الصراع بين الحكومة الفيدرالية وإدارة جوبالاند في إقليم غدو
الصومال الجديد
آخر تحديث: 27/01/2020
أفادت أنباء واردة من إقليم غدو التابع لولاية جوبالاند جنوب الصومال بأن وحدات عسكرية تابعة للحكومة الفيدرالية وصلت خلال الأيام القليلة الماضية إلى مناطق في الإقليم.
وحسب التقارير الإعلامية الواردة من مدن في الإقليم مثل لوق وبارطيري، فإن ضباطا ووحدات عسكرية حكومية وصلوا إلى المدينتين في فترات زمنية متقاربة.
ففي حديث له مع وسائل إعلام محلّية أفاد الشيخ محمد حسين إسحاق القاضي نائب محافظ الإقليم بلهجة حادة أن “الحكومة الفيدرالية نقلت في الأسبوع الماضي جنودا ملثمين إلى مدينة بارطيري، ولما قوبل هؤلاء الجنود بالرفض، تم نقلهم إلى مدينة لوق في الإقليم ذاته”. ورغم تأكيده على أنهم ليسوا مستعدين لخوض أية حرب أخرى غير التي يواجهون فيها حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة فقد حذّر الشيخ محمد نائب محافظ إقليم غدو من أن تؤدّي تصرّفات الحكومة إلى اندلاع حرب أهلية في المنطقة التي عانت ويلات الكوارث الطبيعية والبشرية.
واتهم نائب محافظ غدو كلاّ من عبدالله كلني وزكريا من عملاء جهاز المخابرات والأمن الوطني الصومالي، بدفع الحكومة الفيدرالية نحو التصعيد في إقليم غدو، مشيرا إلى أنه من غير القانوني أن تقوم الحكومة الفيدرالية بتعيين إدارة إقليمية طالما البلاد تنتهج النظام السياسي الفيدرالي.
وعلى الرغم من تصريحات نائب محافظ إقليم غدو، إلاّ أنه يبدو أن الحكومة الفيدرالية ما زالت ماضية في تنفيذ خطتها الرامية إلى فصل إقليم غدو من إدارة جوبالاند حسب رأي بعض المتابعين، حيث وصل يوم أمس الأحد إلى مدينة بارطيري في الإقليم وفد عسكري رفيع المستوى بقيادة قائد القوات البرية الصومالية وبرفقته رئيس المحكمة العسكرية العليا، والنائب العام للقوات المسلحة، وقائد الفوج 43 للجيش الوطني، وغيرهم.
وأوضح الجنرال عبدالحميد محمد درر قائد القوات البرية الصومالية أن هدف زيارتهم يتمثل في تفقّد أحوال الثكنات والقواعد العسكرية للجيش الصومالي في مدينة بارطيري بإقليم غذو جنوب الصومال.
يذكر أن الحكومة الفيدرالية بعد إخفاق محاولاتها السابقة لمنع إدارة جوبالاند من التفرّد بقراراتها السياسية المصيرية الخاصة بها، شرعت في استخدام طرق أخرى لإعادة إدارة جوبالاند إلى حظيرة الطاعة، وما نقل الجنود إلى إقليم غدو إلاّ جزء من خطة تهدف إلى فصل الإقليم من ولاية جوبالاند، ووضعه تحت الإدارة الفيدرالية، مما يعني أن الحكومة الفيدرالية ستدير الشؤون السياسية والاجتماعية للإقليم بما فيها الانتخابات المقبلة، إذا نجحت في تنفيذ خطتها الرامية إلى فصل الإقليم من إدارة جوبالاند.
وإذا تحقق ذلك فسيعدّ إنجازا عظيما لها، وانتكاسة قوية لإدارة جوبالاند التي ما انفكت في خلاف سياسي شبه دائم مع الحكومة الفيدرالية طيلة السنوات الثلاثة الماضية من عمر هذه الحكومة.
لكن الملفت للنظر أنه قد تؤدّي هذه التحرّكات العسكرية إلى اندلاع حرب أهلية في المنطقة التي تعدّ من المناطق الصومالية الأكثر استعدادا لانداع الحروب الأهلية بسبب تنوعها السكاني وتعدّد الأفكار السياسية والأيديولوجية الموجودة فيها.
ولعلّ الخوف من اندلاع حرب أهلية أو تعطّل مسيرة إعادة بناء الدولة الصومالية بسبب الخلافات السياسية بين المركز والولايات، هو الّذي دعا الولايات المتحدة الأمريكية (لقاءات السفير الأمريكي لدى الصومال بقادة الولايات الفيدرالية) والمجتمع الدولي بصفة عامة إلى بذل الاهتمام المتزايد للوصول إلى تفاهم بين الشركاء السياسيين في البلاد للحفاظ على المكتسبات السياسية والأمنية والاقتصادية المحدودة التي تم إنجازها طيلة العقود الثلاثة الماضية! فهل ستنجح تلك الجهود في إخماد نار الخلافات بين المركز والولايات، أم سيتمسك كلّ طرف بموقفه دون تقديم تنازلات من أجل الحفاظ على المصلحة العليا للبلاد؟ لعلّ الأيام القادمة تحمل في طياتها الإجابة عن هذه الأسئلة.