جهود إيطالية لاستعادة دورها الضائع في الصومال

الصومال الجديد

آخر تحديث: 28/04/2016

[supsystic-social-sharing id="1"]

كان لإيطاليا دور بارز في الصومال بحكم كونها مستعمرة الأقاليم الواقعة في جنوب الصومال. وبعد حصول البلاد على الاستقلال وتوحد شطريه (الجنوب والشمال) تحت العلم الأزرق لجمهورية الصومال في عام 1960 أصبحت علاقات روما مع البلاد قائمة على أساس المصالح المشتركة في مجالات مختلفة من أبرزها الدفاع والأمن والاقتصاد.

وبعد دخول الصومال في أتون الحرب الأهلية تضاءل دور إيطاليا تجاه الصومال بسبب غياب حكومة مركزية تتعامل معها إضافة إلى كون الصومال ساحة مفتوحة لجميع الدول المهتمة بها سواء كانت صديقة أو عدوة، مما فرض على الإيطاليين دخول منافسة مع دول أكثر نفوذا منها، إلا أن إيطاليا لم تنزع يدها من البلاد بشكل كامل. ويعتقد أنها كانت على علاقة مع بعض أمراء الحرب الذين ظهروا في الساحة الصومالية خلال العقدين الماضيين، كما فعله بعض بعض دول العالم، وهذا من أجل حماية مصالحها في المنطقة، في وقت كانت فيه الشوكة القوية لأمراء الحرب فقط.

وبعد خروج الصومال من المرحلة الانتقالية وتكوين أول دولة رسمية بعد الحرب الأهلية في الصومال في نهاية عام 2012 بدأت إيطاليا تحركات سياسية ودبلوماسية تجاه الصومال، وأصبحت أول دولة غربية بادرت إلى تعيين سفير لها في الصومال وذلك في عام 2014 كما أعادت فتح سفارتها التي كانت مغلقة منذ عام 1991 ، وهذه الخطوة فسرها المحللون بأنها محاولة رامية إلى استعادة دورها الضائع عبر القنوات الدبلوماسية.

وتعتبر إيطاليا من الدول الغربية المهتمة بالشأن الصومالي للاحتفاظ بعلاقاتها السابقة مع هذه الدولة الواقعة في منطقة استراتيجية من شرق أفريقيا والغنية بثرواتها الاقتصادية، الأمر الذي حرك إيطاليا مؤخرا للإعلان عن مبادرة حول استضافة منتدى لدعم الاقتصاد في الصومال وتخصيص مساعدات مالية جديدة له في العام الحالي المفصلي في إعادة بناء الدولة على ضوء الانتخابات العامة المرتقبة، وذلك على لسان وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني على هامش مشاركته في منتدى الشراكة رفيع المستوى حول الصومال المنعقد في تركيا شهر فبراير الماضي. وأشار جنتيلوني إلى عزم حكومته على زيادة المساعدات المالية المقررة لعام 2016 الى 20 مليون يورو “منها 14 مليونا عبر قنوات التنمية وأكثر من ستة ملايين للمساعدات الانسانية”.كما شدد على أن “جهود ايطاليا من أجل السلام في الصومال تتجه بشكل ملائم للتركيز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والحوكمة” في إطار رغبتها بأن “تكون جزءا من هذه العملية ايضا من خلال شراكات اقتصادية جديدة”.

التطورات الإيجابية في مجالات السياسة والأمن في الصومال في الفترات الأخيرة هي التي تشجع إيطاليا والدول الأخرى المهتمة بالصومال نظرا إلى أن تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد سيزيح الستار عن الفرص الاستثمارية المتوفرة في الساحة الصومالية، حيث تسعى إيطاليا إلى حماية مصالحها الاستراتيجية في المنطقة والاحتفاظ بمكانتها في البلاد قبل الحرب الأهلية.

والجدير بالذكر أن الصومال كان يعتمد في اقتصاده على الثروة الحيوانية والزراعية، حيث اشتهرت المناطق الجنوبية والتي يمر بها نهرا شبيلى وجوبا بزراعة الموز الذي كان يدر أرباحا طائلة على حزانة الدولة. ويعود فضل زراعة الموز في البلاد إلى إيطاليا، والتي كانت -كما تشير إليه بعض التقارير- أول من زرع الموز في التراب الصومالي عام 1929، وأرسلت أول شحنة تجارية من الموز الصومالي إلى الشرق الأوسط عام 1957. بينما سجلت أكبر شحنة موز أرسلها الصومال إلى الخارج بين عامي 1971 و1972 (حوالي 12 مليون كرتون ). وكانت الأسواق التقليدية للموز الصومالي قبل الحرب الأهلية، الشرق الأوسط وإيران وإيطاليا وألمانيا.

وبالحقيقة تدرك إيطاليا أيضا أهمية تعزيز تعاونها مع الصومال في مجالات السياسة والدفاع والأمن لحماية مصالحها الاستراتيجية، وانطلاقا من تلك الأهمية قدمت إيطاليا دعوة رسمية إلى مسؤولين صوماليين كبار. وكان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود زار إيطاليا في شهر سبتمبر عام 2015، كما قام رئيس الوزراء عمر عبد الرشيد أيضا بزيارة إلى إيطاليا في شهر أبريل الجاري. وكان كل من رئيس ولاية بونتلاند عبد الولي غاس ورئيس ولاية جوبا أحمد مدوبي قام بزيارة إلى إيطاليا في شهر مايو عام 2015. كما زار كل من رئيس ولاية جلمدج عبد الكريم حسين جوليد ورئيس ولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن شيخ آدم العاصمة الإيطالية روما خلال شهر أبريل الجاري. وبالطبع تأتي زيارات هؤلاء المسؤولين في إطار الجهود الدبلوماسية الإيطالية لتوطيد علاقاتها مع الصومال. هذا ويلاحظ المتابعون إلى أن روما تعمل تغييرات في سياستها الخارجية تجاه الصومال تماشيا مع تطورات أوضاع حكم البلاد التي أخذت النظام الفيدرالي وهي التي أدت إلى استضافة رؤساء الولايات الفيدرالية في البلاد للتعامل مع كل ولاية فيدرالية على حدتها.

والجدير بالإشارة في هنا إلى أن إيطاليا لا تريد الاقتصار على تعزيز علاقاتها مع الصومال في مجالي السياسة والاقتصاد فحسب، بل تتطلع إلى إحياء تعاونها العسكري والأمني مع الصومال.وبناء على تحقيق هذا التطلع زار رئيس أركان الجيش الإيطالي اللواء كلاوديو غرازيانو في شهر ديسمبر عام 2015 العاصمة الصومالية مقديشو، حيث التقى مع رئيس الوزرء الصومالي عمر عبد الرشيد ونائبه محمد عمر عرته ووزير الدفاع الجنرال عبد القادر شيخ علي ديني وقادة الجيش الصومالي لبحث تعزيز التعاون العسكري بين الصومال وإيطاليا في مختلف المجالات من بينها مكافحة الإرهاب. كما قام قائد الشرطة الصومالي بزيارة رسمية إلى العاصمة الإيطالية روما، وذلك في شهر مارس الماضي. وأصبحت ثمرة هذه الزيارة إرسال 30 ضابطا من الشرطة الصومالية السبت الماضي إلى إيطاليا لتلقي تدريبات تستمر لمدة شهرين في روما، وهي أول مرة يتوجه فيها ضباط من الشرطة إلى إيطاليا أو دولة أوروبية لتلقي التدريبات منذ أكثر من 25 عاما، مما يبدي مدى اهتمام الايطاليين بالصومال في هذه الفترة.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال