الصراع بين أرض الصومال وبونتلاند (1-3)

بشير نور علي

آخر تحديث: 17/02/2018

[supsystic-social-sharing id="1"]

توطئة

يُعتقد أن الصّوماليين ما قبل الاستعمار الغربي كانوا يعيشون في أنظمة تقليدية، لا ترابط بينها، ثم جاء الاستعمار، ووضع بينهم شرائط حدودية وهمية، لا تخدم إلا لمصالحهم الاستعمارية؛ حيث كانت تمثل الحد الفاصل بين مستعمرة وأخرى، والأنظمة التي بعدها إن هي إلا صنيعة أفعالهم، ومخططاتهم للتحكم على الشّعب وأرضه عن بعد بواسطة سياسيين تربوا في أحضانهم، وتدربوا على أيديهم، وورثوا تركة الاستعمار، سمّاعون لهم، لا يعصون لهم أمرا، رهن إشاراتهم ولو كانت على حساب مصالح البلاد والعباد.

سياسيون تخرجوا من كليات خارجية، وجنرالات تم تدريبهم على أيدي الاستعمار، يُخّطّطُ لهم وينفذون، ومن أجل ذلك لم تخرج البلاد من الاستعمار إلا ودخلت نوعا آخر من الاستعمار ذاته، لازالت المؤامرة التي حيكت ضد الشّعب الصّومالي في مؤتمر برلين تعمل حسبما أريدت لها أن تعمل.

وفي عام 1978م أي وبعد الاستقلال بعشر سنوات ونيف أسّس العقيد الصّومالي عبد الله يوسف أحمد في كينيا أول جبهة مسلحة تحارب نظام سياد بري إثر قمعه القبائل في الشمال الشرقي، والمنطقة الوسطى، كما تمّ تأسيس جبهة في بريطانيا باسم ” الحركة الوطنية الصومالية” ( SNM) عام 1982م، وفتحت جبهات القتال في المناطق الشّمالية من البلاد، مما أسفر عن خسائر مادية وبشريّة فادحة في صفوف الشّعب العزل، وكانت الجبهة تجعل من الأراضي الصّومالية في إثيوبيا منطلقا لها، وتقوم بعمليات الكرّ والفرّ ضدّ الجيش النّظاميّ.

وإثر إطاحة الحكومة المركزية الّتي كان يترأسها اللواء الرّاحل محمد سياد برى على أيدي الجبهات المسلّحة والمموّلةِ من الخارج عام 1991، سارع زعماء الحركة الوطنية الصومالية إلى تغيير أجندتها بإملاءات خارجية؛ حيث كان من أولى أولوياتها تحرير البلاد من حكم العسكر؛ لكنها وفور التّخلص من النظام العسكري سارعت إلى تكوين كيان همُّه الأوّل البحث عن انفصال عن بقية المناطق الصّومالية، والبحث عن اعتراف دولي لقضيتهم.

نبذة تعريفية لنظامي أرض الصومال وبونتلاند

أولا: أرض الصومال

في أعقاب انهيار نظام حكم محمد سياد بري في الصومال أعلنت أرض الصومال استقلالها من طرف واحد، وتحديدا في 18 من مايو/ آيار 1991. ومنذ ذاك الوقت تمارس مهامها لتطوير نفسها كدولة مستقلة، بالرّغم من غياب الاعتراف القانونيّ لها؛ لكنّها لازالت تبحث بكل جدّية الحصول عليه، منذ أول مؤتمر مصالحة عقد في مدينة بربرة من 15 إلى 27 فبراير/ شباط 1991، وكان الهدف من وراء هذا المؤتمر إعادة الثّقة بين العشائر القاطنة في شمال الصومال المعروفة حاليا بأرض الصومال، والّتي كانت ترزح تحت الاستعمار البريطاني.

ويأتي بعد هذا المؤتمر بشهرين مؤتمر ثان عُقّد في مدينة بُرْعُو، استمر قرابة شهر من 27 أبريل/ نيسان إلى 18 مايو/ آيار 1991، واتفق المشاركون فيه، وعلى رأسهم زعماء العشائر الشّمالية، وقيادة الحركة الوطنية الصّومالية بعد مناقشات استمرت شهرين على ضرورة بناء كيان مستقل عن بقية الصّومال، وعلى الرّغم من ذلك فإن بعض المراقبين يعتقدون أن المؤتمرات لم تكن تطرقت لشأن الاستقلال، أو الانفصال التّام عن الوحدة، وجاءت نتائج المؤتمرات المتعاقبة تعكس المعاناة التي شهدتها تلك المناطق من قبل الحكومات المركزية من تهميش سياسيّ، وتهجير قصريّ في بعض المناطق هناك، على خلفية تمرّد قامت به بعض الفصائل ضدّ الحكومة الصّومالية الّتي كان يترأسها سياد برى، كما خرج من المؤتمر إعلان استقلال من طرف واحد.

ومن هنا بدأت قصة أرض الصومال كنظام منفصل من الصّومال، ومرت على عدة مراحل متباينة، بدءاً من الاتفاق المبدئي بين المشاركين في مؤتمري برعو وبربرة، ومرورا بمراحل التّطوير الاداريّ، وإقناع جميع شرائح المجتمع القاطن في الحدود الجغرافية التي رسمها الاحتلال البريطانيّ في النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر. والتي تقدّر مساحتها الإجمالية بنحو (137600 كم2 ) .

فهي الآن تتمتع بعلم ونشيد وطني وتأشيرة دخول ومؤسسات للحكم والإدارة. وتحاول النّخبة الحاكمة بذل كل ما في وسعها للحصول على الاعتراف الدّولي.

ثانيا: بونتلاند

بونتلاند ولاية صوماليّة تتمتع بحكم ذاتيّ، وتقع الولاية في شمال شرقي البلاد، يحدّها من الغرب أرض الصّومال ومن الشّمال خليج عدن، ومن الجنوب الشّرقي المحيط الهندي، بينما تحدها إثيوبيا من الجنوب الغربي وولاية جلمدغ من الجنوب.

تأسست بونتلاند نهاية عام في مدينة غرووي حاضرة محافظة نغال 1997، وذلك بعد العودة من مؤتمر القاهرة للمصالحة الصّومالية، وشارك في المؤتمر التأسيسي للولاية 29 عضوا من أشهر شيوخ العشائر؛ لتحذو مناطق الشمال الشرقي في لبلاد حذو جارتها إدارة أرض الصّومال عدوها اللدود، كسلطة إدارية، ذاتية لكنها لم تعلن كجارتها – أرض الصومال – الانفصال من بقية الصّومال، عاصمتها “جروي” وتمثل همزة وصل بين شمال البلاد وجنوبه.

ويمكن القول بأنّ الولاية عبارة عن نظام قبليّ لا يختلف عن الأنظمة القبلية الأخرى، كما أنه من المعروف أن السياسيين في تلك الولاية كانوا يطالبون وبإلحاح تطبيق الفيدرالية على الشّعب الصّومالي. فيدرالية على أسس قبلية، أريد لها أن تقسم البلاد إلى دويلات لا تجمعهم أي مصلحة؛ لأن مصلحة القبيلة مقدمة على مصالح المواطنة، وكل يحاول من خلال شرعنة فيدرالية عرجاء جر النّار إلى قرصه.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال