الصراع الأمريكي الصيني في القرن الأفريقي (الجزء الأول)

الصومال الجديد

آخر تحديث: 24/09/2018

[supsystic-social-sharing id="1"]

لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 46

المقدمة
كانت منطقة القرن الأفريقي ولا تزال بحكم موقعها الاستراتيجي محطة أنظار القوى الدولية منذ زمن بعيد، ولذا فقد شهدت تنافسا وصرعا محموما بين القوى العظمى الطامعة في استحوذ المنطقة. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي وبروز الولايات المتحدة الأمريكية كقوة أوحادية القطب تحاول فرض هيمنتها على العالم برزت الى الوجود تكتلات وقوى دولية جديدة تنافس الولايات المتحدة في المنطقة، وعلى رأس تلك القوى جمهورية الصين الشعبية؛ والتي تمتلك الى جانب الموارد البشرية الهائلة قدرة اقتصادية تنافسية تعتبر الأكثر نموا، إضافة إلى تكنولوجيا عصرية وقوة عسكرية لا تستهان. فقد بدات الصين الشعبية بعد غزوها الأسواق الأفريقية ببضائعها الرخصية واستثمار الموانئ الأفريقية وخاصة تلك الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، إضافة إلى ذلك الوجود العسكري الصيني في المنطقة؛ الذي أثار حفيظة القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وبعيدا عن الصراع التجاري والاستثماري، فإن هناك احتمالية كبيرة في اندلاع صراع حقيقي على المنطقة بين الصين والولايات المتحدة بمفهومه الشامل، وهو ما يركز عليه هذا التقرير وتداعياته المحتملة، اضافة الى المستقبل السياسي والاقتصاي والأمني لدول المنطقة في ظل ذلك الصراع.
تحديد منطقة القرن الأفريقي
يختلف تحديد منطقة القرن الأفريقي من كاتب لآخر حسب المفهوم والأسس التي ينطلق منها، ولذا تعرف الموسوعة التاريخية الجغرافية القرن الأفريقي بأنه: يتكون من الصومال وجيبوتي وإريتريا وأثيوبيا، حيث تشغل الصومال معظم مناطق القرن الساحلية التي تقع على المحيط الهندي وخليج عدن. وتشمل جيبوتي وإريتريا بقية مناطق القرن الساحلية التي تقع على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، أما إثيوبيا فقد حرمت من هذا المنفذ الساحلي الاستراتيجي بعد انفصال إريتريا عنها في العام 1993. وسُميت بهذا الاسم لأنها تشكل ذلك النتوء البارز في الجانب الشرقي من وسط القارة الإفريقية، كما تطل المنطقة على بحر العرب شمال غرب المحيط الهندي، وتشكل مع اليمن، الصومال، جيبوتي، إثيوبيا وإريتريا المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يقف عند مدخله باب المندب.
ومن الغريب أن بعض الكتاب عند تحديدهم للمنطقة لا يذكرون الصومال ضمن دول القرن الأفريقي، علما بأن القرن المعني يقع في الصومال تحديدا. ونذكر من أولئك الكتاب الكاتب بيركيت هابتي سيلاسي الذي يقول: إن القرن الإفريقي يضم إثيوبيا وجيبوتي وإريتريا، ويحاذي الممرات البحرية الحيوية في المحيط الهندي أو خليج عدن والبحر الأحمر، أما السودان فليست ضمن دول القرن الإفريقي.
وهناك مفهوم آخر للقرن الأفريقي في الفكر الاستراتيجي الأمريكي، وهذا المفهوم يتبناه بعض الكتاب الأمريكيين. وهي فكرة مشروع القرن الأفريقي الكبير والذي يتكون من القرن الأفريقي بمعنا الجغرافي الطبيعي إضافة الى السودان بشقيه الشمالي والجنوبي وامتدادا الى منطقة البحيرات العظمى.
ومن التعريفات التي يمكن الركون اليها تعريف الدكتور جلال الدين محمد صالح، وهو تعريف جامع بمفهومه الجغرافي والسياسي والجيوبولتيكي، ويقول: إن القرن الأفريقي هو ذلك القرن الناتئ في شرق القارة الإفريقية، والذي يضم كلا من الصومال، وجيبوتي، وإثيوبيا، وإريتريا، ويلحق به السودان، وكينيا، وأوغندا، تأثرا، وتأثيرا. وتبلغ مساحة القرن الأفريقي بمفهومه الجغرافي الضيق (الصومال، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا) نحو 1.9 مليون كيلومتر مربع. ويبلغ عدد سكان منطقة القرن الأفريقي نحو 115 مليون نسمة وفقا لتقديرات عام 2014.
أهمية المنطقة
تكتسب منطقة القرن الأفريقي أهميتها الإستراتيجية باعتبار كونها مجاورة للمحيط الهندي، كما أنها تمثل نقطة اتصال مع شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط، إضافة الى وجود مضيق باب المندب الذي يعتبر ممرا هاما تستخدمه ناقلات النفط والغاز والبضائع والأسلحة، مما جعل المنطقة محطة استراتيجية تتجه اليها الأنظار الدولية. فبالإضافة الى الدول التي يمر نفطها عبر المنافذ البحرية لهذه المنطقة، هناك دول أخرى حاولت توسيع نفوذها في هذه المنطقة الحسّاسة، وخاصة الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، وكذلك الدول الشرقية الصاعدة مثل الصين واليابان وتركيا واسرائيل وايران وغيرها.
والجدير بالذكر أن المنطقة شهدت لأهميتها الاستراتيجية السالفة الذكر صراعا بين القوى العظمى في فترة الحرب الباردة وخاصة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، كما شهدت حربا بالوكالة بين بعض دول المنطقة، لكن بعد تراجع الاتحاد السوفيتي، ومن ثم انهياره في بداية تسعينيات القرن الماضي بدأ التنافس بين بعض القوى الغربية وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا.
لا تقتصر أهمية القرن الإفريقي على اعتبارات الموقع فحسب، وإنما تتعدا للموارد الطبيعية، خاصة البترول الذي بدأ يظهر في الآونة الأخيرة في السودان، وهو ما يعد أحد أسباب سعي واشنطن تحديدا لإيجاد حل لقضية الجنوب وكذلك في الصومال. يضاف إلى ذلك وجود جزر عديدة، ذات أهمية استراتيجية من الناحية العسكرية والأمنية في حالتي الحرب والسلم مثل جزيرتي حنيش ودهلك في اريتريا.

موجز عن الصين
تقع جمهورية الصين الشعبية في الجزء الشرقي من قارة آسيا، وعلى الساحل الغربي من المحيط الهادئ، ويحدها من الشرق بحر الصين الشرقي، وخليج كوريا، والبحر الأصفر، وبحر بوهاي، ومضيق تايوان، وبحر الصين الجنوبي. تبلغ مساحتها 6ر9 مليون كيلومتر مربع، وهي بذلك ثالث بلدان العالم مساحة.
تمتد حدود الصين البرية لمسافة تزيد على 20.000 كم2، وتحدّها 12 دولة، من جهة الشمال هي روسيا وكازخستان ومنغوليا وكيرغيزستان من الشمال الغربي ومن الشمال الشرقي كوريا الشمالية، ومن الغرب طاجكستان وافغانستان والباكستان ومن الجنوب الغربي الهند ونيبال وبوتان ومن الجنوب برمانيا وفيتنام ولاوس وبورما ومن الشرق المحيط الهادئ.
هذا هو الموقع الجغرافي للصين الشعبية، أما بالنسبة لموقعها الفلكي فتبدأ حدود الصين في أقصي الشمال من الخط المركزي لنهر هيلونغ شمال بلدة موخه (خط عرض 30ر53 درجة شمالا)، أما حدودها في أقصي الجنوب فهي حيد تسنغمو البحري من طرف جزر نانشا الجنوبي (خط عرض 4 درجات شمالا)، وتمتد أكثر من 49 درجة من خط العرض. في الشرق تمتد من ملتقى نهر هيلونغ ونهر ووسولي (خط طول 135،5 درجة شرقا)، وأقصاها في الغرب هي هضبة البامير (خط طول 73،40 درجة شرقا)، وتمتد أكثر من 60 درجة من خط الطول. والمسافة من كل الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب أكثر من 5000 كيلومتر.
تعتبر الصين الشعبية الدولة الأكثر سكانًا في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.338 مليار نسمة. تقع في شرق آسيا ويحكمها الحزب الشيوعي الصيني في ظل نظام الحزب الواحد. تتألف الصين من أكثر من 22 مقاطعة وخمس مناطق ذاتية الحكم وأربع بلديات تدار مباشرة (بكين وتيانجين وشانغهاي وتشونغتشينغ) واثنتان من مناطق عالية الحكم الذاتي هما هونغ كونغ وماكاو. عاصمة البلاد هي مدينة بكين.
هذا من حيث جغرافية الموقع والموضع والسكان. أما من حيث التاريخ فما من شك في أن الصين لها تاريخ عريق وموغل في القدم، كما ان لها حضارة عريقة ساهمت في اقتراع العديد من الصناعات التي ساعدت تطور البشرية في العالم المعاصر، ومنها الورق والبارود والتسليف المصرفي والبوصلة والعملة الورقية والالعاب النارية وغيرها. والهدف من ذكر التاريخ الصيني هنا ليس لاستعراض جذوره وأصوله وملامحه والأطوار التي مر بها بقدر ما هو تسليط الضوء على بعض محطات ذلك التاريخ الحافل، وخاصة فيما يتعلق بذكر نتف من التاريخ المعاصر لهذا البلد العملاق ليكون مدخلا لما سنقوم بدراسته في هذا التقرير.
وهناك محطات ومعالم تاريخية للصين الحديث لا بد من ذكرها هنا على سبيل المثال لا الحصر، منها ثورة عام1911 التي قادها صون يات صن، وهي التي أطاحت بحكم أسرة “تشينغ” التي استمرت في الحكم نحو 270 عاما، وفي نفس الوقت وضعت نهاية للنظام الإمبراطوري الذي دام أكثر من 2000 عام، وأسست جمهورية الصين. ويعتبر المؤرخون بأن ذلك حدث عظيم في تاريخ الصين الحديث.
وياتي بعد ذلك التاريخ ما بات يعرف في تاريخ الصين المعاصر الثورة الديمقراطية الجديدة (1919 -1949) وهي ثورة حركة 4 مايو التي اندلعت في الصين عام1919 بسبب المعاهدات غير المتكافئة والتي فرضت على الصين بعد الحرب العالمية الاولى. وفي عام 1921، عقد ماو تسي تونغ و11 شخصا آخر، بصفتهم ممثلين للجماعات الشيوعية في مختلف المناطق، المؤتمر الوطني الأول في شانغهاي، فأسس الحزب الوطني الشيوعي الذي مر باربعة مراحل قبل أن يحرز انتصارا كاسحا على الغزاة وعلى الكومينتانغ، وأخيرا أطاح الحزب الشيوعي الصيني بحكم حكومة الكومينتانغ في عام 1949 بعد حرب التحرير الوطني التي دامت 3 سنوات.
في أول أكتوبر 1949، تجمعت جماهير الشعب ببكين في ميدان تيان آن من، حيث أقيم احتفال مهيب لتأسيس الدولة. وأعلن ماو تسي تونغ رئيس الحكومة الشعبية المركزية تأسيس جمهورية الصين الشعبية رسميا. فقد استطاعت الصين في وقت وجيز إنجاز الإصلاح الزراعي بالمناطق التي يقطنها أكثر من90٪ من المزارعين في البلاد كلها. وحصل 300 مليون فلاح على نحو 47 مليون هكتار من الأراضي. ونجحت الخطة الخمسية الأولى للتنمية الاقتصادية الوطنية التي نفذت في فترة 1953 – 1957، محققة منجزات مدهشة: فبلغت نسبة زيادة الدخل الوطني أكثر من 9ر8٪ سنويا، وأنجزت بناء مجموعة من الصناعات الأساسية يحتاج إليها التحديث الصناعي ولم يكن لها وجود سابقا، ومنها صناعة الطائرات والسيارات والآلات الثقيلة والدقيقة ومعدات توليد الكهرباء ومعدات التعدين والمناجم وسبائك الفولاذ الممتاز وصهر المعادن غير الحديدية وغيرها.
موجز عن الولايات المتحدة الأمريكية
الولايات المتحدة الأمريكية جمهورية اتحاديّة تقع في أمريكا الشمالية انفصلت عن التاج البريطاني سنة 1776م لتصبح بذلك دولة ديمقراطية فيدرالية. أما حدودها الجغرافية فيحدّها من الشرق المحيط الأطلسي ومن الشمال كندا، ومن الغرب المحيط الهادي، ومن الجنوب المكسيك وخليج المكسيك. وتتكون الولايات المتحدة من 50 ولاية بما فيها ولايتا ألاسكا وجزر هاواي.
هذه هي الحدود الجغرافية للولات المتحدة الأمريكية. اما بالنسبة للموقع الفلكي فتمتد من درجة العرض 25 درجة شمالاً عند الطرف الجنوبي لشبه جزيرة فلوريدا حتى درجة العرض 49 درجة شمالاً، وهو الخط الذي يساير في معظمه الحدود السياسية بين كندا والولايات المتحدة، وهذا يعني أنها تقع في عروض وسطى وشبه مدارية. وتمتد أيضاً بين خطي طول 67 درجة غرباً و124 درجة غرباً، وتبلغ مساحتها الإجمالية 9629091كم2 . وبذلك تحتل المرتبة الخامسة عالميا بعد روسيا الاتحادية والصين وكندا والبرازيل.
وتتكون الولايات المتحدة الامريكية من 50 ولاية، لكل منها كيانها الخاص من مجلس إدارة خاص بها يحق له فرض الضرائب وسن القوانين، والإشراف على النظام التعليمي، بمعني وجود حكم ذاتي لكل ولاية مع خضوع كل الولايات للحكومة الاتحادية، وعاصمتها واشنطن DC والتي يقدر عدد سكانها ب4.1 مليون نسمة. أما سكان الولايات المتحدة الأمريكية فيتكون من عدة عناصر مختلفة معظمهم من غربي القارة الأوروبية ووسطها، إضافة إلى عناصر من أفريقيا، حيث تم استجلاب العناصر الزنجية من موطنها الأصلي لاستغلالها في زراعة القطن وقطع الأخشاب، وعناصر من الشرق الأوسط والشرق الأقصى، ولا سيما الصين واليابان، وبصفة عامة تبلغ نسبة البيض 75.1% ونسبة السود 21.3%. ويبلغ عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية وفق تعداد عام 2014 إلى 318.857056 نسمة.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال