الصراع الأمريكي الصيني في القرن الأفريقي (الجزء الثالث)

الصومال الجديد

آخر تحديث: 29/11/2018

[supsystic-social-sharing id="1"]

قراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 54

تناولت الحلقتان السابقتان من التقرير تحديد منطقة القرن الأفريقي وأهميتها الاستراتيجية وطرح بنذة عن كل من أمريكا والصين، بالإضافة إلى الحضور الصيني والأمريكي في المنطقة. ويركز هذا الجزؤ من التقرير على علاقات أمريكا مع دول منطقة القرن الأفريقي.
العلاقات الأمريكية مع دول القرن الأفريقي
تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية علاقات ثنائية جيدة مع كل دول القرن الأفريقي عموما وإن كانت على درجات متفاوتة، حسب الظروف والأوضاع السياسية لكل بلد على حِده، إضافة الى تغير المصالح الآنية بتقلب المناخ السياسي رغم ثبوت الإستراتيجية الأمريكية تجاه دول المنطقة الا أن المتغير هنا أسلوب تحقيق تلك الإستراتيجية وفق الآليات المستخدمة حسب ما تقتضيه الظروف الإقليمية والدولية.
العلاقات الأمريكية الإثيوبية:
وفي هذا الجزء من التقرير نستعرض علاقة الولايات المتحدة مع دول القرن الإفريقي بشكل موجز ونبدأ بعلاقتها مع اثيوبيا حيث أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع إثيوبيا في عام 1903 ، وقد حافظت عليها منذ ذلك الحين مع تغير أشكال الحكم في اثيوبيا، ووفقا لموقع وزارة الخارجية الأمريكية فإن العلاقة الدبلوماسية بين إثيوبيا والولايات المتحدة تعتبر مهمة ومعقدة وتركز على أربعة أهداف رئيسية وهي:
• حماية المواطنين الأمريكيين.
• تعزيز المؤسسات الديمقراطية وتوسيع حقوق الإنسان.
• تحفيز النمو الاقتصادي على نطاق واسع وتعزيز التنمية
• دفع السلام والأمن الإقليميين.

المساعدة الأمريكية لإثيوبيا:
إثيوبيا هي ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا والثاني عشر من حيث عدد السكان في العالم، لذا تظل إثيوبيا من بين أكثر شركاء التنمية فعالية مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ولا سيما في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والأمن الغذائي، وتشمل مجالات الشراكة والاستثمارات في القطاعات ذات القيمة العالية للمحاصيل والثروة الحيوانية والأنشطة الأخرى التي تركز على التغذية للأطفال والأمهات الحوامل والمرضعات و دعم الاستثمارات التي تستهدف الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي والمجتمعات المحلية الرعوية ذات الدخل المحدود. إضافة إلى ذلك تدعم وزارة الزراعة الأمريكية التنمية الزراعية لإثيوبيا. ويساعد برنامج الغذاء من أجل التقدم الذي تبلغ تكلفته 13 مليون دولار والمعروف باسم مشروع (FEED) على تحسين إنتاج اللحوم واللبن والبيض من خلال زيادة توافر ونوعية أعلاف الماشية.
العلاقات الأمريكية الصومالية:
أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع الصومال عام 1960 ، بعد استقلالها مباشرة عن الإدارة البريطانية والإيطالية على التوالي، واستمرت تلك العلاقة بصورة متذبذبة حتى انقلاب اكتوبر 1969 الذي جاء الى الحكم حاكم عسكري حوّل الاعتماد الأيديولوجي والاقتصادي نحو الاتحاد السوفييتي السابق مما أدى الى تدهور العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية. الا أن الوضع تغير بعد الحرب مع إثيوبيا في السبعينيات من القرن الماضي حيث بدأت الصومال تتجه نحو الغرب من جديد بما في ذلك الولايات المتحدة بهدف الحصول على الدعم الدولي والمعدات العسكرية ، والمساعدات الاقتصادية.
تجدر الاشارة الي أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تدعم النظام العسكري في الصومال بقيادة اللواء الراحل محمد سياد برى في الفترة مابين 1976-1989، وذلك في اطار المنافسات الإستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي الذي كان يقيم علاقات متينة ووثيقة مع اثيوبيا
وهناك محطة أخرى يمكن وصفها بانها معلم بارز من معالم العلاقات الصومالية – الأمريكية وهي اعتراف أمريكا بالصومال وذلك أثناء الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود الى الولايات المتحدة الأمريكية حيث حظيت الحكومة الصومالية باعتراف رسمي من ادراة الرئيس الأمريكي باراك اوباما، وجاء هذا الإعتراف على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلنتون في 17 من يناير 2013، حيث قالت بصريح العبارة “الصومال دولة ذات سيادة وشريك على نحو متساو”، ولإعادة العلاقات الثنائية بين البلدين فتحت كلنتون صفحة جديدة من العلاقات الصومالية الأمريكية لأول مرة منذ انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام1991
ويرى بعض المراقبين أن استراتيجية العلاقات الأمريكية تجاه الصومال في فترة ما بعد انهيار الحكم المركزي فيها تركزت على تحقيق عدد من المصالح أبرزها:
1-القضاء على التهديدات الإرهابية الموجودة في الصومال والمتمثلة في الحركات الجهادية المرتبطة بالتنظيمات العالمية مثل القاعدة وتنظيم مايعرف بالدولة الإسلامية (داعش)
2- احتواء تلك الحركات ومنعها من الانتشار في دول الجوار الأفريقي وخاصة كينيا واثيوبيا، لكي لا تشكل هذه الحركات تهديدا مباشرا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
3- الحفاظ على مصالح الشركات الأمريكية في مجال تنقيب البترول، خاصة وأن بعض تلك الشركات قد أبرمت عقود التنقيب عن النفط مع الحكومة الصومالية قبل انهيارها. وهذا يجسد استراتجية الاستئثار على القطر الإستراتيجي ومنع القوى الدولية الطامعة لإيجاد مؤطئ قدم لها في هذه المنطقة الحساسة وخاصة الصين الشعبية التي ترنو الى تمتين علاقتها الدبلوماسية والاقتصادية مع هذه الدول التي من بينها جمهورية الصومال الفدرلية.
وهناك اهتمام أمريكي متزايد في منطقة القرن الأفريقي عموما وفي الصومال على وجه الخصوص. ويظهر ذلك جليا في الخطوات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية من تعيين السفير دونالد ياما موتا سيفرا لها لدى الصومال وهو خبير في المنطقة.
علاقة أمريكا مع كل من جيبوتي وارتريا.
أنشأت الولايات المتحدة التمثيل القنصلي في مستعمرة أرض الصومال الفرنسية (جيبوتي) في عام 1929. الا أن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الولايات المتحدة وجمهورية جيبوتي بدأت في عام 1977 وذلك بعد استقلال جيبوتي عن فرنسا. تتمتع جيبوتي بموقع استراتيجي في القرن الأفريقي وهي شريك رئيسي للولايات المتحدة في مجال الأمن والاستقرار الإقليمي والجهود الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة، وتعتبر جيبوتي الدولة التي تستضيف الوجود العسكري الأمريكي الوحيد الدائم في إفريقيا في معسكر “ليمونة” الذي تم تأسيسه باتفاق رسمي بين البلدين في عام 2003 ويضم المعسكر المذكور حاليا ما يقارب 4 الاف جندي أمريكي كما يوفر الاتفاق الثنائي مع حكومة جيبوتي للولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى مرافق الموانئ والمطارات بغية الإستفادة منها.
أما علاقة الولايات المتحدة مع ارتيريا: فقد بدأت في نهاية الربع الثاني من القرن الماضي حيث تأسست القنصلية الأمريكية في أسمرة لأول مرة في عام 1942. وفي عام 1953 وقعت الولايات المتحدة معاهدة دفاع متبادل مع إثيوبيا منحت المعاهدة الولايات المتحدة السيطرة والتوسع في قاعدة الاتصالات العسكرية البريطانية الهامة في Kagnew بالقرب من أسمرة. في ستينيات القرن الماضي كان هناك ما يقرب من 4000 عسكري أمريكي متمركزين في كاينيو. وفي السبعينيات من القرن الماضي جعلت التطورات التكنولوجية في الأقمار الصناعية ومجالات الاتصالات محطة الاتصالات في Kagnew ذات أهمية بشكل متزايد.
وفي آب / أغسطس من عام 1992 وقبيل استقلال ارتيريا من اثيوبيا أعادت الولايات المتحدة فتح قنصليتها في أسمرة. وفي 27 أبريل 1993 ، اعترفت الولايات المتحدة بإريتريا كدولة مستقلة ، وفي 11 يونيو تم تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية لدى أسمرة، ووصل أول سفير أمريكي في وقت لاحق من ذلك العام.
يقول الحزب الحاكم في إرتيريا الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا (المعروفة محليا باسم شعبية) أن “الولايات المتحدة تواصل اتباع سياسة لا هوادة فيها من العداء غير المبرر ضد إريتريا. … وأن العداء الأمريكي تجاه إريتريا لا ينبع من القيم غير المتوافقة فيما يتعلق بالعدالة، أو الديمقراطية، أو حقوق الإنسان، أو المبادئ الأساسية للقانون الدولي، فالحقيقة هي أن الولايات المتحدة كانت تعتقد طوال الوقت أن مصالحها واستراتيجياتها في المنطقة تخدمها إثيوبيا بشكل أفضل: بغض النظر عن الاتجاهات الفلسفية واللون السياسي للنظام الحاكم في أديس أبابا.
وفعلا تدهورت العلاقات الأمريكية الإريترية حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية من بين الدول التي تتهم اتيريا بمساندة حركات التمرد في الصومال حيث كانت ارتبريا حينها تستضيف المعارضة الصومالية التي من بينها التحالف من أجل تحرير الصومال الذي كان يتزعمه الرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد قبل أن يصبح رئيسا للصومال عام 2009.
العلاقات الأمريكية السودانية:
أقامت الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع السودان عام 1956 ، بعد استقلالها عن الإدارة المشتركة بين مصر والمملكة المتحدة، كان السودان قد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة في عام 1967 بعد بداية الحرب العربية الإسرائيلية. وأُعيد تطبيع العلاقات في عام 1972، لكن ومع وصول حكومة الإنقاذ العسكرية والتي جاءت عن طريق انقلاب قام به الجيش بدأت الولايات المتحدة الأمريكية باتهام السودان بإقامة علاقات مع منظمات إرهابية دولية مما أدى الى تدهور العلاقة بين البلدين وأدرجت الولايات المتحدة السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1993 وتلا ذلك تعليق عمل السفارة الأمريكية في السودان عام 1996 وقد أعيد فتح السفارة الأمريكية في عام 2002.
الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة لعبت دوراً رئيسياً في المساعدة في التفاوض على اتفاق السلام الشامل لعام 2005 بين السودان وحركة تحرير السودان التي وضعت الأساس لاستفتاء عام 2011 لاستقلال جنوب السودان والانفصال.
وقد رفعت الولايات المتحدة العقوبات مؤخرا عن السودان كما تحسنت العلاقات بين البلدين مما يفسر بأن التوجه الجديد للولايات المتحدة تجاه المنطقة تغير وأن هناك اهتماما حقيقيا سببه رغبة أمريكا في الاستمرار علي تحسين علاقتها بهدف منافسة القوى الدولية الطامعة في ثروات المنطقة.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال