التعاون الصومالي المصري وآثاره الإيجابية على البلدين

صفاء عزب

آخر تحديث: 27/04/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

 القاهرة- أكدت الزيارة التي قام بها مؤخرا الرئيس الصومالي محمد فرماجو للقاهرة عمق العلاقات الأخوية بين مصر والصومال وهو ما عكسه الترحيب المصري الكبير والإهتمام الرسمي والشعبي الشديد بهذه الزيارة وما صاحبها من اتفاقات ثنائية لدعم التعاون المشترك في مختلف المجالات التي تهم شعبي البلدين وتصب في مصلحتيهما. وقد جاء لقاء الرئيسين في إطار استضافة مصر لأعمال القمتين الطارئتين حول الأوضاع في ليبيا والسودان، كما يأتي تأكيدا على الحرص المصري على دعم كل ما من شأنه أن يؤدي إلى حماية واستباب أمن الصومال وترسيخ العلاقات الثنائية.

وتأكيدا على هذا الإهتمام، سبقت زيارة الرئيس فرماجو لمصر زيارات مهمة لمسؤولين صوماليين لبحث القضايا المشتركة وسبل دعم التعاون حيث التقى وزيرا خارجية مصر والصومال لبحث العديد من القضايا ذات الصلة بشأن تطورات الأوضاع في السودان ومنطقة القرن الأفريقي، وكذا أمن البحر الأحمر، بالإضافة إلى جهود مكافحة الإرهاب ومستقبل عمليات حفظ وإحلال السلام في الصومال. وتم التوقيع على ثلاث مذكرات تفاهم تتضمن إنشاء آلية للتشاور السياسي على مستوى وزيري الخارجية في البلديّن، وإنشاء لجنة مشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلديّن، والتعاون بين معهدي الدراسات الدبلوماسية في البلديّن.

وخلال زيارته التي سبقت زيارة الرئيس فرماجو للقاهرة، التقى أحمد عيسى عوض، وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولى الصومالي، والوفد المرافق له، بحضور السفير أبو بكر حفني، مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية، وسفير الصومال لدى مصر مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري. وقد أسفر هذا اللقاء عن تصريحات مهمة من الجانب المصري بخصوص زيادة حجم التبادل التجاري بين مصر والصومال خاصة فيما يتعلق بالاستفادة من الثروة الحيوانية الصومالية بعد اعتماد المجازر الصومالية من قبل وزارة الزراعة المصرية الأمر الذي يفتح بابا مهما لتنمية الواردات الصومالية لمصر. كما أعرب رئيس الوزراء المصري أيضا عن الحرص في إتمام مشروع فتح فرع لبنك مصر في الصومال أملا في دعم المعاملات المالية والتجارية بين البلدين وتأكيدا على تهيئة الأجواء وتلبية المتطلبات الخاصة بخلق فرص جديدة وكبيرة من التعاون الإقتصادي بين مصر والصومال بما يسهم في دفع حركة التنمية وتحسين الأوضاع.

تأتي هذه اللقاءات والمفاوضات في إطار حرص مصر على مساعدة الأشقاء في الصومال وتقديم اللازم لإعطاء دفعة نحو تحقيق الإستقرار والأمن في شتى أنحاء الصومال.

وتتسم العلاقة الصومالية المصرية بخصوصية شديدة ومتانة متجذرة في التاريخ تعود بداياتها لعصر الفراعنة بمصر حيث شهد توطيد أواصر التعاون الإقتصادي منذ ذلك التاريخ وصولا للعصر الحاضر والذي شهد توقيع اتفاقيات كثيرة لترسيخ هذا التعاون.

جدير بالذكر أن هناك العديد من الاتفاقات الإقتصادية السابقة بين البلدين منها اتفاق تجارة عام 1978 واتفاق تعاون اقتصادي عام 1982، وكذلك اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات الموقع عليها في مايو 1982 ودخلت حيز التنفيذ في إبريل عام 1983. وفي شهر ديسمبر عام 2016  تم توقيع مذكرة تفاهم بين الاتحاد العام للغرف التجارية وغرف التجارة والصناعة والزراعة بأرض الصومال إضافة إلى مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجال المعارض الداخلية والخارجية في نفس الوقت.

وعلى الرغم من متانة العلاقات المصرية الصومالية ووجود فرص كبيرة لدعم التعاون الإقتصادي بينهما في ظل هذه الإتفاقيات المتعددة إلا أن الحالة الأمنية الصومالية وما شهدته البلاد من صراعات تسببت في عدم الاستقرار الداخلي، ساهمتا في تقليص هذا التعاون عن الحجم المأمول والممكن. وهو ما تترجمه مؤشرات التبادل التجاري بين البلدين. تشير احصائيات 2016  أن حجم التجارة بين مصر والصومال يبلغ حوالي 47 مليون دولار منهم 46 مليون دولار صادرات مصرية للصومال حيث تستورد الصومال حوالي 50% من إجمالي وارداتها من الدقيق من مصر وهو يمثل 14% من إجمالي الصادرات المصرية لهم، إضافة إلى الأدوية والسكر والمصنوعات السكرية والنشا والخميرة. وفي المقابل تستورد مصر من الصومال الصمغ واللبان والبذور الزيتية واللحوم الحية التي تمثل 81% من إجمالي صادرات الصومال لمصر.

وتأتي زيارة الرئيس فرماجو الأخيرة استمرارا وتأكيدا لهذه العلاقة الوطيدة، كما يعول عليها كثيرا في إنعاش هذه العلاقة ودفعها للأمام  بفتح آفاق التعاون المشترك وطرق أبواب جديدة لهذا التعاون في مجالات شتى ومتعددة في التجارة أو الزراعة أو الصناعة والخدمات.

وهو أمر ليس ضربا من الخيال حيث تشير معطيات الواقع إلى أن فرص التبادل التجاري بين البلدين كبيرة، حيث توجد فرص متاحة أمام الصادرات المصرية للصومال في مجالات الأدوية، والملابس، والمنسوجات، ، والمواد والصناعات الغذائية ومواد البناء وتوليد الكهرباء. وعلى الجانب الآخر توجد فرص كبيرة أمام الصادرات الصومالية لمصرتتمثل في الماشية والأسماك. ومع شهرة الصومال بمنتجاتها الحيوانية وسمعتها الطيبة بالأسواق المصرية، يعد مجال الزراعة والثروة الحيوانية من القطاعات الواعدة التي يمكن اعتبارها قاطرة لتنشيط التعاون الاقتصادي بين البلدين.

كما يعد قطاع البنوك من القطاعات الواعدة التي يمكن التعاون فيها خاصة وأنه لايوجد بالصومال بنوك تجارية ما يفتح المجال لفرص كبيرة للتعاون المشترك في هذا المجال.

ومع هذه الإتفاقيات فإن اكتمال منظومة التعاون يستلزم أيضا تنشيط خطوط النقل والطيران بين مصر والصومال بالتزامن مع دعم النشاط البنكي وتنشيط فتح الحسابات والاعتمادات وتحويل الأموال بين البلدين بما يسهم في تيسير التبادل التجاري، ويخلق بيئة جيدة أمام المستثمرين لتشجيعهم على الاستثمار فيما بين البلدين.

بطبيعة الحال فإن الإقتصاد والسياسة لا ينفصلان عن بعضهما البعض كما أن دعم الإستثمار يحتاج إلى بيئة محفزة له تعتمد على مناخ آمن وأجواء هادئة مستقرة وهو الأمر الذي تتطلبه هذه الإتفاقيات لترجمتها عمليا على أرض الواقع. لذلك تأتي أهمية مد يد العون من قبل مصر وغيرها من دول القارة بل ومن مختلف الدول العربية والإفريقية للشقيقة الصومال لمساعدتها على تجاوز المحنة السياسية والعمل على تنقية الأجواء وتمهيدها لعمليات التنمية والرخاء الإقتصادي وهو أمر لا ينفصل عن وجود رغبة حقيقية وصادقة مرتبطة بإصرار حقيقي على العمل فعليا نحو هذا التوجه من قبل المسؤولين في الصومال.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال