إلى أين تسير العلاقات الكينية الإيرانية بعد الأزمة الديبلوماسية الأخيرة؟
صفاء عزب
آخر تحديث: 29/03/2019
القاهرة: صفاء عزب
تشهد منطقة شرق القارة الإفريقية نشاطا إيرانيا واضحا في ظل الحرص على تحقيق مزيد من التغلغل بين شعوب القارة السمراء بهدف نشرالفكر الشيعي وتحقيق مصالح سياسية واقتصادية متوازية مع الحصول على نفوذ جيوستراتيجي في تلك المنطقة الحيوية من العالم.
وقد امتدت إيران بنشاطها لمختلف دول المنطقة ولم تقتصر على الدول العربية وإنما امتد إلى دول أجنبية مثل كينيا، والتي نجحت إيران في إقامة وتفعيل علاقات إقتصادية وسياسية وثقافية معها بشكل مكثف. إلا أن ذلك النشاط أصبح مهددا بالتراجع في ظل ما تشهده العلاقات الكينية الإيرانية حاليا من حالة فتور بلغ حد التوتر بعد قيام إيران باستدعاء سفيرها هادي فرج وند من كينيا للتشاور، وتقديمها احتجاجا رسميا للسفيرة الكينية بإيران رقية سوبو، وذلك اعتراضا على إصدار المحكمة الكينية حكمًا بنقض حكم الإفراج عن المعتقلَين الإيرانيين أحمد أبو الفتحي محمد، ومنصور موسوي، المتهمين بقضايا إرهابية منذ سنوات.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن الناطق باسم خارجية طهران أن فرج وند باق في طهران للتشاور حيال احتجاز كينيا للشخصين الإيرانيين المتهمين بالتورط في التخطيط لهجمات إرهابية لاغتيال سياح أجانب قبل 7 سنوات في مدينة مومباسا الساحلية بكينيا.
وكانت وسائل إعلامية كينية قد تناولت أخبار هذه الواقعة وتفاصيلها، وأشارت إلى أن السلطات المحلية أوقفت السفير الإيراني لدى البلاد بعد أن أظهرته كاميرات المراقبة وهو يحاول تهريب عنصري الحرس الثوري أحمد أبو الفتحي محمد، وسيد منصور موسوي، المتهمين بقضايا إرهابية، من خلال تواصله مع مسؤولين كينيين.
وكشفت قناة روسيا اليوم أن السفير الإيراني في كينيا كان يحاول إجراء إتصالات مع شخصيات كينية مرموقة لمساعدته في تأمين إطلاق سراح المتهمين المذكورين سابقا، وأضافت نفس القناة أن مواطنيين كينيين حاولا الإحتيال على السفير الإيراني وإيهامه بإمكانية مساعدته في هذا الأمر إلا أن السلطات الكينية ألقت القبض عليهما بتهمة انتحال صفة مسؤولين كبار. وذكرت مواقع إخبارية كينية بأن هذه الواقعة جاءت بعد مرور ما يقرب من عام على ورود تحذير من الإنتربول أو الشرطة الدولية للسلطات في كينيا من محاولات إيرانية لاختراق جهات حكومية كينية واستقطاب مسؤولين فيها.
وقد وردت روايات كثيرة حول تفاصيل أحداث هذه القضية التي ترجع بداياتها لسنوات ماضية، حيث كشف المدعي العام الكيني أنه في عام 2012 تم القبض على أحمد أبو الفتحي محمد وسيد منصور موسوي، بعد تلبسهم بحيازة متفجرات. وتم الحكم عليهما في عام 2013 بالسجن مدى الحياة قبل أن يتم تخفيف الحكم إلى الحبس لمدة 15 سنة فقط. وفي عام 2018، قررت محكمة الاستئناف الإفراج عنهما، وهو الأمر الذي أثار احتجاج النائب العام الكيني نور الدين حاجي حيث اعتبر الحكم أمرا غير مقبول وفشلا للعدالة وسيادة القانون. كما قدم حاجي، طعنا إلى المحكمة العليا ضد قرار الإفراج عن المتهمين. وسبب غضب المسؤول الكيني يرجع لتكرار المحاولات الإيرانية للتلاعب بلأمن الكيني من خلال تكليف أشخاص بمهام خاصة تضر بأمن كينيا. ومن هذه الوقائع أنه في عام 2016 إعتقلت السلطات في كينيا إيرانيين آخرين لمحاولتهما إطلاق سراح المعتقلين الإيرانيين السابقين. وقد علقت الخارجية الإيرانية آنذاك على هذه الواقعة زاعمة بأن الشخصين المقبوض عليهما مواطنان يتبعان السفارة الإيرانية ويعملان محاميين متابعين لقضية المعتقلين الإيرانيين المحكوم عليهما بالسجن. وسبق تلك الواقعة حادثة خطيرة شهدتها كينيا عام 2015 عندما أعلنت عن تفكيك “شبكة تجسس إيرانية” كانت تجهز لارتكاب جرائم إرهابية في البلاد.
وبصرف النظر عن تعدد الروايات المتعلقة بتفاصيل الواقعة الأخيرة إلا أن الثابت هو حدوث أزمة دبلوماسية بين كينيا وإيران على خلفية هذا الموضوع وأن طول مدة بقاء السفير الإيراني في بلاده وعدم رجوعه لعمله في كينيا بشكل سريع يعمق الأزمة ويزيد التوتر بين البلدين خاصة مع احتجاج إيران رسميا على نقض النيابة الكينية لحكم البراءة الصادر مؤخرا في مصلحة مواطنيها المقبوض عليهما. ومع استمرار بقاء السفير الإيراني فى بلاده تستمر الأزمة بين البلدين وهو الأمر الذي قد تكون له انعكاساته على مختلف جوانب التعاون بين البلدين. ولاشك أن خسائر إيران ستكون هي الأكبر من جراء هذه الأزمة التي تجعلها محل قلق وتوجس من مختلف الأجهزة الأمنية للدول التي تمارس نشاطاتها فيها، ولن يقتصر الأمر على كينيا وحدها. وهو ما يعني خسائر اقتصادية بالمليارات لو توقفت خطط المشروعات الكبيرة التي دخلت إيران من خلالها للقارة الإفريقية خاصة مشروعات الكهرباء والطاقة والبنية التحتية، والتعدين، إلى جانب افتقاد شركاء تجاريين كانوا يتعاملون مع إيران على الرغم من الحظر المفروض عليها.