الاضطرابات السياسية في صوماليلاند .. المحاور والمآلات
الصومال الجديد
آخر تحديث: 16/11/2022
تشهد إدارة صوماليلاند احتقانا سياسيا نتيجة انتهاء الفترة الدستورية للرئيس موسى بيحي التي انتهت مع شروق شمس صباح الأحد الـ 13/نوفمبر_تشرين الثاني/2022م.
ويعيش سكان صوماليلاند منذ بضعة أشهر حالة من الحذر والترقب ازدادت حدّتها مع بزوغ فجر الـ 13/نوفمبر_تشرين الثاني/2022م، وما تبعه من تبادل الأطراف للتصريحات الإعلامية التّصعيدية، حيث أصدرت المعارضة مساء ذلك اليوم بيانا مشتركا أوضحت فيه موقفها الرسمي من الرئيس موسى بيحي الّذي وصفته في البيان بالرئيس المنتهية ولايته، وأنها لا تعترف بسلطته على صوماليلاند بعد اليوم (13/نوفمبر) حتى يتم التوصل إلى اتفاق سياسي يرضي جميع الأطراف.
وذكرت الأحزاب السياسية (أعد = الرفاه، وودني= الوطني) في بيانها بأن بقاء موسى بيحي في السلطة بدون اتفاق سياسي معناه الانقلاب وممارسة الاستبداد والدّكتاتورية.
وأشارت المعارضة في بيانها إلى أنها ملتزمة بجدول الانتخابات التي أصدرتها اللجنة الوطنية للانتخابات في صوماليلاند ورفضها القاطع لإجراء أيّ نوع من الانتخابات غير المتفق عليها، ربما في إشارة منها إلى انتخابات الجمعيات السياسية التي تصر الحكومة في صوماليلاند على إجرائها قبل الانتخابات الرئاسية فيها.
بدورها، اتّبعت الإدارة في صوماليلاند نهجا يبدو تصعيديا، عندما أصدر السيد محمد كاهن -وزير داخلية صوماليلاند- تحذيرا موجها إلى المعارضة يدعوها للابتعاد عن تنظيم أعمال عنف قد تزعزع أمن واستقرار صوماليلاند وتعيق سير العملية الانتخابية فيها، متهما المعارضة بأنها ضد الانتخابات وضد مصالح صوماليلاند!
ووصف السيد كاهن قرار المعارضة بعدم الاعتراف بسلطة موسى بيحي بمثابة إنكار لوجود إدارة أو حكومة تتولى مقاليد الحكم في صوماليلاند.
وفي هذا السياق، وجّه العميد محمد آدم سقطي (دباغال) قائد شرطة صوماليلاند المعارضة وأنصارها إلى عدم الخروج في مظاهرات احتجاجية غير مصرّح بها.
هذه التصريحات المتبادلة زادت من وتيرة الترقب والحذر في صوماليلاند خاصة بعد ظهور أنباء تفيد بتنفيذ النظام حملة اعتقالات واسعة استهدفت أنصار الأحزاب المعارضة في مدينة برعو بمحافظة توغطير.
كما أن انتشار شائعات حول وقوع انفجار كبير البارحة في مدينة هرجيسا عاصمة صوماليلاند، يصب في خانة التوترات السائدة في المدينة إذ وصفت السلطات الأمنية بأن ما حدث كان مجرد انفجار إحدى إطارات أو عجلات السيارات في محل لصنع الإطارات داخل المدينة!
تدور الاضطرابات السياسية في صوماليلاند حول محورين أساسيين هما: مطالبة الأحزاب المعارضة بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدّد، وإصرار الحكومة بإجراء انتخابات الجمعيات السياسية قبل الانتخابات الرئاسية، ثم إن قرار مجلس الشيوخ بصوماليلاند الصادر في الـ 1/أكتوبر_تشرين الثاني/2022م، والقاضي بتمديد فترة الرئيس لمدة عامين إضافيين و5 سنوات لمجلس الشيوخ قد زاد الطين بلة حسبما يعتقده المرشح الرئاسي عبدالرحمن عرّو الّذي قال: ” إن قرار مجلس الشيوخ، بدلا من تهدئة الأوضاع في البلاد، زاد الطين بلة وصب الزيت على النار! ولسوء الحظ، دخلت صوماليلاند بذلك وعلى يد الرئيس الحالي رئيس حزب كلميي الحاكم، مرحلة من الظلام وعدم اليقين السياسي”.
وعلى الرغم من تعثر جهود وساطة سابقة، إلا أن الطريقة المثلى لإنهاء هذا الانقسام السياسي في صوماليلاند تكمن في توصل الأطراف إلى تفاهم سياسي يضمن إجراء انتخابات توافقية تجنب صوماليلاند وسكانها من ويلات الانقسامات السياسيات التي قد تتطور إلى تهديدات أمنية، ما لم تغلّب الأطراف المصلحة العليا وتقدّم التنازلات الكبرى من أجل استمرار الوحدة والحفاظ على الاستقرار النسبي الّذي تتمتع به هذه المناطق.
يذكر أن صوماليلاند التي أعلنت من طرف واحد انفصالها عن الصومال في الـ 18/مايو_أيار/1991م، قد حقّقت خلال العقود الثلاثة الماضية إنجازات أمنية وسياسية تتمثل في إقامة نظام حكم قائم على التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، مما يعني أنه في حال إخفاقها هذا الموسم بمواصلة هذا النهج ستواجه انتكاسة لمسيرتها التنموية ولاستقرارها السياسي والأمني الّذي ميّزها عن كثير من المناطق الصومالية، حسبما يقوله محللون معنيون بالقضية.