الصومال في طريقه إلى المجهول
الصومال الجديد
آخر تحديث: 4/04/2018
مقديشو- أثبتت التطورات التي شهدتها البلاد منذ منتصف شهر مارس الماضي بعد تقديم مقترح لحجب الثقة عن رئيس مجلس الشعب الصومالي محمد شيخ عثمان جواري من قبل نواب في المجلس مدعومين من الحكومة الصومالية أن البلاد تتجه نحو المجهول خاصة بعد فشل جميع الجهود المحلية والدولية التي بذلت لاحتواء تلك الأزمة السياسية التي تخيم على البلاد.
الخلافات داخل مجلس الشعب وصلت إلى ذروتها ففي خلال الأسبوعين الأخيرين صدرت من من رئاسة مجلس الشعب مذكرات متناقضة تدعو إحداها إلى عقد جلسة لمناقشة المقترح ضد جواري وأخرى إلى جلسة لمناقشة النزاع الحدودي القائم بين الصومال وجارته كينيا كما صدرت مذكرة من مكتب النائب الأول لرئيس مجلس الشعب عبد الولي شيخ إبراهيم موي أوقف بموجبها أمين عام المجلس عبد الكريم بوح الذي ربما يعتبره مودي عقبة أمام مشروع الإطاحة برئيس مجلس الشعب الذي يقوده عن العمل إلا أن جواري نقضه بمذكرة اعتبر فيها ما قام به نائبه بغير قانوني وغير مؤثر على عمل أمين عام مجلس الشعب.
نحن الآن أمام اجتماع مجلس الشعب المقرر عقده اليوم برئيسين للمجلس الأول جواري- الذي يعتبر هو ونائبه الثاني مهد عبد الله عود ومؤيدوه من النواب- المقترح المقدم ضده فاشلا بحجة انتهاء المهلة القانونية لطرحه ومناقشته في المجلس والثاني النائب الأول لرئيس مجلس الشعب عبد الولي مودي الذي يرى نفسه أنه القائم بأعمال رئيس مجلس الشعب بعد تقديم مقترح ضد جواري ويقول إن المقترح قانوني وإنه تجب مناقشته.
وكشفت التطورات الأخيرة التي يشهدها الصومال عن أزمة قانونية وقراءات متباينة لمواد الدستور وبنود اللوائح الداخلية لمجلس الشعب الصومالي، إلا أن الكارثة تكمن في غياب مؤسسة قضائية فاعلة تستطيع الفصل في حل هذه الأزمة القانونية الشائكة تحظى بثقة طرفي النزاع ، حيث لم تشكل بعد المحكمة الدستورية كما أن المحكمة العليا التي تقوم بمهام المحكمة الدستورية لا تحظى بثقة أنصار رئيس مجلس الشعب الصومالي الذين ذكروا بعد ظهور الخلاف بشأن المقترح ضد جواري أن الحكومة الفيدرالية استولت على الهيئة القضائية وتحاول الآن السيطرة على الهيئة التشريعية مما يوحي بأنهم غير مقتنعين باللجوء إلى القضاء الذي يرونه مسيسا ومسيطرا عليه من قبل الحكومة في حال فشل إيجاد تسوية أخرى للخلافات القائمة.
الوضع في الجلسة المرتقبة اليوم مقعد جدا فقد وجه النائب الأول لرئيس مجلس الشعب عبد الولي مودي إلى النواب دعوة إلى حضور جلسة تناقش المقترح المقدم ضد جواري رئيس مجلس الشعب إلا أن كتلة النواب المؤيدة لجواري أكدت أن الجلسة ستناقش النزاع الحدودي بين الصومال وكينيا ولا يلوح في الأفق حل للخلاف العميق داخل مجلس الشعب، فالرئيس محمد محمد عبد الله فرماجو الذي ألغى جلسة مماثلة كان مقررا أن تعقد يوم السبت الماضي بدا انحيازه للمقترح المقدم ضد جواري الذي أشار أمس في مؤتمر صحفي إلى أن الرئيس دعاه إلى الاستقالة بدل حل الأزمة القائمة، كما أن المجتمع الدولي والدول المهتمة بالقضية الصومالية ابتعدت عن هذه الأزمة لأسباب مفهومة هي أن الحكومة الحالية حكومة رسمية وليست على غرار الحكومات الانتقالية السابقة التي كانت الأسرة الدولة تتدخل في شئونها في حال نشوب خلافات مستعصية كالقائمة الآن داخل مجلس الشعب الصومالي.
إن من غير الواضح النتائج التي ستتمخض عنها جلسة مجلس الشعب المقرر عقدها اليوم في جو من الخلاف المعقد بين نواب المجلس، فقد ألمح النواب المعارضون للمقترح المقدم ضد جواري إلى أنهم لن يقبلوا أية نتائج مخالفة للدستور وقوانين البلاد قد تصدر عن الجلسة وقال النائب أحمد معلم فقي ” إن بإمكان الحكومة إغلاق الطرق في العاصمة ووضع الحواجز فيها لكنها لن تستطيع وضع حواجز أمام الدستور وقوانين البلاد”.
وفي ظل إصرار النواب الذين صاغوا المذكرة ضد جواري على مناقشتها والبت فيها يظهر أنهم ربما سيحاولون اليوم في حال انعقاد الجلسة التصويت عليها رغم الخلاف القائم بقانونيتها والخلاف أيضا فيمن يترأس جلسة اليوم أهو رئيس المجلس جواري ومعه نائبه الثاني أم نائبه الأول عبد الولي مودي ؟ وهل التصويت سيكون سريا حسبما ينص عليه القانون أم برفع الأيدي كما يريده النواب الذين وقعوا على مذكرة حجب الثقة عن جواري ؟ هذه أسئلة ستتضح الإجابة عنها بعد ساعات، إلا أن المعضلة ليست في جلسة اليوم فحسب وإنما في تداعياتها فقد يلجأ مؤيدو جواري من النواب إلى عقد جلسة لحجب الثقة عن رئيس الجمهورية الأمر الذي هدد به بعضهم في تصريح إعلامي خاصة إذا تمت الإطاحة بجواري بطريقة غير قانونية مما يقود البلاد إلى الفوضى السياسية لكن ما ينتظره كثيرون هو الموقف الذي سيتخذه المجتمع الدولي الذي يدعم الحكومة الصومالية وبعثة الاتحاد الإفريقي التي تتحمل المسئولية الفعلية عن أمن البلاد خاصة بعد تباين مواقف قادة الدولة وقراءاتهم المتباينة لدستور البلاد.