أمراض وبائية تهدد السودان والجيران وتستلزم تحركا دوليا!

صفاء عزب

آخر تحديث: 18/10/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- يشهد السودان أوضاعا صحية شديدة الخطورة بعد الإعلان عن وجود حالات إصابة بالكوليرا ووقوع وفيات بين هذه الإصابات، وقد أعقب ذلك الإعلان عن ظهور إصابات في مناطق سودانية بمرض حمى الوادي المتصدع، الأمر الذي اعتبرته جهات صحية أممية بالوضع الخطير سيما في ظل وجود إصابات سابقة بمرض الملاريا. ويبدو الوضع كما لو كانت الأمراض الوبائية قد اتفقت على السودانيين لتهدد حياتهم وتسرق منهم فرحتهم بنصرهم السياسي بما حققوه من اتفاقات تقاسم السلطة بعد ثورتهم الشعبية التي أطاحت بالرئيس السودان السابق عمر البشير وإزاحته من عرش ظل محتفظا به لعقود طويلة.

وكان المسؤولون السودانيون قد أعلنوا في الثامن والعشرين من أغسطس الماضي عن وفاة 5 أشخاص نتيجة إصابتهم بمرض الكوليرا، في ولاية النيل الأزرق وكشفوا عن ظهور إصابات بوباء الكوليرا في أعقاب الفيضانات التي شهدتها البلاد، وبدأ الأمر بظهور عدد قليل من الحالات لا يتجاوز عدد أصابع اليدين ثم استفحل الوضع بشكل خطير خلال ساعات وبلغت جملة الإصابات التراكمية 124 حالة تم رصد 101 حالة في ولاية النيل الأزرق و23 حالة في ولاية سنار وأعلنت وزارة الصحة السودانية آنذاك عن تسجيل ثلاث وفيات في ولاية النيل الأزرق جراء الإسهال الحاد الناجم عن المرض. ثم تطور الأمر وارتفع عدد الإصابات إلى 184  حالة بينها 128 بولاية النيل الأزرق و56 في ولاية سنار. وأوضحت التقارير أن “معدل الوفيات الحالي بسبب الكوليرا في هذه المناطق هو 6.4 بالمئة، وينخفض مع العلاج المناسب، لأقل من 1 %”.

ونتيجة لخطورة الوضع حذر مسؤول سوداني من توابع تفشي هذا الوباء بسبب تردي الأوضاع الصحية في السودان وضعف البنى التحتية الخاصة بشبكات المياه والصرف الصحي نتيجة للسيول والفيضانات التي شهدها السودان. وترجع مخاوف السودانيين من استفحال الكوليرا إلى ذكرياتهم السيئة معه حينما انتشرت عام 2016  بين الآلاف من السودانيين، وتسببه في موت العشرات منهم. وقد دفعت تلك المخاوف وزارة الصحة السودانية إلى إعلان حالة الطوارئ ومطالبة منظمة الصحة العالمية بتقديم المساعدات الطبية اللازمة وأهمها التطعيمات الخاصة بالكوليرا.

ويعد مرض الكوليرا من الأمراض الوبائية الحادة التي تصيب الجسم بالإسهال الشديد والجفاف الشديد نتيجة لفقدان السوائل مما يؤدي إلى احتمالات وفاة للمصابين. وهو وباء يصيب ما بين 3-5 مليون سنويا ويتسبب في وفاة أكثر من 100 ألف حالة في جميع أنحاء العالم. ويحتاج المسافرون لقارتي آسيا وإفريقيا وبعض دول أمريكا اللاتينية الحصول على التطعيمات المناسبة ومراعاة أساليب النظافة الشخصية والغذائية.

إلى ذلك أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه تم  الإبلاغ عن 278 حالة مشتبه بها فى ولاية النيل الأزرق، وخمس محليات فى ولاية (سنار) وتم التأكيد من 28 عينة من أصل 42 تم اختبارها فى المختبر الوطنى للصحة العامة. كما أشارت المنظمة إلى أن الحكومة استجابت بشكل سريع عن الحالات المصابة، وتم اتخاذ تدابير الرقابة اللازمة من قبل الجهات المعنية لاحتواء تفشي المرض. ومن واقع تقارير المتابعة الداخلية والدولية الأممية لتطور الإصابات بالكوليرا في السودان ومدى خطورة امتداد العدوى لإثيوبيا وجنوب السودان، تم التأكيد على أنه لا يوجد أي دليل على وجود أية إصابات لدى الجيران. من جهة أخرى حذرت منظمة الصحة العالمية من أن خطر الانتشار هو مصدر قلق أكبر فى المناطق الواقعة أسفل نهر النيل (بما فى ذلك الخرطوم)، مشيرة إلى أن ولاية (النيل الأزرق) هى إحدى الولايات المتأثرة. وتشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى احتمالات ارتفاع عدد الإصابات بالكوليرا إلى 13 ألف إصابة في ثماني ولايات سودانية شديدة الخطورة خلال الأشهر الستة المقبلة وتشمل ولاية النيل الأزرق ، وولاية النيل الأبيض، وسنار، والجزيرة، ونهر النيل، وكسلا، والقضارف، والخرطوم العاصمة.

ونتيجة لهذه الأوضاع تم إطلاق حملة للتطعيم الفموى بدعم من التحالف العالمى للقاحات والتحصين، بهدف استهداف 1.6 مليون شخص فى ولايتى (سنار) و(النيل الأزرق). وقد تضمنت الحملة تدريب أكثر من 3560 شخص لكي يقوموا بمهمة التلقيح، وأكثر من 2240 شخص للعمل في إطار التعبئة الاجتماعية، وما يقرب من 70 مراقب مستقل، في الولايتين المصابتين بالوباء. ومن المتوقع أن تتوالى الحملات بشكل متتابع للسيطرة على الوضع الصحي ومحاصرة وباء الكوليرا ومنعه من الإنتشار داخل السودان وخارجه.

ويعاني السودان من مشكلة مزمنة خطيرة متمثلة في النقص الشديد للأدوية وذلك على مدار السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الإقتصادية الناجمة عن أوضاعه السياسية وعدم وجود موارد لسد الإحتياجات الدوائية حيث أعلن ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، بأن تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للسودان والبالغة قيمتها 1.1 مليار دولار، وصل إلى 29٪ فقط ما يكشف حجم العجز الخطير. وأضاف دوجاريك أن منظمتي الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في السودان تزودان وزارة الصحة في ولاية شرق دارفور بالأدوية ولوازم التغذية ومجموعات معالجة الصدمات. كما تساعد منظمة الصحة العالمية وزارة الصحة بالولاية في إدارة مستشفى كيبياسال الريفي.

وبينما يعاني السودانيون ويلات ومخاطر انتشار وباء الكوليرا ويصارعون الموت وهم يحاولون مواجهتها، إلى جانب مرض الملاريا، ظهرت مشكلة صحية جديدة في الساعات الأخيرة تمثلت في ظهور حلات إصابة بمرض حمى الوادي المتصدع بولاية نهر النيل شمالي السودان حيث كشف سكان المنطقة عن استقبال المركز الصحية لعدد من الحالات بأعراض حميات متنوعة وذلك في مناطق شمال بربر بالولاية، وسط معاناة مزمنة للأهالي من النقص الشديد في المستلزمات الطبية والطوادر الصحية، مما جعلهم يرفعون أصواتهم للمسؤولين بطلب إعانة عاجلة وتدخل سريع من قبل وزارة الصحة الولائية والاتحادية ومحاصرة المرض القابل للإنتشار.

ولا شك أن ما يواجهه السودان من هجوم شرس من الأمراض الوبائية يستلزم تحركا عالميا وليس إقليميا فقط وعدم ترك السودانيين يصارعون خطر الموت في غيبة من الرعاية الدولية المطلوبة خاصة في ظل ظروفه الإقتصادية الصعبة، وهو إجراء ضروري أيضا للحفاظ على صحة وحياة الشعوب الأخرى التي يمكن أن يؤدي استفحال المرض في السودان إلى إمتداده لإصابة الشعوب الأخرى بالعدوى.

 

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال