أزمة إقليم تيجراي .. انعكاسات على الصومال
الصومال الجديد
آخر تحديث: 25/11/2020
يشهد إقليم تيجراي الواقع شمال إثيوبيا معارك مسلحة بين القوات الإثيوبية ومقاتلي جبهة تحرير شعب تيجراي منذ الـ4/نوفمبر/2020م.
وقد انطلقت العمليات العسكرية في الإقليم، عندما أمر رئيس الوزراء الإثيوبي الجيش بشن هجوم على إقليم تيجراي لإعادة فرض القانون عليه ولتأديب مقاتلي جبهة تحرير شعب تيجراي التي اتهمها بمهاجمة قاعدة عسكرية للجيش الإثيوبي مما خلّف خسائر في الأرواح في صفوف الجيش الإثيوبي.
ويتواصل استمرار المعارك في إقليم تيجراي وسط إصرار الحكومةالإثيوبية على مواصلة الحرب حتى إعادة الإقليم إلى سيادة القانون وتطبيقه، رافضة لجميع محاولات دول المنطقة الهادفة إلى إنهاء المعارك عبر الحوار والمفاوضات.
وتتزايد الخسائر التي تخلفها هذه الحرب في صفوف المدنيين والعسكريين الإثيوبيين حيث تصل تقديرات التقارير الأممية والإعلامية بشأن ضحايا الحرب إلى مئات القتلى والجرحى ونزوح آلاف الإثيوبيين عبر الحدود السودانية حيث يعيشون هناك أوضاعا إنسانية في غاية الصعوبة.
انعكاسات أزمة إقليم تيجراي على الصومال:
انعكست أزمة إقليم تيجراي على الصومال بشكل واضح جدّا، وذلك بسبب العلاقات الجغرافية والسياسية والعسكرية بين الطرفين الإثيوبي والصومالي.
وتتجلى انعكاسات الحرب الإثيوبية على الصومال في المجالات الآتية:
1-سحب آلاف القوات الإثيوبية من الصومال: تتوالى التقارير الإعلامية المشيرة إلى سحب إثيوبيا للآلاف من قواتها في الصومال بسبب وطأة الحرب هناك. ونشر موقع بلومبيرغ الإخباري في الـ 13/نوفمبر/2020م أن إثيوبيا سحبت آلافا من قواتها في الصومال (وخاصة في ولايتي جوبالاند وجنوب غرب الصومال) بسبب تداعيات الحرب في إقليم تيجراي إذ تهدف إثيوبيا من هذه الخطوة إلى تعزيز المواجهات العسكرية الدّائرة بين القوات الإثيوبية ومقاتلي جبهة تحرير شعب تيجراي في الإقليم منذ الرابع من شهر نوفمبر الجاري. ويتواجد عدد كبير من القوات الإثيوبية في الصومال تحت مسميات مختلفة منها 4,500 جندي إثيوبي يعملون ضمن بعثة قوات الاتحاد الإفريقي العاملة في الصومال (الأميصوم)، بينما يوجد في الصومال جيوش إثيوبية تعزيزية أخرى خارج بعثة الأميصوم لا تقل عددا عن قواتها في الأميصوم، كما يقول حسن شيخ علي المستشار السابق للرئيس فرماجو في الشؤون الأمنية والمدير الحالي لمعهد هيرال لمعالجة التحديات الأمنية في القرن الإفريقي الّذي قال في مقابلة له مع شركة المستقبل الإعلامية المحلية: “إن أعداد القوات الإثيوبية العاملة في الصومال خارج منظومة الأميصوم لا تقلّ كثيرا عن مثيلتها الإثيوبية المنضوية تحت لواء الأميصوم التي يصل عددها إلى 4,500 جندي إثيوبي، مع إمكانية زيادة هذا العدد إذا دعت الضرورة لذلك، وهو ماحدث في مرات سابقة، حيث تقوم إثيوبيا بزيادة قواتها في الصومال عند تنفيذ العمليات العسكرية العصيبة…”، وعليه فإن خبراء في التحليلات الأمنية يعتقدون أن انسحاب القوات الإثيوبية من الصومال سيؤثر على العلاقات العسكرية بين إثيوبيا والحكومة الصومالية الحالية.
2-نزع أسلحة وحدات من الجيش الإثيوبي في الصومال واعتقال مئات الآخرين منهم: أفادت وسائل إعلام محلية وإثيوبية بتجريد السلاح عن القوات الإثيوبية المنتمية إلى قومية تيجراي والموجودة في الصومال، كما تم اعتقال 200 منهم بتهمة الولاء لسطات إقليم تيجراي المتمرد والتعاطف معها.
3-تخبط وزارة الخارجية الصومالية بشأن اتخاذ موقف رسمي إزاء الأحداث في تيجراي: أصاب الخارجية الصومالية بعض التخبط حول إعلان موقفها الرسمي من الأحداث الجارية في إثيوبيا، فبينما نشرت الخارجية الصومالية في صفحتها على تويتر تغريدة تقول فيها: “تعرب الجمهورية الصومالية الفيدرالية عن قلقها إزاء تطورات الأوضاع في إثيوبيا، وتجدد دعمها لوحدة إثيوبيا، كما تدعو الحكومة الصومالية الأطراف المتنازعة في إثيوبيا إلى الحوار من أجل إنهاء الصراع الداخلي بينها بشكل ودي”، لكن الوزارة سحبت هذه التغريدة عن حسابها في تويتر، وخاصة عندما غرّد السفير أحمد عيسى عوض وزير الخارجية الصومالي آنذاك في حسابه على تويتر تغريدة يقول فيها: “إنّني أوضّح هنا أنه لا يوجد بيان رسمي من الخارجية الصومالية حول الأوضاع في إثيوبيا، وأن ما يتم تداوله من بيانات وتصريحات بشأن هذا الموضوع ما هي إلاّ بيانات غير صحيحة، وبالتالي فهي لا تعبّر عن مواقف الحكومة الصومالية”، ويرى كثير من المراقبين أن إقالة الوزير بعد هاتين التغريدتين بساعات جاءت بضغط من الحكومة الإثيوبية التي لم ترق لبيان الخارجية الصومالية، غير أن عثمان دوبّي وزير الإعلام في الحكومة الصومالية نفى أن تكون هناك أية علاقة بين بيانات الخارجية الصومالية المتخبطة وإقالة السيد السفير أحمد عيسى عوض الّذي شغل هذا المنصب في الفترة ما بين 4/يناير/2018م إلى 19/نوفمبر/2020م، ليكون بذلك من أطول وزراء خارجية الصومال بقاء في الوزارة على مرّ التاريخ الصومالي الحديث.
4-زيارة مستشار الأمن القومي الإثيوبي لمقديشو: وصل غيدو أندير غاشو مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي في شؤون الأمن القومي يوم الإثنين 23/نوفمبر/2020م في زيارة مفاجئة إلى مدينة مقديشو عاصمة الصومال، والتقى فيها السيد محمد فرماجو رئيس الصومال الّذي أكد وقوفه إلى جانب السلطات الإثيوبية في حربها ضد مقاتلي جبهة تحرير شعب تيجراي، وفقا لمنشور نشره جمال الدين السفير الإثيوبي لدى الصومال على صفحته في الفيس بوك. وتأتي زيارة مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي بعد أيام قليلة من إقالة وزير خارجية الصومال أحمد عيسى عوض لأسباب يُعتقد أن لها علاقة ببيان نشر على صفحة الخارجية يدعو فيه الأطراف المتنازعة في إثيوبيا إلى الحوار، و هو ما لم تستسيغه الحكومة الإثيوبية وفقا لتحليلات بعض المتابعين.
إن الأزمة التيجراوية قد انعكست على الصومال بشكل واضح جدّا، مما يمكن القول بأن انعكاسها وصل لدرجة لا تسمح للحكومة الصومالية باتّخاذ موقف الحياد منها بسبب علاقاتها المتينة مع حكومة آبي أحمد في إثيوبيا، وما قد ستتعرض له من ضغوطات إثيوبية للتأثير على موقفها تجاه أزمة إقليم تيجراي.