أنا والطفل الصغير

محمد عبد الله أبوبكر (طالي)

آخر تحديث: 23/01/2016

[supsystic-social-sharing id="1"]

محمد عبدالله أبوبكر (طالي) / صحفي وناقد اجتماعي

إنه طفل في العاشرة من عمره. جاء برفقة أخته الكبرى إلى إحدى الفنادق الواقعة على مشارف شاطئ ليدو في مقديشو مساء يوم الخميس 21 يناير 2016..كان الأخوان من ضمن عشرات من سكان المدينة الذين غالبا ما يأتون إلى هذا المكان في أيام العطلة الأسبوعية ليأخدو قسطا من الراحة.

كان الشاطئ مكتطا بالزوار من أنحاء العاصمة بمن فيهم زملاء يتجاذبون أطراف الحديث، وأطفال يلعبون مع ذويهم وسط أجواء مريحة عند الشاطئ. وفجأة بينما كان الناس يعومون في محيطات الفرح والمرح، بدأ إطلاق الرصاص بشكل عشوائي تلاه سلسلة تفجيرات استهدفت هؤلاء الأبرياء الذين فرو من إطلاق النار.

أنا وزميلي أحمد طاهر كنا من ضمن هؤلاء الذين سامحت لهم الفرصة بالفرار من المكان، واتجهنا نحو الشاطئ بحثا عن ملجأ من النيران والتفجيرات العنيفة التي كانت تقتل الناس واحدا تلو الأخر.

وفي حين كنا نحاول الفرار من مكان الحدث، سمعنا صوت طفل صغير ينادينا من خلفنا قائلا “لا تتركوني في هذا المكان يا أعمامي. لا تتركوني. لا تتركوني”. التفتنا إلى الوراء ورأينا طفلا مصابا بجروح يجري وراءنا ببطئ ليخرج معنا من المكان.

هو إيمان. كان يجلس مع أخته الكبري في مكان واحد عندما بدأت النيران تمطر عليهم كمطر الخريف. فر إيمان إلى جهة، وأخته إلي جهة أخرى. لا يعرف مكان تواجد أخته حاليا. هو وحده يجري مع أنه لا يطيق على الجري لضعف جسده ولشدة الألم الذي يشعر به بسبب الجرح الذي أصابه نتيجة النيران التي أطلقت علي حشد من المدنين في المكان. ازداد الخوف في نفسه وفتح فمه ليصرخ وينادينا سائلا منا مساعدته في الخروج من المكان حتى لا تلاحقه النيران وتقتله.

على الرغم من أننا كنا في حالة فزع، إلا أننا قررنا أن نحمل هذا الطفل ونحاول إخراجه من المكان. أخذنا بيديه وواصلنا فرارنا من المكان.

بعد لحطات من الفرار والوثب على الاحجار مع الطفل المصاب، وصلنا إلى مكان كان فيه حشد من الناس حيث توقفنا لنطلب منهم المساعدة في محاولتنا لإنقاد الطفل فوجدنا سيارة في المكان والتي أخدتنا إلى إحدى المتسشفيات لمعالجة الطفل.

كان الصغير حزينا بما أصابه، كما كان الألم يشتد عليه. فجأة اقترب إيمان مني وقال بصوت ضعيف “يا عمي، لن أنساكما أنت وزميلك. لن أنساكما أبدا”.

سالت الدموع من عيني لما كانت تحمل الكلمات التي نطق بها الطفل من شعور تحرك قلوب كل من سمعها. وضعت يدي على رأسه لتهدئة نفسه وقلت له “اهدأ يا إبني اهدأ. لن يصيبك أذى إن شاء الله؟ ستجد شفاءا سريعا إن شاء الله”. سكت الطفل ، وحرك وجهه نحوي ليتكلم مرة ثانية قائلا “يا عمي عاهدني بأنك لن تدهب إلى المكان الذي كنا فيه أبدا، حتى إذا أنا مت. لن تدهب إلى ذلك المكان المرعب مرة أخرى يا عمي”.

كلمات الطفل جعلتني أفقد السيطرة على شعوري، وبدأت أرتعش كأنني أشعر ببرودة شديدة. ولم أكن قادرا على الرد على كلمات الطفل سوى أن أحرك رأسي إشارة إلى قبولي لطلبه عدم العودة إلى المكان الذي فررنا منه الآن.

أخيرا وصلنا إلى المستشفي حيث قضى فيه الطفل ليلة واحدة ليأخد ما كان يحتاج إليه من مساعدات طبية. وفي اليوم التالي خرج إيمان من المستشفي بعد تحسن حالته الصحية ، وهو الآن في منزله، يتقاسم شعور الفرح مع أمه وأخته الكبرى التي كانت معه في شاطئ ليدو عند وقوع الحادث. وقد تمكنت البنت من الخروج من المكان وهي سالمة وذلك بعد أن كانت تختبئ في داخل إحدى غرف المبنى.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال