السدود الإثيوبية على نهر شبيلى والأخطار المحتملة
الصومال الجديد
آخر تحديث: 28/03/2016
يشكل نهر شبيلى شريان حياة للملاين المزارعين في الأقاليم الجنوبية في الصومال ويبدأ النهر من مرتفعات اثيوبيا ومن ثم يتدفق الى الجنوب الشرقي في الصومال ويخترق ثلاث محافظات، هي هيران وشبيلى الوسطى، وشبيلى والسفلى، ويتلاشى عند المناطق الرملية المحاذية للسهول الساحلية في منطقة جوبا الوسطى، وفي مواسم هطول الأمطار الغزيرة فان مياه نهر شبيلى يمكن ان تتلاقى مع مياه نهر جوبا، ويعتمد ملاين من سكان الإقاليم السالفة الذكر على مياه النهر كمصدر رئيسي للشرب الآدمي والماشية، اضافة الى إنتاج الغذاء الضروري لحياتهم.
وفي خطوة هي الأولى من نوعها أعلن زعيم إدارة الإقليم الصومالي في الفيدرالية الإثيوبية عبدى محمد عمر”الي” عن قيام ادارته بوقف مياه نهر شبيلي بشكل متعمد وقال: “اننا قمنا بتخزين مياه النهر وراء الجدران لغرض السد وري حقولنا الزراعية الخاصة في المنطقة الصومالية في إثيوبيا” واضاف “ان هذه الخطوة أهم لشعبه من الصومالين الذين يموتون، والذين يعتمد أكثر من80% من مزارعيهم على مياه نهر شبيلى، وتأتى تصريحات “الي” فيما تشهد مياه نهر شبيلى القادمة من أعالى هضبة الحبشة نضوبا بلغ الى درجة التجفف متسببة في حالة من الجفاف الشديد.
ومنذ عام1950 كانت هناك خطط أثيوبية واسعة لتنمية نهر شبيلى بغرض الاستفادة من مياهه لكنها لم تنفذ،أما الخطط الإثيوبية في أواخر عام 1970 نحو تطوير نهر شبيلى فى معظم مناطق المنبع المعنية للصومال فقد نتج عن سياستها الرامية للإكتفاء الغذائي الذاتي.
وفي عام1989 بعد استعانتها بخبراء ومهندسين من الإتحاد السوفياتي استطاعت إثيوبيا إقامة سد ملكا وكينا على الروافد العليا لنهر شبيلى في جبال بايل بهدف انتاج 152 ميغاواط من الكهرباء، وأصبح بذلك هذا السد أكبر مولد للطاقة الكهرو-مائية في إثيوبيا. ولم تقف الجهود الإثيوبية الرامية الى الاستحواذ على مياه نهر شبيلى عند هذا الحد بل بدأت إجراءات جديدة بهذا الخصوص من 1991 بعد دخول الصومال إلى مرحلة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والأمني، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم أقامت اثيوبيا سدودا على نهري شبيلى وجوبا ليس بهدف الريّ والإنتاج الزراعي بل بهدف انتاج الطاقة الكهرو- مائية، وحسب التصريحات المنسوبة للمسؤلين المحلين في الإقليم الصومالي من فيدرالية إثيوبيا فإنهم أقاموا على نهر شبيلى حتى الآن 4 سدود أساسية الأمر الذي أثر على جريان النهر في حين تشهد الصومال حالة من الجفاف تسببت في نقص حاد في مياه الشرب مما ينذر بكارثة حقيقية تؤثر على حياة الإنسان والمواشي والبيئة إذا ما استمرت الأمور على هذا النحو، وهذا مؤشر سلبي وخطير، فاثيوبيا عندها خطط استراتيجية قومية شاملة حول الاستفادة من الموارد المائية المتاحة واستخدامها في التنمية الإقتصادية بما في ذلك مياه نهر النيل حيث أقامت على بحيرة تانا سد النهضة الذي أثار جدلا واسعا بينها وبين دول حوض النيل (مصر والسودان)، ولكن اثيوبيا لا تزال متمسكة بمواقفها تجاه هذا السد معتبرة نفسها بأنها صاحبة الحق رغم كل المخاوف التي أبدتها دول الممر والمصب، وتتذرع بأن عمل االسد لا يؤثر على حصة الدولتين في مياه نهر النيل، فاذا كانت أديس أبابا تستفز دولة كبرى مثل مصر فكيف بالصومال الجار الضعيف والمفكك الذي تتدخل في شؤونه الداخلية بشكل سافر؟.
ومن المخاطر المحتملة اذا ما استمرت إثيوبيا في هذا الاتجاه :
1-إستمرار المجاعة والنزوح من الأراضي الزراعية في الجنوب مما سيؤثر سلبا على حياة مئات الآلاف من الأسر التي تحترف بالزراعة والرعي على ضفاف نهر شبيلى سيما وان تلك المنطقة من أكثر مناطق البلاد اكتظاظا بالسكان، كما سيؤدى الى انهيار النظام الإقتصادي القائم على الزراعة وتربية الحيوانات على ضفاف الأنهار الخصبة، وهذا بدوره يسبب اختلال النظام الديموغرافي في تلك المناطق.
2- استخدام أثيوبيا مياه نهري جوبا وشبيلى كسلاح سياسي قابل للإشهار في أي وقت من الأوقات اذا ما وضعنا في الإعتبار أنها دولة حبيسة لا تملك منافذ بحرية، ولكى تحصل على نصيبها من البحر ولو بصورة مؤقتة لا مانع لديها من استخدام مسألة المياه كورقة ضغط عند المفاوضات اذا مااستدعت القضية الى عقد مفاوضات بين الطرفين لتقاسم مياه الأنهار بشكل عادل، ويكون هذا الإحتمال واردا لدى المحلل اذا علم عدم وجود اتفاقية مائية بين الدولتين.
3- تفاقم النزاع الحدودي الصامت بين الدولتين، والنزاع بين الطرفين أمر لا مفر منه، فمن غير المحتمل أن يتحقق التعاون بين البلدين للوصول الى اتفاق حول المياه المشتركة، وخاصة في ظل الأوضاع السياسية الراهنة في الصومال، وهناك الكثير من القضايا العالقة بين البلدين وتحاول الجارة العدو التقليدي عدم إثارتها في الوقت الحالي ريثما تنتهي الصراعات البينية لدى الفرقاء الصومالين.