اتفاق الـ 25/فبراير/2021م: بداية لانفراج الأزمة السياسية أم امتصاص لغضب المعارضة؟
الصومال الجديد
آخر تحديث: 28/02/2021
وقّعت الحكومة الفيدرالية المنتهية ولايتها الخميس الماضي 25/فبراير/2021م، اتفاقية مع مجلس اتحاد المرشحين المعارض، بموجبها حصلت العاصمة مقديشو على هدوء سياسي وأمني نسبي.
وكانت هذه الاتفاقية تتكون من 6 بنود هي:
1.استياء الحكومة الفيدرالية عن أحداث الـ 19/فبراير/2021م، وتقديم تعازيها إلى مجلس اتحاد المرشحين، وإلى كافة الشعب الصومالي.
2.تشكيل لجنة مستقلة للتحقيق قي أحداث الـ 19/فبراير/2021م.
3.تعهد الحكومة بحماية حقوق المواطنين في التظاهرات السلمية للتعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية وفقا للمادة الـ 20 من الدستور الصومالي.
4.التعاون بين الحكومة والمجلس على تنظيم المظاهرات السلمية، وقيام الحكومة بحماية أمن المشاركين فيها وسلامتهم.
5.تأجيل مظاهرات الـ 26/فبراير/2021م، على أن يتم الخروج فيها خلال 10 أيام، وذلك بعد تشكيل لجنة مشتركة لتحقيق هذا الغرض.
6.مواصلة الطرفين لمناقشة القضايا السياسية والانتخابية، حتى يتحقق إجراء انتخابات توافقية حرّة ونزيهة في البلاد.
وقد لقي هذا الاتفاق ترحيبا واسعا من شتى الجهات السياسية المحلية والدولية، إذ رحب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته بهذا الاتفاق، ودعا الجميع إلى مواصلة المباحثات حتى يتم الوصول إلى توافق شامل يضمن إجراء انتخابات توافقية حرة ونزيهة.
من جهتهما رحبت إدارتا بونتلاند وجوبالاند بالاتفاق بين حكومة تصريف الأعمال ومجلس اتحاد المرشحين، وأعادتا في بيانات صحفية متفرقة ضرورة توسيع دائرة المشاركين في المؤتمرات التشاورية القادمة.
إن اتفاق الـ ٢٥/فبراير/٢٠٢١م، يعد مكسبا للطرفين من عدة أوجه منها:
-أن الاتفاق حقق لكل طرف من الأطراف اعتراف الآخر له ودوره في العملية السياسية، فبينما كان مجلس اتحاد المرشحين يصر في السابق على أن الفترة الدستورية للمؤسسات الحكومية قد انتهت، وأنه لا بد من تشكيل مجلس وطني انتقالي لإدارة المرحلة الانتقالية، قد تنازل عن موقفه ذلك، وقبل على الأقل كون الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال. أما الحكومة الفيدرالية التي كانت تتشبث بإبعاد المجلس عن المؤتمرات والاجتماعات التشاورية حول إدارة المرحلة الانتقالية، فقد تراجعت عن موقفها ذلك واعتبرت المجلس شريكا سياسيا يجب التشاور والجلوس معه لبحث القضايا الوطنية ذات الاهتمام المشترك.
-أن الاتفاق نزع فتيل التصعيد السياسي والإعلامي والأمني بين الأطراف وهيأ مناخا سياسيا مستقرا يمكن التفكير فيه ووضع البرامج اللازمة تحقيقها في الخطوات القادمة.
وفيما عدا هاتين النقطتين فقد اختلف المتابعون على تحديد الطرف الذي حقق القسط الأكبر من أهدافه السياسية عبر هذا الاتفاق، فبينما يرى عبده جحا وزير الداخلية الأسبق في الحكومة الفيدرالية أن الاتفاق كان بمثابة استسلام لقوى المعارضة في مقديشو وانتصار حاسم لفرماجو، يرى المحلل محمد ديق أن جميع بنود الاتفاق تعتبر نصرا سياسيا كبيرا حققه مجلس اتحاد المرشحين، بسبب أن الحكومة الفيدرالية نزلت من الشجرة التي اعتلتها وتهاوى جبروتها الذي اشتهرت به والذي بموجبه كانت تستنكف أن تعتبر مجلس اتحاد المرشحين شريكا سياسيا يحق له المشاركة في المؤتمرات التشاورية، ثم إن النقطة الثانية التي تدل على انتصار المجلس في هذا الاتفاق هو قبول الحكومة الفيدرالية تحمل مسؤولياتها إزاء أحداث الـ١٩/فبراير/٢٠٢١م، وتقديم اعتذار رسمي إلى المجلس وإلى الشعب. ثم إن السماح بالخروج في مظاهرات مناهضة للرئيس فرماجو يعد من الإنجازات السياسية التي حققها المجلس عن طريق هذا الاتفاق.
وعلى الرّغم من أهمية هذا الاتفاق ودوره البارز في تخفيف الاحتقان السياسي، إلاّ أنه لم يعالج بعد القضايا السياسية الأساسية والمثيرة للجدل بين الحكومة ومجلس اتحاد المرشحين، وأبرزها قضية إعادة النظر في تشكيلة اللجان الانتخابية الفيدرالية التي يعتقدها المجلس بأن غالبية أعضائها من موظفي السلك الحكومي وضباط جهاز المخابرات والأمن الوطني، مما يضع علامة استفهام عريضة على حيادية هذه اللجان ومدى مصداقيتها وقدرتها في إدارة انتخابات شفافة حرّة ونزيهة!
إنه على الرغم من اعتقاد البعض بأن اتفاق المجلس مع الحكومة يمثل نقطة بداية لتصحيح المسار السياسي وإزالة لكل ما يعكّر صفو العملية السياسية، إلاّ أن هناك من يعتقد أن هذا الاتفاق لا يعدو كونه محاولة لامتصاص غضب المعارضة السياسية ومماطلتها، ويستدل هذا القطاع من المتابعين بالاتفاقيات والتفاهمات التي وصلت الحكومة الفيدرالية في أوقات سابقة مع كيانات سياسية أخرى مثل رئيس غلمذغ السابق أحمد دعالي غيللي حاف الّذي تحدّث كثيرا في الأيام الأخيرة من حكمه عن خرق الحكومة الفيدرالية لجميع اتفاقياتها مع إدارته، وقل مثل ذلك ما ذكره قادة تنظيم أهل السنة والجماعة من توجيه اتهام بخرق الاتفاقيات إلى الحكومة الفيدرالية.
إنه من المؤكّد مسبقا، أن السياسة الصومالية متغيّرة وغير ثابتة، ولذا، فإنه من الممكن في أي لحظة أن تحدث تغيّرات من كلا الأطراف تجعل هذا الاتفاق في مهب الرياح، كما يمكن أن يكون هذا الاتفاق بداية لانفراج الأزمة السياسية الخانقة في البلاد، وهو ما تتمناه معظم الكيانات السياسية في البلاد والقطاع العريض من الشعب الصومالي.