التدهور الأمني وكابوس العنف يهدد حياة شعب جنوب السودان

صفاء عزب

آخر تحديث: 20/10/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- رغم تعدد اتفاقات السلام ومحاولات الوساطة التي قامت بها أطراف كثيرة من أجل نزع فتيل العنف، انزلق جنوب السودان في حروب أهلية مستمرة وصراعات سياسية لا تنتهي وهو ما أدى إلى انتشار العنف في مختلف أشكاله وصولا لأبشع صوره من خلال عمليات القتل والإغتيالات واستهداف المدنيين ممن لا حول لهم ولا قوة، وخاصة النساء والأطفال الذين يمثلون الفئة الأكبر من ضحايا العنف في جنوب السودان. وفي أحدث تقارير بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان تبين مقتل أكثر من 100 مدني وتعرض مائة آخرين لانتهاكات جنسية بسبب الإضطرابات الأمنية في ولاية وسط الإستوائية بجنوب السودان. وكشف تقرير أصدره مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن وجود 95 حالة من الإنتهاكات والتجاوزات خلال الفترة ما بين سبتمبر 2018 وإبريل 2019 شملت 30 هجوما على قرى أدت إلى مقتل 104 من المدنيين وجرح 35 آخرين وكذلك اختطاف 187 شخصا. كما تسببت موجات العنف الشديدة بجنوب السودان إلى نزوح أكثر من 56 ألف مدني داخل جنوب السودان، وما يقرب من 20 ألفا آخرين عبر الحدود إلى أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وأشارت وكالة “رويترز إلى دراسة أجرتها كلية لندن للصحة العامة وطب المناطق الحارة قالت فيها إن تلك الحرب تسببت في مقتل ما يقرب من 400 ألف شخص.

وأفاد تقرير الأمم المتحدة بأن اتفاق السلام بين الأطراف المتصارعة في جنوب السودان لم يفلح في تقليل موجات القتل والعنف في ولاية وسط الإستوائية حيث يعاني المدنيون هناك من هجمات خطيرة من قبل المسلحين وقد تسببت هذه الهجمات في مقتل أكثر من 60 مدني ما بين قتل عمد وقتل عشوائي، هذا إلى جانب العنف الذي يتعرض له المدنيون من تهجير قسري ونهب مدارس وبيوت ومستشفيات وتدميرها من قبل الحكومة أثناء قيامها بحملات مضادة لجماعات العنف وكل من يشتبه في قيامه بتقديم مساعدات لهم. ولذلك كثفت بعثة الأمم المتحدة من نشاطها ونشرت 150 جنديا إضافيا في المنطقة لمواجهة العنف والتمكن من توصيل المساعدات الإنسانية للضحايا.

جدير بالذكر أن جنوب السودان تعد أحدث عضو في المجتمع الدولي بعد الإنفصال عن السودان الأم في يوليو 2011. لكن هذه الدولة الوليدة لم تكد تنعم باستقلالها والتمتع بمواردها الثرية، حتى اشتعلت فيها أعمال العنف بسبب الخلافات القبلية، نتيجة للصراع السياسي بين الرئيس سيلفا كير (من قبيلة الدنكا) ونائبه السابق مارك مشار (من قبيلة النوير).

وكشفت تقارير أممية عن جود ثلاث جهات مسؤولة عن انتشار العنف بجنوب السودان أولها الجيش الشعبي لجنوب السودان المؤيد للمعارض رياك مشار، والجماعات المسلحة المعارضة التي لم توقع اتفاق السلام، إضافة إلى القوات المسلحة الحكومية، وهو ما يجعل المدنيين فريسة للمتصارعين الثلاثة.

وبمناسبة الذكرى الأولى على إبرام اتفاق السلام في جنوب السودان أصدرت اللجنة الدولية لحفظ السلام في جنوب السودان والتابعة للأمم المتحدة تقريرا مأساويا عن أوضاع البلاد كشفت فيه عن تدهور الأوضاع الأمنية واستشراء العنف بشكل كبير رغم اتفاق السلام، وأشار «جيمس رينولدز»، رئيس بعثة اللجنة الدولية في جنوب السودان إلى ارتفاع أعداد المصابين جراء العنف هناك ووصلت إلى 688 مصابا بأعيرة نارية في أغلب الحالات وذلك في أعقاب توقيع اتفاق السلام وحتى يونيو 2019 وذلك بزيادة قدرها 25% بالمقارنة بنفس الفترة من العام السابق. وقد انعكس هذا العنف سلبيا على الأوضاع الإجتماعية والصحية بجنوب السودان حيث سجلت فرق اللجنة الدولية 24 حادثة نهب أو تهديد للعاملين بمراكز الرعاية الصحية بعد اتفاق السلام. كما تسببت موجات العنف الشديد بجنوب السودان إلى تشريد وفقدان العديد من الأشخاص حيث وصل عدد النازحين داخليا إلى ما يقرب من 4 مليون سوداني، كما توجد بلاغات رسمية بفقدان ما يزيد عن 4200 شخصا. ونتيجة لتدهور الأمن والأمان يعاني شعب جنوب السودان من نقص شديد في الأغذية والأدوية إلى جانب إهمال الأراضي الزراعية وعدم القدرة على حصادها أو زراعتها نتيجة لهروب السكان فرارا من خطر العنف.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد أعلن نهاية عام 2018 أن العنف في جنوب السودان يمنع وصول المساعدات الغذائية الضرورية لدرء الجوع الشديد في بعض المناطق، وأشار إلى أن منطقة باجاري الواقعة في جنوب غربي مدينة واو في بحر الغزال يشتد وينتشر فيها الجوع لدرجة تبعث على القلق. كما اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان قوات الحكومة في واو بمهاجمة المدنيين ومنازلهم، والتسبب في تردي الأوضاع هناك.

وتزداد مأساة العنف بإضافة فصول جديدة تتعلق بالعنف الجسدي والإنتهاكات الجنسية العنيفة التي تتعرض نساء جنوب السودان وكشفت عن ملامحها القبيحة تقارير حقوقية وأممية متعددة. ففي شهر فبراير 2019 أصدرت الأمم المتحدة تقريرا فضحت فيه مرتكبي العنف الجنسي وممارساتهم الوحشية ضد النساء في مناطق بولاية ليج الشمالية في الجنوب، مؤكدة تعرض 134 امرأة وفتاة، وبعضهن لا يتجاوز عمرهن الثامنة، للإغتصاب. وأشار التقرير إلى احتمالات أن يكون المستوى الفعلي للعنف الجنسي أعلى بكثير من عدد الحالات المسجلة. وأفاد التقرير أن هذه الإنتهاكات تم ارتكابها بواسطة مليشيات شبابية وعناصر من جيش موالٍ للحركة الشعبية في المعارضة جناح دينق قاي، بالإضافة إلى قوات الجيش الشعبي لجنوب السودان(SSPDF)، بجانب حالات قليلة نسبت لقوات تابعة لجيش المعارضة بقيادة رياك مشار. وما يدعو للأسف أن تطال هذه الانتهاكات الطفولة البريئة وهو ما أكدته  ياسمين سوكا، رئيسة لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان، في تصريحات صحفية قالت فيها أن 65% من النساء في جنوب السودان يواجهن العنف الجسدي لافتة إلى أن 25% من انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم العنف الجسدي تطال الأطفال. ولم تكن هي الإنتهاكات الوحيدة حيث كانت هناك انتهاكات جنسية أخرى أثارت احتجاجات كبار مسؤولي الأمم المتحدة في ديسمبر 2018 بسبب الإعتداءات وحالات الإغتصاب الجماعي التي شهدتها منطقة بانتيو في ولاية ليتش الشمالية ووجهت فيها التهمة إلى قوات حكومية، الأمر الذي نفاه المتحدث الرسمي باسم الجيش الحكومي في جنوب السودان.

على الرغم من محاولات النفي الصادرة عن الجهات الرسمية بجنوب السودان إلا أن محاولات العنف ومستوياته الخطيرة التي وصل إليها في البلاد باتت تهدد الشعب بصرف النظر عن الجهات المسؤولة عن ارتكابها، وهو ما دعا الأطراف الدولية إلى المطالبة بضرورة وقف العنف واحترام حقوق الإنسان وتقديم الجناة للعدالة لمحاكمتهم. وقال المستشار الخاص للأمين العام المعني بمنع الإبادة أداما دينغ أنه إن لم يتم وقف الهجمات الوحشية كالتي وقعت في مدينتي بنتيو وبور، فان دولة جنوب السودان ستغرق في أعمال عنف خطيرة وستخرج عن نطاق السيطرة.

 

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال