الدور السياسي للرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد

صفاء عزب

آخر تحديث: 28/09/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- أشعل قرار منع الرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد من السفر إلى كسمايو جدلا واسعا في الأوساط السياسية الصومالية وأثار غضبا شديدا لدى الكثيرين منهم مؤيدوه وأعضاء حزبه “هيميلو قرن” الذي يرأسه، وتسبب في أزمة داخلية جديدة تزيد من حدة التوتر المستعر بين الحكومة الفيدرالية والقوى السياسية في مختلف أرجاء الصومال. وقد أعربت القوى السياسية المختلفة عن استنكارها لهذا القرار، ووصف حزب “هيميلو” ذلك الإجراء بأنه انتهاك لكرامة الإنسان المكفولة له ويتنافى مع قواعد الدستور. وقد عكست تصريحات الحزب حدوث أزمة كبيرة تسبب فيها قرار المنع من السفر الصادر بحق رئيسه، حيث وجه الحزب تحذيرا للحكومة الفيدرالية مما أسماه “تدخلا سافرا” منها في شؤون الولايات وطالبها بالسماح للولايات بتشكيل مؤسساتها التنفيذية والتشريعية تطبيقا للمادة 120 من الدستور الفيدرالي الإنتقالي، كما شدد الحزب على ضرورة كف الحكومة الفيدرالية عن “انتهاك” القوانين وحقوق المواطنين.

وكانت الحكومة الصومالية منعت الرئيس السابق شريف شيخ أحمد من السفر إلى كسمايو عاصمة ولاية جوبالاند للمشاركة في حفل تنصيب رئيس جوبا لاند أحمد مدوبي، وألغت رحلة الطائرة التي كانت متوجهة إلى هناك. يأتي ذلك بينما تشهد البلاد احتقانا سياسيا شديدا ناجما عن  خلافات سياسية واسعة بين الحكومة الفيدرالية وبين حكومات الولايات بسبب انتقادات الأخيرة لإدارة الرئيس محمد عبد الله فرماجو للصومال والإعتراضات المثارة ضده للتدخل في إدارة الشؤون الخاصة بالولايات، وهو ما يضع مستقبل الرئيس فرماجو على المحك ويهدد فرصته في الحصول على فترة رئاسية جديدة في الإنتخابات المقبلة، بينما في المقابل يصعد نجم شريف شيخ أحمد وتتسع دائرة نشاطه السياسي في المجتمع الصومالي سيما بعد تأسيسه لحزب “هيميلو قرن”.

ويعد شريف شيخ أحمد من أبرز الشخصيات الصومالية على الساحة السياسية بالصومال ليس فقط كونه رئيسا سابقا لبلاده، وإنما لنشاطه السياسي الكبير ودوره المهم كرئيس ومؤسس لحزب “هيميلو قرن”. ولم يتوقف نشاطه على هذا الدور الحديث حيث شهدت فترة ما قبل توليه رئاسة الصومال نشاطا مكثفا له باعتباره زعيما للمحاكم الإسلامية الصومالية.

كان لأصوله الدينية وتعلمه بمدرسة ” الشيخ الصوفي” التابعة لجامعة الأزهر، تأثير كبير على توجهاته. كما ساهم انتقاله لأكثر من بلد عربي لتلقي تعليمه العالي في تشعب علاقاته الخارجية، حيث درس لعامين في جامعة كردفان، ثم أكمل دراسته في ليبيا قبل أن يعود إلى “جوهر” في بلاده عام 2002. وكان للأحداث التي عاصرها آنذاك، دور مهم في تشكيل توجهاته وقناعاته السياسية، حيث كان اختطاف أحد تلاميذه الصغار عام 2003 لطلب فدية، دافعا قويا له لقراره مواجهة المخاطر الأمنية في البلاد وحماية الناس، وأصبح أبرز قادة المحاكم الإسلامية بالعاصمة الصومالية قبل أن يترأس اتحاد المحاكم الإسلامية عام 2005. وعندما انهار نظام المحاكم الإسلامية وسقطت كسمايو بيد القوات الإثيوبية، توجه شيخ شريف شيخ أحمد إلى الحدود الكينية لكن الشرطة الكينية احتجزته في يناير 2007، قبل إطلاق سراحه في فبراير 2007 وسفره لليمن. لكن كواليس مفاوضات الإفراج عنه صاحبها جدل حول الدور الأمريكي فيها، وأسس قادة المحاكم والسياسيين المعارضين المنشقين من البرلمان الصومالي والفارين من البلاد في العاصمة الإريترية أسمرا تحالف إعادة تحرير الصومال في سبتمبر 2007 واختير شيخ شريف شيخ أحمد رئيسا له.

وعندما استقال الرئيس الصومالي الأسبق عبد الله يوسف أحمد في نهاية 2008 اختير شيخ شريف شيخ أحمد رئيسا للبلاد في انتخابات رئاسية تنافس فيها 14 مرشحا عقدت في جمهورية جيبوتي التي استضافت مؤتمر مصالحة للحكومة الصومالية والمعارضة وقاد البلاد خلال الفترة من 2009 وحتى 2012.

وبعد فترة من الكمون السياسي عاد اسم شريف شيخ أحمد ليتردد بقوة على الساحة السياسية الصومالية وذلك بعد تأسيسه لحزب “هيميلو قرن” في نهاية عام 2018، وهو ما تواكب مع الإعلان عن نيته في خوض تجربة الإنتخابات الرئاسية المقبلة.

ولا شك أن حزبه الجديد يلعب دورا كبيرا لصالحه كذراع سياسي بارز يمكنه من المنافسة في انتخابات 2020/2021، خاصة في ظل برنامجه المعلن الذي وضعه للحزب ويعتمد على استبباب الأمن القومي وسلامة المواطنين ووحدة البلاد وتفعيل المصالحة الوطنية.

وعقب منعه من السفر إلى كسمايو عقد شيخ شريف مؤتمرا صحفيا في مقديشو دعا فيه أبناء الصومال من كافة المستويات والأعمار إلى “إنقاذ” البلاد من الإنهيار ووجه نقدا لاذعا للحكومة الفيدرالية الصومالية مشيرا إلى أن الرئيس فرماجو وأعوانه من الوزراء والمسؤولين يسلكون تصرفات لا تحمد عقباها منددا بقرار منعه من السفر مؤخرا.

ويأتي انتقاد شريف اللاذع لأداء الحكومة الصومالية في عهد الرئيس فرماجو متواكبا مع حالة عدم رضاء تسود في الأوساط السياسية عن الأوضاع في البلاد وما آلت إليه من تراجع بسبب ما يسمونه بـ”الفشل الحكومي والتقصير الأمني” والذي انعكس سلبيا على أداء النظام الإقتصادي وأوضاع الشعب الصومالي.

ويبدو للمراقبين أن تصريحات شريف شيخ أحمد الأخيرة تداعب المزاج العام  وتستغل المناخ السائد لتحقيق دعاية سياسية لجني المزيد من المؤيدين والداعمين له وتوسيع حجم قاعدته الشعبية تمهيدا لخوض المعركة الإنتخابية الرئاسية المرتقبة.

ولا شك أن القاعدة الشعبية للرئيس فرماجو تتآكل مع الوقت بسبب سياساته التي أغضبت مختلف القوى السياسية والحزبية إضافة إلى حكومات الولايات التي تتهمه بالتدخل  في شؤونها بما يتنافى مع الدستور الصومالي. وفي المقابل تتسع جماهيرية رموز المعارضة وعلى رأسها الرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد وهو ما عكسه الإحتفال الكبير الذي أقيم على هامش تدشين حزبه في العاصمة الصومالية وزخر بكوكبة من السياسيين وزعماء المعارضة إضافة إلى ردود الأفعال الواسعة التي ساندته ونددت بقرار منعه من السفر. وعلى الرغم من صعوبة التكهن بمصير “شريف” السياسي واحتمالات الفوز في الإنتخابات الرئاسة المقبلة إلا أن المؤكد هو تصاعد دوره السياسي البارز وثقل علاقاته الداخلية والخارجية والتي تمكنه من أداء دور سياسي فعال ومؤثر خلال الفترة القادمة سواء كمسؤول أو معارض بارز.

 

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال