السياسة فنعم المرضعة!
الصومال الجديد
آخر تحديث: 20/02/2022
بقلم علي نور أحمد/ ناشط دعوي
حين حدقت الأنظار- بما في طيات هذه الصور وملامح الرجل وما جلّله من الفرحة والسرور والبهجة والثقة فيما هو عليه الآن من الإمارة، والمنصب العالي، وما يستقبله في الأيام القادمة – إن شاء الله – حسب رغبته؛ ليجد في ذلك قوة إلى قوته، وحصانة ،وسياسية؛ للتفلت من المحاسبة والمتابعة في كل تلك المغامرات التي خاض غمارها في السنوات الخمس الماضية- تذكرت حقيقة سكرة الإمارة التي كان فيها مِنْ حُصُولِ الْجَاهِ وَالْمَالِ وَنَفَاذِ الْكَلِمَةِ وَتَحْصِيلِ اللَّذَّاتِ الْحِسِّيَّةِ وَالْوَهْمِيَّة ،ِوتخويف الناس، والحرص على وصفِه بالألقاب المفخمة ،وحب التغلب على الآخرين حتى أفضى به ذلك، إلى نزاعات وخلافات، وأدخله في مصائب ومشكلات، بل وجرَّه إلى سفك دماء محرمة، أو نهب أموال الرعية، أو هتك أعراضهم ولاعجب في ذلك، لأن الإمارة شهوة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بحب الظهور، والغلبة ؛ ولكن لابد أن يتذكر حقيقة حاله قبل ذلك أوما سيؤول إليه الأمر حال فقد الإمارة بعزل، أو بانتهاء مدتها ،أو بموت مفاجىء على حين غفلة منه، وَبما يترتب بعد ذلك عَلَيْهَا من التَّبِعَات في الدنيا، وفِي الْآخِرَةِ ؛ ولهذا قال المصطفى عليه الصلاة والسلام : «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ» رواه البخاري.
وقال العلماء : معنى الحديث سَيَأتي الزَّمانُ الذي يَحرِصُ النَّاسُ فيه على تَولِّي الإمارَةِ والرئاسَةِ على النَّاسِ بأيِّ صُورةٍ مِن صُوَرِ الوِلاياتِ، وسَتَكون هذه الإمارةُ خِزْيًا، ونَدَامة لِمَن تَولَّاها ولم يُؤَدِّ حقَّها برِعايةِ أُمورِ النَّاسِ، بل ظَلَم وتَجبَّر وتَكبَّر، فكانت الوِلايةُ، والإمارةُ له في الدُّنيا رِفعةً وعُلُوًّا ؛ ولذلك قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «فَنِعْمَ المُرضِعَةُ »؛ فبِدَايتُها مُحبَّبةٌ للنَّاسِ في الدُّنيا لأنها تدر عليه المنافع واللذات العاجلة ولكنَّها «وبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ» عند انفصاله عنها حين تنقطع عنه تلك اللذائذ، والمنافع والمناصب وتبقي عليه الحسرة والتبعة ذُلًّا وخِزيا وندامة.
فعلى العاقل أن لا ينسى نفسه في لذة تتبعها حسرات.