الرئيس الصومالي ومعارضوه وجها لوجه في غروي
الصومال الجديد
آخر تحديث: 27/01/2019
أفادت مصادر في غروي عاصمة ولاية بونتلاند شمال شرق الصومال عن لقاء يجري بين الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورؤساء الولايات الولايات الإقليمية الذين يعارض بعضهم سياسات الحكومة الفيدرالية وذلك بعد مشاركتهم أمس في حفل تنصيب رئيس ولاية بونتلاند الجديد سعيد عبد الله دني.
وتشير المصادر إلى مشاركة رئيس مجلس الشيوخ عبدي حاشي عبد الله والرئيسين السابقين حسن شيخ محمود وشريف شيخ أحمد في اللقاء الذي يعتقد أن الهدف منه حل الخلاف بين الرئيس فرماجو وبين من تبقى من رؤساء الولايات الذين أسسوا مجلس تعاون الولايات الإقليمية الذي أعلن في سبتمبر الماضي إيقاف تنسيق مع الحكومة الفيدرالية.
وكان رؤساء الولايات المعارضون لسياسات الحكومة الفيدرالية رفضوا دعوات سابقة للرئيس فرماجو لإجراء حوار في مقديشو، وأشاروا إلى أنه لا توجد فائدة من ذلك الحوار، وذكروا أن الحكومة الفيدرالية دأبت على عدم الالتزام بالاتفاقيات التي تتوصل إليها مع الولايات الإقليمية، الأمر الذي جعل الحكومة تستخدم كل ما لديها من قوة للتخلص من زعماء الولايات الإقليمية المعارضين ونجحت في استمالة رئيس ولاية هيرشبيلي محمد عبدي واري كما أجبرت رئيس ولاية جنوب غرب الصومال السابق شريف حسن شيخ آدم على التنحي وأوصلت رئيسها الحالي عبد العزيز حسن محمد لفتاغرين بدعم منها إلى السلطة.
غير أن معركتها مع الولايات الإقليمية لم تنته بعد حيث بقيت ثلاث ولايات إقليمية لم تستطع الحكومة الإطاحة برؤساءها أو التحكم في شأنها فبالرغم من اختراقها لولاية غلمدغ التي انقسمت إلى جناحين يتمركز أحدهما والذي يضم رئيس الولاية أحمد دعالي حاف ورئيس حكومته الشيخ محمد شاكر في دوسمريب عاصمة الولاية بينما يتمركز جناح آخر يضم نائب رئيس الولاية محمد حاشي عربي ورئيس برلمان غلمدغ علي غعل عصر- وهو جناح يحظى بدعم الحكومة الفيدرالية- في مدينة “”عداداو” في إقليم غل غدود، إلا أن الرئيس حاف ما زال رئيس غلمدغ المعترف به، حيث التقى مؤخرا بسفراء الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية العاملة في الصومال في العاصمة الكينية نيروبي.
أما رئيس ولاية جوبالاند فلم تستطع الحكومة الفيدرالية التأثير على إدارته حيث يسيطر على شئون الولاية سيطرة تامة، أما بونتلاند وإن كان رئيسها السابق عبد الولي محمد علي “غاس” هزم في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في غروي في الـ 8 من يناير الجاري إلا أن رئيسها الجديد سعيد عبد الله دني أمسك العصا من الوسط فيما يتعلق بالخلاف القائم بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات الإقليمية، وهذا جعل الحكومة الصومالية أمام خيارين هما المضي قدما في استراتيجيتها الرامية إلى القضاء على رؤساء الولايات المعارضين لها بالوسائل المتاحة أو فتح حوار مع من تبقى من قادة مجلس تعاون الولايات الإقليمية.
وقد وفرت مناسبة تنصيب رئيس ولاية بونتلاند أجواء للحوار بين الحكومة وخصومها من رؤساء الولايات والسياسيين المعارضين بشكل عام خاصة وأن القيادة الصومالية على المستويين الفيدرالي والإقليمي أبدوا رغبة في المصالحة وحل الخلافات القائمة في كلماتهم بالمناسبة ، إلا أن هناك إشكاليات كبيرة قد تجعل نجاح أطراف الخلاف في الصومال في التوصل إلى اتفاق صعبا، فالخلاف بين تلك الأطراف يشمل قضايا في غاية الأهمية من بينها تعديل الدستور وتطبيق الفيدرالية ووضع قوانين الأحزاب السياسية والانتخابات وتوزيع الثروات وهذا هو السبب الحقيقي للخلاف في نظر كثير من المراقبين ما جعل المعارضين للحكومة الصومالية الذين شاركوا في مناسبة تنصيب رئيس ولاية بونتلاند يؤكدون في كلماتهم على اهمية الالتزام بالدستور كحل للخلافات القائمة.
فالمعارضة تعتقد أن الحكومة الفيدرالية أصبحت تتلاعب بقوانين البلاد بعد أن نححت في السيطرة على نواب مجلس الشعب وأصبحت تتحكم في شئون المجلس، فقد صادق النواب مؤخرا على مشاريع أثارت استغراب كثير من الصوماليين كان آخرها موافقتهم على السماح بتعيين أجنبي مديرا للبنك المركزي الصومالي.
ولا شك أن الصومال الذي عاني 28 عاما من الصراعات والحروب ليس في حاجة إلى سنوات أخرى من الخلاف، وليس بمستبعد في نظر كثيرين توصل القادة المجتمعين في غروي إلى اتفاق يقضي بحل الخلاف القائم بينهم، إلا أن المهم تنفيذ ما يتم التوصل إليه لئلا يذهب أدراج الرياح كالاتفاقيات السابقة التي أبرموها والتي أصبحت في النهاية حبرا على ورق، وملعوم أن طي صفحة الماضي الأليم في الصومال لن يتم إلا باتخاذ قيادة البلاد قرارات شجاعة تخدم مصلحة البلاد والعباد.