التغيرات المناخية والأمن الغذائي في القارة الإفريقية
صفاء عزب
آخر تحديث: 31/08/2019
القاهرة- على الرغم من أن العالم المتقدم صناعيا هو المسؤول الأول عن المشاكل البيئية والتزايد الخطير في معدلات التلوث بسبب مخلفاته من الإنبعاثات الضارة، إلا أن الدول الفقيرة والأقل نموا تعد الأكثر تضررا من هذه المخاطر البيئية وغالبا ما تدفع شعوبها الجزء الأكبر من فاتورة التلوث الشامل والتي تتمثل في صورة تغيرات في المناخ مصحوبة بجفاف وفيضانات وعدم استقرار في الأحوال الجوية ما ينعكس سلبيا على عمليات الزراعة ويتسبب في مشكلات غذائية خطيرة إلى جانب الأضرار الصحية والإقتصادية والإجتماعية الناجمة عن مثل هذه الظاهرة وهو ما يعرقل في النهاية عمليات التنمية في تلك المناطق. وهناك تحذيرات جادة من البنك الدولي من أن تؤدي التغيرات المناخية في الدول النامية إلى إغراق ما يقرب من 100 مليون شخصا حتى عام 2030 . كما حذرت دراسة بجامعة ستانفورد الأمريكية من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على الإقتصادات التي تعتمد على قطاعات ذات صلة بالمناخ كالزراعة واستخراج الموارد الطبيعية مشيرة إلى أنها ستؤدي إلى خفض متوسط معدل النمو السنوي في المناطق الفقيرة من 3.2٪ إلى 2.6٪، مما يعني أنه بحلول عام 2100، سيقل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي عن الوضع الحالي بنسبة 40٪. ومن ناحية أخرى حذر أطباء من تزايد احتمالات انتشار الحشرات الحاملة للأمراض المعدية مع ظاهرة تغير المناخ وهو ما يعرض الإنسان لمخاطر صحية مستقبلية.
للأسف الشديد تعد قارة إفريقيا من أكثر المناطق المثقلة بأعباء ذلك التلوث البيئي والمتمثل في ظاهرة التغير المناخي وما ينجم عنه من خسائر كبيرة على كافة المستويات، حيث حذر تقرير صادر من البنك الدولي من المخاطر التي تهدد أفريقيا جنوب الصحراء من نوبات جفاف وحر شديد في ثلاثينات القرن الحالي بشكل يحرم السكان مما يقرب من 40% من الأراضي المستخدمة في زراعة الذرة بجانب مزيد من الخسارة لأراضي الرعي بما ينعكس على تراجع الإنتاج من الثروة الحيوانية وهو ما يسهم في زيادة أزمة الغذاء.
وذكرت تقارير منسوبة لمنظمة الأمم المتحدة أن ما بين 75 و 250 مليون شخص في القارة الإفريقية معرضون للإجهاد المائي بحلول عام 2020 ، مع انخفاض 50% من عوائد الزراعة المعتمدة على الأمطار في دول القارة السمراء. كما تشير الأرقام الإحصائية إلى أنه بحلول عام 2040 ، ستؤدي تغيرات المناخ إلى خسارة سنوية تتراوح بين 2 في المائة و 4 في المائة سنويا في الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، وهو ما يفرض أعباءً مالية على دول القارة تبلغ 50 دولار سنويا في عام 2050 لمواجهة تلك الخسائر.
من هنا جاءت أهمية فعاليات جلسة التغير المناخي والتنوع البيولوجي على هامش قمة الدول السبع باليابان مؤخرا، والتي شهدت مشاركات فعالة وألقت فيها مصر كلمة – بصفتها رئيسة الإتحاد الإفريقي – حملت تحذيرات من آثار التغير المناخي وحجم الإنبعاثات العالمية التي تلقي بأضرارها على القارة الإفريقية كأكبر متضرر من هذه الظاهرة. وطالبت مصر بضرورة التمسك بمبدأ “المسؤولية المشتركة متباينة الأعباء” في التعامل مع ظاهرة تغير المناخ، وأهمية توفير التمويل المستدام والمناسب للدول النامية لمواجهة تلك الظاهرة.
ووفقا لتقارير منظمات أممية فإن قطاعي الأغذية والزراعة في إفريقيا هما الأكثر تضررا من التغيرات المناخية العالمية ومن ثم تمتد الآثار السلبية للتغيرات المناخية على قارة إفريقيا إلى أمنها الغذائي نظرا لاحتمالات حدوث تراجع في مساحات الأراضي المزروعة وأراضي الرعي، وهو ما دفع منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” التابعة للأمم المتحدة ومفوضية الإتحاد الإفريقي بالمشاركة مع البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، إلى إجراء حوار مع القادة حول الأمن الغذائي في إفريقيا وتوجيه نداء عالمي من العاصمة الرواندية كيجالي للتحرك من أجل مجابهة تداعيات المناخ على الأمن الغذائي لسكان القارة السمراء وتعزيز قدرتها على الصمود في مواجهة هذا الخطر. وفي هذا الإطار أكدت ماريا هيلينا سيميدو نائبة المدير العام لمنظمة الفاو أن ما يحتاج إليه المزارعون في القارة هو إيجاد سياسات تحميهم وتعزز قدرتهم على الحصول على المعلومات والتكنولوجيا والاستثمار، مشددة على ضرورة إشراكهم في الحوار حول الابتكار.
جدير بالذكر أن نقص التغذية في قارة إفريقيا يعد الأعلى عالميا حيث يبلغ 20% وهو ما ينعكس على زيادة مستويات الجوع خاصة في منطقة شرق إفريقيا، حيث تشير تقارير الفاو إلى أن ما يقرب من 133 مليون شخصا بشرق إفريقيا يعانون للحصول على ما يحتاجونه من الطعام. لذلك تأتي أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة مخاطر تغير المناخ وتأثيراتها على مختلف أنحاء العالم وخاصة سكان القارة الإفريقية.