الصراع الأمريكي الصيني في القرن الأفريقي (الجزء الثاني)

الصومال الجديد

آخر تحديث: 29/09/2018

[supsystic-social-sharing id="1"]

لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا

التقرير الأسبوعي
الرقم 48

تناول الجزء الأول من التقرير تحديد منطقة القرن الأفريقي وأهميتها الاستراتيجية وطرح بنذة عن كل من أمريكا والصين. وفي هذا الجزء الثاني من التقرير يركز على الحضور الصيني والأمريكي في المنطقة:
الحضور الصيني
لا يمكن الحديث عن الوجود الصيني وحضوره في منطقة القرن الأفريقي بمعزل عن حضوره في القارة السمراء التي أصبحت محطة أنظار العالم. ويعود الحضور الصيني في القارة إلى التقدم الذي شهدته السياسة الخارجية الصينية، و ما صاحبها من تصاعد دور ونفوذ الصين كقوة عالمية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم في ظل سياسة الهيمنة والقطب الواحد. اتجهت الصين إلى سياسة التوسع والعمل على التوازن الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية، والبحث عن أحلاف لها لإثبات وجودها ونفوذها، حيث وجدتهم عبر القارة الإفريقية من خلال شركاتها التي ترعاها الدولة، وتديرها مؤسسات، هدفها تأمين مصادر النفط. واستطاعت الصين خلال سنوات قليلة أن تصبح الشريك الذي يلي الولايات المتحدة وفرنسا في القارة الأفريقية، حيث تضاعفت التجارة بين الصين وإفريقيا إلى أضعاف منذ بداية هذا العقد، فقد ارتفعت إلى 36% في عام 2005، إلى 39.7 بليون دولار، بناء على الإحصائيات الصينية الرسمية، بالإضافة إلى توقيع عدد كبير من الصفقات والعقود التجارية، بلغت قيمتها حوالي 2 بليون دولار.
أما الوجود الصيني في هذه المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية يعود الى فترة بداية الألفية الثالثة، فقد قامت الصين بتمويل وتنفيذ مشاريع تنموية في دول المنطقة بدأ من جيبوتي التي تعتبر المحطة الأولى والبوابة الرئيسة للمنطقة، فقد مولت الصين عددا من المشاريع التنموية، ومنذ اليوم الأول لتدشين منتدى التعاون الصيني الإفريقي عام 2000، قدمت بكين 16.6 مليون دولار لتمويل المشروعات التنموية في جيبوتي وحدها، ووفقا للموقع المعني بالتنمية الاقتصادية المتبادلة بين الصين والقارة الإفريقية، فقد قدمت بكين مساعدات غذائية بقيمة 1.75 مليون دولار خلال الجفاف الذي ضرب جيبوتي عام 2005، فيما أغدقت على بناء مقر جديد لوزارة الخارجية الجيبوتي يتكلف 2.41 مليون دولار.
أما بالنسبة لإثيوبيا فإن الصين تزود اثيوبيا بكميات كبيرة من المساعدات الخارجية، المرتبطة في الأغلب بمشاريع البنية التحتية التي تقوم بها الشركات الصينية، وتتزايد الاستثمارات الصينية في الاقتصاد الاثيوبي مع استيراد السلع الاستهلاكية الرخيصة من الصين وتزايد صادرات إثيوبيا للصين أيضا.
وتولي الصين لإثيوبيا اهتماما بالغا بشكل رسمي إذ تعتبرها في المقام الأول كسوق أساسي وكمصدر رئيسي لتصدير منتجاتها، بما في ذلك النفط والغذاء، ولأن الصادرات الصينية تتوسع مع استمرار النمو الاقتصادي السريع لإثيوبيا ذات الكثافة السكانية العالية.
وخلال زيارة رئيس الوزراء الصيني الى أثيوبيا منتصف عام 2014 وقع وزراء ورجال الاعمال المرافقون له على ستة عشر اتفاقية مع نظرائهم الأثيوبيين، وهذه الاتفاقيات شملت اتفاقيات تمويل وقروض ومساعدات اقتصادية لتشييد طرق ومناطق صناعية. كما قام رئيس الوزراءالصيني أثناء تلك الزيارة بالمشاركة في افتتاح أول طريق سريع بطول 80 كيلومتر يربط العاصمة الإثيوبية اديس ابابا بالطريق الذى يمر بجنوب البلاد ويمتد إلى ميناء جيبوتي، وتم تشييده بقرض من بنك الصادرات والواردات الصيني. وفي عام 2014 كانت تعمل فى إثيوبيا أكثر من 500 شركة صينية باجمالي استثمارات تفوق 1.5 بليون دولار. فعلى سبيل المثال كانت شركة هاواي للتكنولوجيا الصينية -وهى ثاني أكبر شركة لتصنيع أجهزة الاتصالات فى العالم- تقوم بالتضامن مع “شركة زد تي اي” بالعمل على استحداث أسرع شبكة اتصالات من الجيل الرابع فى العاصمة الأثيوبية وخدمات اتصالات الجيل الثالث على نطاق اثيوبيا.
والأمر ذاته حدث مع الصومال، ففي الفترة من عام 2000 إلى عام 2011، تم إطلاق حوالي سبعة مشاريع تنموية صينية في الصومال. وفي المقابل وقعت شركة بترول مملوكة للدولة الصينية في يوليو من عام 2007 اتفاقا مع الحكومة الصومالية للتنقيب عن النفط في إقليم مدغ والذي يتمتع بحكم ذاتي.
والحضور الصيني في دول المنطقة لا يقتصر على دول القرن الأفريقي الأساسية، بل يمتد وبكل عمق الى جميع دول منطقة شرق أفريقيا، حيث ساهمت الشركات الصينية في التنمية الاقتصادية السودانية، ففي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، أعلنت السودان عن وجود 126 شركة صينية استثمارية على أراضيها، أوصلت تلك الشركات قيمة الاستثمارات الصينية في السودان إلى 15 مليار دولار في كل المجالات، وقد دخلت الصين بوابة الاستثمار في السودان خلال تسعينيات القرن الماضي من بوابة قطاع النفط.
وللصين حضور في كل من اريتريا وجنوب السودان بشكل متفاوت، كما أن لها استثمارات ضخمة في كينيا وأوغند وبعض الدول الواقعة في منطقة شرق أفريقيا بشكل عام، ويعتبر شريكا مهما في تنمية العجلة الاقتصادية لتلك الدول. يذكر أن الحضور الصيني في المنطقة المتمثل في تقديم المساعدات الانسانية والتنموية لدول المنطقة إضافة إلى الاستثمارات الضخمة والتبادل التجاري والتواجد العسكري بات يؤرق مضاجع القوى الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
الحضور الأمريكي في المنطقة
يعود الوجود الأمريكي الرسمي في المنطقة في فترة الحرب الباردة، حيث كان الهدف الرئيسي للوجود الأمريكي في المنطقة احتواء خطر الشوعية، فقد عززت الولايات المتحدة علاقتها مع دول المنطقة، بحيث أزداد أواخر الثمانينيات دعمها الاقتصادي والعسكري على الإمبراطور هيلا سيلاسي الذي كان حليفا موثوقا للولايات المتحدة. احتفظ الجيش الأمريكي بمحطة اتصالات مهمة تعرف باسم “كاينيو” خارج أسمرة والتي كانت في ذلك الوقت جزءًا من إثيوبيا. وفي أواخر الستينيات كانت إثيوبيا موقعًا لأكبر برنامج مساعدة اقتصادية وعسكرية للولايات المتحدة، كما كانت السفارة الأمريكية في أديس أبابا أكبر سفارة في أفريقيا جنوب الصحراء. وعندما تعرضت إثيوبيا للتهديد من الانفصاليين الإريتريين والصوماليين فقد دعمت الولايات المتحدة اثيوبيا بكل قوة.
وفي نفس الوقت قامت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم محمد سياد برى الحاكم العسكري الذي حكم الصومال من 1969 وحتى 1991 الذي رأته واشطن كمنفذ تستطيع الولايات المتحدة من خلاله صد أي تهديد عسكري روسي لآبار النفط في منطقة الشرق الأوسط. ولذات السبب كانت المساعدات العسكرية والإقتصادية تتدفق على اثيوبيا حيث بلعت مجموع المساعدات المقدمة الى هيلا سلاسي ما يزيد عن 600 مليون دولار أمريكي. أما المساعدات المقدمة لنظام سياد برى فقد بلغت ما يقارب 800 مليون دولار حتى عام1978.
وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دورا بارزيا في قضايا المنطقة لتثبت وجودها في عام 1991، حيث لعبت واشنطن دوراً رئيسياً في المساعدة على التوسط في رحيل منجيستو من أديس أبابا، واستبدال نظامه بنظام الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي واستقلال إريتريا. وبسبب المخاوف من دعم السودان للمعارضة الاريترية المسلحة التي كانت تتخذ من السوان مأوا لها في ظل استمرار العلاقات الأمريكية والحكومة السودانية في التدهور بسبب اتخاذ اسامة بن لاند من السودان مقرا له، ووضعت الولايات المتحدة السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب في عام 1993؛ مما أدى ذلك إلى فرض عقوبات أمريكية على السودان.
والوجود الأمريكي لم يكن يقتصر على الصومال وإثيوبيا بل يمتد الى جميع دول المنطقة دون استثناء، فالولايات المتحدة تمتلك أكبر قاعدة عسكرية في المنطقة في جيبوتي وهي قاعدة ليمونية القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة المعلن عنها بصفة رسمية، حيث بدأت واشنطن سنة 2002 بنشر تسعمائة جندي أمريكي فقط، حيث يبلغ عدد الجنود الأمريكيين فيها الآن ما يقارب 4000 جندي. وقد أصبحت هذه القاعدة العسكرية مقر قوة العمل المشتركة Combined Joint Task Force CJTF (أفريكوم) وتقوم هذه القاعدة بمراقبة المجال الجوي والبحري والبري لست دول أفريقية هي: السودان وأريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا، واليمن من آسيا ودول الشرق الأوسط، أي أنها أحد أهم القواعد الأمريكية في العالم تقريبًا.
وتشير بعض التقارير الى وجود قاعدة أمريكية في مدينة (أربامنش) جنوب إثيوبيا، وتضم أسطولاً لطائرات محملة بصواريخ (هيل فاير) بدون طيار لتنفيذ عمليات عسكرية بالأرضى الصومالية ضد الجماعات المسلحة التي تعمل من أجل إسقاط الحكومة. لكن إثيوبيا نفت صحة معلومات مسربة حول وجود تنسيق وتعاون عسكري بينها وبين الولايات المتحدة داخل أراضيها. سبق أن ساعدت واشنطن إثيوبيا على الدخول إلى الصومال لمساندة الرئيس الراحل عبد الله يوسف أحمد عام 2006 مالياً وعسكرياً، ولا تزال الولايات المتحدة تقوم بتدريب وتمويل قوات حفظ السلام الأفريقية الموجودة بالصومال لمحاربة ملشيات الشباب وداعش.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال