المشهد الصومالي.. قراءة في المستجدات الأمنية

الصومال الجديد

آخر تحديث: 10/10/2017

[supsystic-social-sharing id="1"]

لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا
التقرير الأسبوعي
الرقم 8

• المدخل
شهدت البلاد في الآونة الأخيرة موجة من الهجمات المتكررة والاغتيالات المنتظمة راح ضحيتها مسؤولون مدنيون وعسكريون في الدولة، إضافة إلى مدنيين تعرضوا للهجمات؛ وذلك لأسباب مختلفة، حتى وصل الأمر إلى مقتل ما يقارب 10 أشخاص في حوادث متفرقة خلال أسبوع واحد داخل العاصمة، وهو ما لفت انتباه كثير من المراقبين نحوها كمستجدات أمنية تستحق القراءة والوقوف عندها.
صحيح أن العمليات الانتحارية قد تراجعت بشكل ملحوظ بعد تشكيل قوات تأمين العاصمة، والتي ساهمت في تحسين مستوى أمن العاصمة لاسيما خلال شهر رمضان المعظم الماضي، والذي كان سابقا من أكثر الشهور دموية؛ حيث كانت حركة الشباب تكثف هجماتها في ذلك الشهر.
• المستجدات الأمنية:
– تراجع حدة التفجيرات
تراجعت التفجيرات والعمليات الانتحارية في العاصمة الصومالية مقديشو بعد تشكيل قوات تأمين العاصمة.
لقد لعبت تلك القوات الخاصة دورا محوريا في تأمين العاصمة ضد الهجمات الانتحارية والتي تراجعت بشكل ملحوظ في الأشهر التي تلت تشكيلها، كما قامت بإفشال عمليات ومخططات كانت تستهدف أهدافا حكومية وشعبية في مدينة مقديشو خلال الفترة الماضية.
وأشاد سكان العاصمة بالجهود الجبارة التي بذلتها القوات الخاصة لتأمين أمن العاصمة، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك، والذي كان موسما للانفجاريات العنيفة التي كان يروح ضحيتها أعداد كبيرة من المواطنين الأبرياء.
ميدانيا، استطاعت الأجهزة الأمنية إفشال سيارة مفخخة كان يقودها انتحاري في العاشر من شهر أغسطس الماضي؛ وذلك بعد تلقيها معلومات استخباراتية تتعلق بالسيارة، لكن تمكَّن سائقها من الانفلات والهروب بعد أن وضع السيارة إلى جانب أحد الأرصفة في شارع مكة المكرمة حسب الأجهزة الأمنية، كما تمكنت الأجهزة الأمنية من توقيف حركة السيارات المارة في ذلك الشارع المزدحم وانفجرت السيارة دون وقوع الضحايا(1).
وجاء ذلك بعد انفجار سيارة أخرى في محاولة مماثلة أمام مستشفى دار الشفا التخصصي الكائن على شارع مكة المكرمة، وأدى هو الآخر إلى مقتل اثنين وجرح عدد آخر كلهم مدنيون كانوا هناك أثناء الانفجار(2).
ومن المحتمل أن يكون الانفجار موجها نحو أهداف حكومية أو شعبية لكنه لم يتمكن من الوصول إلى الهدف بسبب كثافة الحواجز الأمنية وتكثيف التفتيش، وهو ما جعل الانتحاريين يضعون السيارات المفخخة إلى جانب الطريق ويتركونها.
وفي نهاية شهر سبتمبر المنصرم انفجرت سيارة مفخخة كان يقودها انتحاري أمام مطعم في مديرية حمروين، وأدى إلى مقتل ثمانية أشخاص وجرح عدد آخر من المدنيين بحسب تأكيدات مسؤولين في الشرطة للصحافة المحلية، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الانفجار إلا أنه من المحتمل أن تكون حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة هي من يقف وراء الانفجار(3).

– تصاعد وتيرة الهجمات والاغتيالات
وفي مقابل تراجع العمليات الانتحارية والانفجارات، هناك تصاعد ملحوظ للهجمات والاغتيالات، فقد شهدت مناطق متفرقة من البلاد وخاصة المناطق الجنوبية بما فيها العاصمة في الشهرين الماضيين عددا من الهجمات المنظمة التي تعرض لها مواطنون، بالإضافة إلى اغتيالات وهجمات طالت مسؤولين عسكريين ومدنين وقواعد عسكرية، وهو ما نستعرض معكم في هذا الجزء من التقرير.
كانت شهر سبتمبر هي الأكثر دموية؛ حيث شهدت العاصمة عمليات اغتيالات منظمة كما أسلفنا، وقد اغتيل نائب قائد وحدة خدمات الدعم اللوجستي السابق للقوات المسلحة في الرابع عشر من شهر سبتمبر المنصرم بعد خروجه مباشرة من أحد مساجد حي وابرى الذي كان يسكنه الجنرال، وتمكن منفذو الهجوم الفرار من مسرح الجريمة قبل وصول عناصر الأمن إليها(4).
كما تعرض جنرال آخر في الجيش في بداية هذا الشهر محاولة اغتيال نجا منها بأعجوبة بعد انفجار سيارته أثناء مرورها في الضاحية الجنوبية للعاصمة، وتفيد التقارير بأن الانفجار نجم عن عبوة ناسفة زرعت في جانب الطريق، وأصاب الانفجار بسيارة الجنرال مما أدى إلى إصابة بعض حرسه بجروح مختلفة، وكالعادة تبنت حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال تلك(5).
وقد سبق حادثة محاولة اغتيال الجنرال هجوم على سيارة كانت تقل سكرتيرة الإتحاد الوطني للمرأة عنب حاشى ونجل رئيسة الاتحاد النسائي الصومالي الذين لقيا مصرعهما في هجوم وقع في حي حمروين، وخاصة في شارع “فيا روما” المكتظ بالقوات الحكومية.
وعلى الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم إلا أن الحادث أثار ردود أفعال واسعة على المستويين الشعبي والأمني.
الأمر الذي أجبر وزارة الأمن الداخلي على اتخاذ إجراءات صارمة تمثلت في إقالة ضابطين واعتقال آخرين قيل عنهم أنهم كانوا في الخدمة أثناء حدوث عملية الاغتيال السالفة الذكر، ولا تزال التحقيقات في ملابسة حادثة اغتيال سكرتيرة الاتحاد الوطني للمرأة جارية حتى كتابة هذا التقرير(6).
هذا، وقد شهدت العاصمة اغتيالات منظمة وهجمات مسلحة تعرض لها مسؤولون ومدنيون وعسكريون وراح ضحيتها عشرات من المواطنين.
ويذكر أن تلك العمليات التي نحن بصدد الحديث عنها تزامنت مع هجوم على مواقع ومناطق مختلفة من الأقاليم الجنوبية في البلاد.
أما على صعيد الهجوم المباشر فقد هاجمت مليشيات حركة الشباب على بلدة بريرى الواقعة على بعد 65 كيلومترا جنوب غرب العاصمة، عدة مرات، وأسفر الهجومات عن مقتل عشرات من الطرفين، وفي أحد الأحداث استهلت الحركة الهجوم على القاعدة العسكرية هناك بسيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان أعقبتهما اشتباكات عنيفة استمرت زهاء خمس ساعات سيطر خلالها مسلحو الحركة على البلدة(7).
والجدير بالذكر أن حركة الشباب لا تزال تهاجم على القاعدة المذكور والبلدات المجاورة لها بشكل مستمر، لكنها لا تمكث طويلا بعد سيطرتها عليها، فسرعان ما تنسحب عنها بعد ساعات قليلة خوفا من وصول إمدادات قوات الاتحاد الأفريقي المساندة للقوات الحكومية.
وفي سياق منفصل شنت مليشيات من حركة الشباب هجوما مدفعيا على مطار مدينة بيدوا حاضرة محافظة باي العاصمة المؤقتة لولاية جنوب غرب الصومال، وعلى الرغم من عدم ورود أنباء عن خسائر ناجمة عن الهجوم المدفعي إلا أنه يعد مؤشرا سلبيا؛ حيث تجاسرت مليشيات الشباب على مثل هذه العمليات مع وجود القوات الإثيوبية المتمركزة في المطار.
• أسباب التراخي الأمني
وهناك أسباب عدة تقف وراء التراخي الأمني الذي تشهده البلاد في هذه الأيام، وكلها أسباب داخلية لا تمت بصلة بالتدخلات الخارجية، وقد يكون لها تأثير على مجريات الأحداث في الداخل؛ ولكن لا يمكن أن تكون أسبابا مستقلة، كما يذهب إليه بعض الكتاب المصابين بعقدة التفسير التآمري للأحداث.
ويمكن إيجاز تلك الأسباب فيما يلي:
1. الاهتمام بالسياسة أكثر من الأمن.
تهتم الحكومة بالقضايا السياسية أكثر من اهتمامها بالأمن، كما يلاحظه المتابع بالقضية الصومالية، ويعتقد بعض المحللين أن الحكومة تولي جل اهتمامها للقضايا السياسية الشائكة الراهنة، في ظل الخلافات المتصاعدة بينها وبين الولايات الإقليمية، والتي كما يبدو لا توجد محاولة هادفة إلى احتواء هذه الأزمة السياسية، ولا شك أن استمررار الخلافات السياسية بين المركز والأطراف ستكون له تداعيات سلبية على مختلفة المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، إذا لم يوقف الطرفان التصعيد ولم يتحاكما إلى العقل والقانون.
ويأتي التدهور الأمني الملحوظ في مقديشو في وقت واجهت الحكومة الفيدرالية أزمات سياسية متعاقبة، ابتداء من قضية تسليم القيادي في جبهة ONLF قلب طغح لإثيوبيا؛ التي أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية، كما صرفت الحكومة كل امكانياتها إلى تفنيد اتهامات المعارضين لذلك التصرف المشين؛ الذي وصفه بعض النواب بأنه “خيانة وطنية”.
فقد كان بوسع الحكومة الحصول على استشارة شرعية وسياسية قبل الإقدام على مثل تلك الخطوة الخطيرة التي أربكت صانع القرار وشغلته عن قضايا أهم منها مثل قضية استتاب الأمن وإعادة هيكلة القوات المسلحة ودمجها.
ويجادل المنتقدون للحكومة الفيدرالية بأن انشغال الحكومة بقضايا سياسية ثانوية من الأسباب التي تقف وراء التراخي الأمني الذي تشهده البلاد هذه الأيام.
2. أزمة أجور الجيش
وهناك سبب آخر يقف وراء التراخي الأمني الحالي، وهي ظاهرة تأخير تسليم المرتبات، بحيث أفادت تقارير بأن عناصر القوات الحكومية لم يتقاضوا رواتبهم لمدة شهرين، وهو الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة على أدائهم، فقد عاني أفراد القوات المسلحة أزمة تأخير الأجور في فترة الرئيس السابق حسن شيخ الذي ترك المكتب والقوات لمسلحة لم تأخذ مرتباتها لمدة سبعة أشهر.
وكان الرئيس الحالي فرماجو وعد قبل مجيئه إلى الحكم لتسليم المرتبات دون تأخير، وقال:”إن رواتب الموظفين المدنيين والقوات الحكومية ليست أمرا ثانويا يُقدَّم وقت ما شاءت القيادة، بل هي مستحقات واجبة الدفع في كل مرة” إلا أن الرئيس لم يستطع أن يفي بوعوده الانتخابية –كما يتهم به منتقدوه- حيث لم يتمكن من دفع مرتبات الجيش بشكل منتظم(8).
3. التركيز على أمن العاصمة فقط
يعتقد أن التركيز على أمن العاصمة مقديشو فقط مع إهمال محافظتي شبيلى السفلى وشبيلى الوسطى المجاورتين لمقديشو من أبرز الأسباب الكامنة وراء التراخي الأمني في البلاد، حيث إن الوضع الأمني في هاتين المحافظتين يؤثر بصورة أو بأخرى على أمن العاصمة.
فقد تقتضي الإستراتيجية الأمنية للعاصمة تأمين الأقاليم المجارة لها كجزء من إستراتيجية المحيط الآمن، لكن جهود الحكومة اقتصرت على تأمين العاصمة مقديشو، وهذا لا يمكن ما لم تكن هناك إستراتيجية أمنية تشمل محافظتي شبيلى السفلي وشبيلى الوسطي؛ علما بأن الأولى أصبحت حاضنة لمليشيات حركة الشباب التي تحارب الحكومة.
4. ضعف التنسيق
وأخيرا هناك ضعف التنسيق بين مختلف أقسام القوات التابعة للحكومة الفيدرالية، وكذلك بين القوات التابعة للحكومة الفيدرالية والقوات التابعة للولايات الإقليمية، وخير دليل على ذلك تلك الصدامات التي حدثت بين وحدات تأمين العاصمة وأخرى من الجيش داخل العاصمة مقديشو في الفترات الأخيرة، وقد أثر ضعف التنسيق هذا على أداء القوات الحكومية مهامها الأمنية التي كلفت بها. والجدير بالذكر أن قيادة الدولة بذلت جهودا كبيرة لتحسين وتعزيز التنسيق بين مختلف أقسام القوات، مما أدى إلى تشكيل لجنة خاصة لإعدا خطة رامية لتعزيز التنسيق بين أقسام القوات.
المراجع:
1. http://goobjoog.com/qarax-gaari-oo-caawa-ka-dhacay-magaalada-muqdisho/
2. https://www.voasomali.com/a/3972617.html
3. http://alsomal.net/archives/19311
4. http://radiomaanta.net/2017/09/25/faah-faahintaliye-ku-xigeenki-hore-ee-ciidamada-saadka-oo-xalay-muqdisho-lagu-dilay/
5. http://alsomal.net/archives/19413
6. http://alsomal.net/archives/19260 بتصرف
7. http://alsomal.net/archives/19329
8. http://www.caasimada.net/shaqaalaha-dowladda-iyo-ciidamada-oo-aan-muddo-laba-bilood-ah-wax-mushaar-ah-qaadan/

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال