الديمقراطية الوهمية في الانتخابات الصومالية
الصومال الجديد
آخر تحديث: 19/11/2016
تجري الانتخابات النيابية في عواصم الولايات الإقليمية في الصومال؛ وذلك بعد فشل قيادة الدولة في توفير أجواء مناسبة لإجراء انتخابات الصوت الواحد للشخص الواحد في عام 2016؛ مما أدى إلى اتفاق منتدى القيادة الوطنية الذي يضم قادة الدولة ورؤساء الولايات الإقلميية على اتخاذ نظام انتخابي جديد وغير مباشر، وهو انتخاب أعضاء الغرفة العليا للبرلمان (مجلس الشيوخ) بواسطة برلمانات الولايات الإقليمية وانتخاب أعضاء الغرفة السفلى (مجلس النواب) بواسطة أكثر من 14 ألف مندوب يمثلون العشائر الصومالية، بحيث يصوت 51 مندوبا لأي من المرشحين المتنافسين على مقاعد مجلس النواب البالغ عددها 275 مقعدا.
يشعر المراقبون بقلق شديد حيال نزاهة الانتخابات الصومالية في هذا العام؛ والتي تعتبر- كما يبدو- أكثر سخونة من سابقاتـها؛ ويطعن محللون صوماليون في مصداقية اللجان الانتخابية على المستويين الفيدرالي والإقليمي والتي تشكلت على يد سياسيين لهم طمع في حكم البلاد، مما يمكن أن يؤثر سلبا على نتائج الانتخابات النيابية والرئاسية.
وتؤكد التقارير أن عمليات الفساد في الانتخابات النيابية وصلت إلى ذروتـها؛ بحيث تم صرف ملايين الدولارات للحصول على العضوية في البرلمان الصومالي؛ في وقت يموت فيه مواطنون صوماليون جوعا وعطشا في مناطق بالصومال بسبب الجفاف. ويقوم بعض المرشحين لمقاعد البرلمان المقربين من بعض المرشحين للسباق الرئاسي ذوي النفوذ السياسي بترشيح أشخاص آخرين من عشائرهم ينافسونهم على أساس أن يتنازل هؤلاء الأشخاص عند بدء عملية التصويت وفق اتفاق سري بينهم.
وتذكر التقارير أن المرشحين المستقلين يواجهون ضغوطا سياسية وأمنية كبيرة من قبل بعض المرشحين المدعومين ممن لديهم نفوذ وسلطة سياسية، وتتمثل هذه الضغوط في منعهم من تستجيلهم كمرشحين على أساس أنـهم لم يستوفوا الشروط، أو جعل المقاعد البرلمانية التي يريدون التنافس عليها مقاعد مخصصة للنساء انطلاقا من حصة المرأة (30%) وذلك من أجل إبعاد سياسيين معينين من عضوية البرلمان الصومالي القادم. وهناك مصادر مطلعة أفادت بعزل مسؤولة في محافظة بنادر نتيجة ترشحها للعضوية في البرلمان القادم.
ويشار إلى أن المرشحين المقربين من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود؛ الذي ترشح لولاية ثانية أكثر حظا من منافسيهم في الفوز بعضوية البرلمان في الانتخابات الجارية في ولايتي جلمدج وهيرشبيلى، ومما يرويه المتابعون للانتخابات أن بعض المرشحين يختارون من تلقاء أنفسهم مندوبي عشيرتـهم الناخبين؛ الذين سيصوتون له؛ مما أثار احتجاجات في بعض الولايات الإقليمية، وأدى التدخل في الانتخابات البرلمانية إلى وقوع اشتباكات مسلحة في مدينتي عدادو وجوهر. ووقعت الاشتباكات في مدينة عدادو يوم الإثنين الماضي مما أدى إلى اعتقال سلطات الأمن الصومالية محمد محمود جوري وزير الأشغال العامة والإسكان في ولاية جلمدج؛ والذي ترشح للعضوية في مجلس النواب. وعلى الرغم من أن سلطات الأمن الصومالية اتهمت ذلك الوزير بالمسؤولية عن هجوم على مقر لجنة الانتخابات الإقليمية في مدينة عدادو؛ إلا أنه نفى صحة ذلك الاتهام؛ والذي وصفه بأنه يهدف إلى تشويه سمعته. وأشارت بعض وسائل الإعلام إلى أن الجنود الذين قاموا باعتقال الوزير كانوا تابعين للجنرال عبد الله غافو محمود مدير جهاز المخابرات والأمن الوطني، إلا أن ولاية جلمدج نفت أي تورط لغافو في تلك القضية.
وفي آخر التطورات فإن مواجهات مسلحة جرت الليلة الماضية في مدينة جوهر عاصمة ولاية هير شبيلى بين حرسي مرشحين للعضوية في البرلمان. وبسحب موقع جوهر الصومالي جاءت الاشتباكات بعد عرقلة سير انتخابات إحدى المقاعد البرلمانية التي كان يتنافس عليها كل من وزير الرياضة والشباب محمد عبد الله حسن “نوح” الذي حصل على 21 صوتا في الجولة الأولى من الانتخابات والمرشح أحمد نور تمعدي الذي حصل على 24 صوتا، والمرشح نور بوعور الذي فشل في الجولة الأولى بعد حصوله على سبعة أصوات فقط، وأشار الموقع إلى أن قاعة الانتخابات تحولت إلى مجلس صخب وفوضى بعد انسحاب المرشح البرلماني وزير الرياضة من القاعة، مما أدى إلى تأجيل الانتخابات.
وعلى العموم فإن ما يجري من شراء أصوات المندوبين الناخبين واستخدام السلطة السياسية للتأثير على نتائج الانتخابات النيابية يعتبر مؤشرا على أن ما يسمى بالديمقراطية في الانتخابات الصومالية مجرد أوهام كاذبة، كما تدل هذه الوقائع على أن الانتخابات الرئاسية ستكون أكثر فسادا من الانتخابات النيابية، وما بني على باطل فهو باطل.