيس وزراء تركي يزور البلاد حينما كانت تجتاحه المجاعات بسبب الجفاف. وهناك تعاون كبير بين البلدين في مختلف المجالات حيث تحرص تركيا على التواجد في منطقة القرن الإفريقي بشكل قوي من خلال توطيد علاقتها بدوله وخاصة الصومال الذي يشترك معها في الدين، ويتمتع بأهمية استراتيجية كبرى بحكم موقعه، وقامت بمضاعفة استثماراتها على أراضيه خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت للإهتمام، كما تفوق قيمة المشروعات الإنسانية والإنمائية التي نفذتها تركيا في الصومال المليار دولار وارتفع التبادل التجاري بين البلدين من 8 ملايين إلى 280 مليون دولار سنويا، ويأتي ذلك ضمن الاهتمام التركي بزيادة الاستثمارات في منطقة البحر الأحمر. ويعتبر التعاون العسكري من أهم المجالات التي جمعت بين البلدين حيث تحتفظ تركيا بأكبر قاعدة عسكرية خارجية لها في الصومال كما تقوم بتدريب الجيش الصومالي وتقديم جميع أشكال الدعم المادي واللوجستي له، بهدف الارتقاء بقدراته العسكرية وتمكينه من الاضطلاع بمهام حفظ الأمن والاستقرار في بلاده.

كما يرتبط الصومال بعلاقات طيبة مع باكستان حيث يجمع بينهما تعاون متنوع في عدة مجالات منها المجال النيابي البرلماني والمجال التكنولوجي وغيره. وكان البلدان قد اتفقا على تعزيز التعاون البرلماني بين المؤسستين التشريعيتين الصومالية والباكستانية خلال اجتماع جمع بين رئيس الجمعية الوطنية الباكستانية رجا برويز أشرف ووفد برلماني صومالي برئاسة وزير الداخلية أحمد معلم فقي في إسلام أباد في العام الماضي. كما وقع البلدان مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تبادل الخبرات التكنولوجية، وبحثا كذلك التعاون في مجالات الأمن والتنمية الاقتصادية. وكان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، قد تعهد بتوسيع العلاقات مع الصومال في مجالات العلوم والتكنولوجيا والدفاع والدبلوماسية، بالإضافة إلى تطوير التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين. كما كانت باكستان من الدول المساهمة في تشكيل القوات الجوية الصومالية، ويتوقع المحللون والخبراء أن تستعيد دورها في تدريب وتجهيز القوات الجوية، حيث كان الجنرال محمود شيخ علي قائد القوات الجوية الصومالية قد عقد اجتماعا هاما مع مسؤولين من القوات الجوية الباكستانية لمناقشة إعادة بناء القوات الجوية الصومالية. ويشارك الصومال باكستان في عضوية منظمة الكومساتس العالمية (منظمة العلوم والتكنولوجيا للتنمية المستدامة فى الجنوب) التي تتخذ من العاصمة الباكتسانية إسلام آباد مقرا لها، بعد توقيع  كل من وزير التربية والتعليم العالي الصومالي آنذاك عام 2017 عبد الرحمن طاهر عثمان ومدير منظمة الكومساتس الدكتور جنيد زيدي على اتفاقية انضمام الصومال إلى المنظمة. 

واقع الأمر أن علاقة الصومال بالعالم الإسلامي تتسم بالإيجابية وتشهد العديد من أوجه التعاون في ظل الأواصر الوطيدة التي يحرص الصومال على تنميتها مع الدول والمنظمات الإسلامية، والتي يحسب لها مواقفها الطيبة تجاه الشعب الصومالي في مختلف الأزمات التي واجهها عبر السنوات بسبب الجفاف والحروب الأهلية والصراعات الداخلية. ومع ذلك فإن الأمر يتطلب مزيدا من التعاون المشترك وتقديم الدعم الضروري للصومال خاصة في الفترة الحالية التي تشهد مواجهات صعبة بين الدولة وبين الجماعات الإرهابية، لكفالة الأمن والأمان في البلاد، في وقت تسعى فيه الإدارة الصومالية الحالية للعمل على التركيز على التنمية وفتح آفاق الاستثمار ورفع مستوى الأداء الاقتصادي، بما ينعكس إيجابيا على مستويات المعيشة للشعب الصومالي. ولاشك أن دعم العالم الإسلامي للصومال في هذه الظروف يلعب دورا مهما في مساعدته على تجاوزها بصرف النظر عن طبيعة هذا الدعم، بما في ذلك مساندته وتأييده في المواقف الهامة في المحافل الدولية.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال