التداعيات المحتملة لانسحابات الجيش الصومالي من قواعده
الصومال الجديد
آخر تحديث: 20/03/2019
بدأ الجيش الصومالي الانسحاب من قواعده في إقليمي شبيلي السفلى وشبيلي الوسطى المجاورين للعاصمة مقديشو، فقد انسحبت قوة من الجيش قبل يومين من قاعدة لها في منطقة “دناني” في إقليم شبيلي السفلى احتجاجا على عدم تلقي أفرادها روابتهم منذ أشهر وكان ذلك رسالة إلى الحكومة الصومالية ودعوة لها إلى معالجة معاناتهم، إلا أن رد الحكومة الصومالية على مطالب أفراد الجيش المشروعة كان غريبا.
فقد بررت وزارة الدفاع الصومالية وقيادة الجيش تأخر الرواتب في الأشهر الماضية بعملية تسجيل جارية للمنتسبين إلى الجيش، وأشارت إلى أن الأفراد الذين تم تسجيلهم سابقا تلقوا رواتبهم وأن الباقين سيأخذون حقوقهم بعد اكتمال التسجيل، ورغم أن رد الحكومة الفيدرالية على شكاوى الجيش لم يكن منطقيا إلا أن رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري صب الزيت على النار بعد أن أشار إلى أن حكومته صرفت رواتب جنودها وأنه لا يوجد جندي لم يحصل على روابته وسائر حقوقه، وأضاف أن حكومته غير مستعدة لصرف رواتب جنود لا يقدمون حسب قوله خدمات للبلاد.
أغضبت تصريحات رئيس الوزراء الجنود الذين كانوا أصلا يشتكون من عدم حصولهم على رواتبهم فكان ردهم انسحابهم اليوم من ضواحي مدينة جوهر كما انسحبوا من مهداي وقلمو وغرسالي من مناطق إقليم شبيلي الوسطى شمالي العاصمة مقديشو مما أربك المشهد الأمني في الإقليم وأثار المخاوف من استيلاء مقاتلي حركة الشباب على القواعد التي انسحب منها الجيش كما فعلوا عند ما سيطروا على منطقة “دناني” في إقليم شبيلي السفلى فور انسحاب الجيش منها، وأشار ضباط جنود الجيش المنسحبين في مؤتمر صحفي عقدوه اليوم في مدينة “بلعد” الواقعة على بعد 30 كم شمالي العاصمة مقديشو إلى أنهم كانوا يقومون بمهمة الدفاع عن البلاد منذ عهد الرئيس الصومالي الراحل عبد الله يوسف واصفين الحكومة الحالية بأنها الأسوأ بالنسبة للجيش الوطني.
وقد بادر الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو الذي أدرك خطورة الوضع إلى إرسال وفد يضم وزير الأمن محمد أبوبكر إسلو ووزير الإعلام طاهر محمود جيلي ورئيس الأركان أودوا راغي إلى بلعد للقاء ضباط القوات المنسحبة في معسكر “هيلوني” القريب من المدينة والاستماع إلى شكواهم ومحاولة إقناع تلك القوات بالعودة إلى قواعدها، إلا أن الغريب أن قائد الجيش اللواء طاهر آدم علمي عاد ليشرح من جديد أهداف تسجيل الجيش وأنه أصدر تعليماته إلى تفعيل عملية التسجيل ولم يتطرق إلى مشكلة رواتب الجنود وكأن شيئا لم يحدث، بل زاد وزير التجارة والصناعة محمد عبدي حير مارييه الطين بلة بعد أن أكد أن الحكومة دفعت رواتب الجنود متهما سياسيين لم يسمهم بالمسئولية عن انسحاب الجيش من قواعده.
يبدو أن المسئولين الصوماليين مختلفون في مواجهة المشكلة الناجمة عن رواتب الجنود، ففي الوقت الذي يحاول فيه الرئيس فرماجو تهدئة الوضع يقوم مسئولون آخرون بالتصعيد لكنه وبصرف النظر عن تباينات مواقف القيادة الصومالية إزاء تلك المشكلة فإن مما لا شك فيه انها ستنعكس سلبا على الوضع الأمني في البلاد المتدهور أصلا فإن انسحاب الجيش من قواعده في الأقاليم المجاورة للعاصمة سيعطي فرصة لحركة الشباب التي قد تنقل المعركة إلى العاصمة مقديشو، فقد حذرت المعارضة عن العواقب الوخيمة لتصرفات الحكومة الصومالية وحثتها على عدم تسييس حقوق الجيش الوطني وأشارت المعارضة إلى أن ما يجري قد يعيد البلاد إلى المربع الأول ويؤدي إلى استيلاء حركة الشباب على المناطق المحررة بكل سهولة.
هذا ومما يدعو إلى الاستغراب في نظر كثير من المراقبين أن يشن قائد الجيش الصومالي اللواء طاهر آدم علمي في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من المشكلة الناجمة عن تأخر رواتب الجنود هجوما على قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال “أميصوم” ويتهمها بأنها تتحصن بالقوات الصومالية، وبأنها فشلت في هزيمة حركة الشباب منذ أكثر من 10 أعوام، فالقوات الإفريقية وإن لم يكن أداؤها على ما يرام فإنها التي تلعب الدور الرئيسي في الحفاظ على أمن البلاد وحماية مؤسسات الدولة الصومالية ولا شك أنه لا مصلحة في استعداء القوات الإفريقية والجيش في آن واحد حيث إن النتيجة ستكون تدهور الوضع الأمني في البلاد التي ليس في حاجة إلى افتعال أزمات جديدة.