الخلاف حول دفع ضريبة القيمة المضافة في مقديشو: مكامن الخلل ومسار الحل

الصومال الجديد

آخر تحديث: 23/02/2018

[supsystic-social-sharing id="1"]

برزت خلافات كبيرة بين التجار في محافظة بنادر العاصمة الصومالية مقديشو وبين الحكومة الفيدارلية الصومالية، وذلك بعد محاولة الحكومة فرض ضريبة القيمة المضافة على البضائع المستوردة عبر ميناء مقديشو الدولي، وهي ضريبة غير مباشرة يدفعها التجار سلفا، ليستردوها من المستلك النهائي بواسطة إضافة قيمة الضريبة على السلعة.

وفي الحادي عشر من شهر فبراير الجاري أعرب التجار في مؤتمر صحفي عقدوه في مقديشو عن قلقهم من قرار فرض ضريبة القيمة المضافة على البضائع المستوردة عبر ميناء مقديشو دون المواني الصومالية الأخرى في البلاد، كما يجادل التجار في محافظة بنادر بأنـهم يدفعون ضريبة الرسوم الجمركية بالإضافة إلى تكاليف الخدمات الباهظة المدفوعة لشركة البيرك التركية التي تدير الميناء.

وتسببت الخلافات بين الجانبين في توقف أعمال ميناء مقديشو الدولي، كما قرر التجار إضرابا عاما عن العمل في سوق بكارو أكبر سوق تجاري في الصومال احتجاجا على ضريبة القيمة المضافة المفروضة على التجار في محافظة بنادر دون المحافظات الأخرى في البلاد.

وقد أثرت تداعيات الخلافات بين الجانبين، ومن أبرزها إغلاق السوق المركزي سلبا على أصحاب المحلات التجارية الصغيرة وحياة آلاف من العمال الذين ترتبط حياتهم بصورة أو باخرى على هذا السوق.

أصل الخلاف

يرجع أصل الخلاف بين التجار والحكومة الفيدرالية الصومالية إلى كيفية دفع ضريبة القيمة المضافة؛ والتي لم تكن الحكومة تأخر من التجار المستوردين سابقا، ولكن التجار في محافظة بنادر العاصمة مقديشو يتساءلون لما تفرض الحكومة الفيدرالية ضريبة القيمة المضافة على السلع في مقدشيو وحدها، دون المحافظات الأخرى، مما يؤدي إلى أن تصبح البضائع المستوردة عبر ميناء مقديشو أرفع سعرا من البضائع المستوردة عبر المواني الأخرى في البلاد.

وردا على احتجاجات التجار اتهم وزير المالية عبد الرحمن دعاله بايله في مؤتمر صحفي عقده في وقت سابق من شهر فبراير الجاري التجار بالتهرب من الضرائب الواجبة عليهم، وقال بايلي في تصريح -اعتبره التجار بأنه استفزازي- موجها كلامه للتجار في مقديشو اذهبوا إلى ميناء كيسمايو أو بوصاصو، وهو ما أثار غضب التجار، وأدى إلى تصعيد الخلافات.

موقف مجلس الشعب الصومالي

طعن مجلس الشعب الصومالي في شرعية قرار وزارة المالية بشأن فرض ضريبة القيمة المضافة على البضائع المستوردة عبر ميناء مقديشو، وذلك في بيان صحفي أصدره بشكل مشترك كل من لجنة الشئون المالية والميزانية ولجنة التجارة والاقتصاد في المجلس. ودعت اللجنتان في البيان الحكومة إلى تقديم قوانين الضرائب مفصلة إلى مجلس الشعب في الـ30 من إبريل القادم، كما حذرت اللجنتان من تطبيق ضرائب لم يوافق عليها مجلس الشعب الصومالي.
مكامن الخلل:
الخلل في هذه المشكلة يكمن في عدم وجود ثقة بين الطرفين، وشكاوى التجار المستوردين عبر ميناء مقديشو ليست في دفع ضريبة القيمة المضافة، وإنما تنشأ من احتجاجاتهم على تخصيص فرض هذه الضريبة علي السلع المستوردة عبر ميناء مقديشو فقط دون المواني في الولايات الإقليمية في البلاد.

ويثير البعض تساؤلات حول هل من حق وزارة المالية في الحكومة الفيدرالية إدارة فرض وكيفية جمع ضريبة القيمة المضافة على السلع، وقال النائب أبو كاتي عضو مجلس الشعب الاتحادي في معرض حديثه عن مكمن الخلل” ليس لوزارة المالية الحق في جمع الضرائب من تجار محافظة بنادر فقط/بل يجب عليها أن تفرض الضرائب على جميع تجار البلاد بالتساوي”. وطالب النائب أيضا تحويل ضريبة القيمة المضافة على السلع إلى إدارة محافظة بنادر لتنفيذ المشاريع الخدمية في المحافظة. وهذا التصريح يعيد إلى الأذهان أهمية البت في وضع ومقام العاصمة مقديشو.

وبناء على شكاوى التجار وتصريحات النائب المشار إليه في النقطة السابقة من هذا التحليل وموقف مجلس الشعب المساند للتجار يتجلى للقارئ أن الخلل يكمن أولا في عدم رفع الحكومة قوانين الضرائب إلى مجلس الشعب، وأن صياغة هذه القوانين تعتبر من المسائل الصعبة والمثيرة للخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات الإقليمية، لتحديد أنواع الضرائب وكيفية إدارة وجمع الضرائب على المسىتويين الاتحادي والإقليمي. ومعلوم أن الحكومة الاتحادية تفرض الضرائب حاليا على سكان العاصمة مقديشو فقط، ولا تجمع أية ضرائب من الولايات الإقليمية الأخرى، أو بعبارة أخرى فإن الولايات الإقليمية لا تخصص جزءا من ضرائب المجموعة عندها لخزينة الدولة الاتحادية.

أين الحل؟

يكمن الحل في أن تركز الحكومة الاتحادية في الخطوة الأولى على صياغة قوانين الضرائب، كما دعت إليه لجنة الشئون المالية والميزانية ولجنة التجارة والاقتصاد. ومن الضروري أن تقوم الحكومة الاتحادية بالتعاون مع الجهات المعنية بصياغة قوانين الضرائب ورفعها إلى البرلمان الاتحادي للمصادقة عليها، وهي خطوة مهمة –كما يراه البعض- ستحدد الضرائب التي ستفرض على المستويين الاتحادي و الإقليمي.

ويأتي حل هذه الإشكالية في الخطوة الثانية أن تحمل الحكومة المسؤولية الأمنية وتأمين حياة وممتلكات المواطنين مقابل الضرائب المدفوعة لها، حتى لا يتعرض المواطن لنهب أو تـهديد لدفع إتاوات لجهات غير حكومية، سواء كانت مليشيات قبلية أو غيرها، كما يحدث في البلاد، وإلا فإن المواطن لا يطيب قلبه بدفع الضريبة للحكومة، وأن تبقى حياته وممتلكاته تحت تهديد أمني.

وهناك خطوة ثالثة، وهي أن تضمن الحكومة القيام بتنفيذ مشاريع خدمية في البنية التحية تتمثل في تعبيد الطرق وبناء المرافق الصحية والتعليمية، وغيرها، حتى يطمئن قبل المواطن الذي يدفع الضريبة بهذه المشاريع التي يعود نفعها إلى الشعب بشكل عام. كما يجب أن تكون ثمة  إجراءات مشددة لمكافحة الفساد المنتشر في أروقة المؤسسات الحكومية كما يعتقده المراقبون للتفادي أية شكوك ممكنة لدى المواطن في أن الضرائب التي يدفعها تذهب أخيرا إلى حسابات شخصية.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال