مستقبل العلاقة بين الولايات والحكومة الاتحادية على ضوء المتغيرات السياسية

الصومال الجديد

آخر تحديث: 29/09/2017

[supsystic-social-sharing id="1"]

التوطئة:
تشهد علاقة الولايات الإقليمية مع الحكومة المركزية في ظل فترة حكم الرئيس محمد عبد الله فرماجو تدهورا هو الأسوأ من نوعه منذ تأسيس معظم هذه الولايات خلال فترة الرئيس حسن شيخ محمود، وقد بدأء التباين في وجهات النظر بين الحكومة ورؤساء الولايات يطفوا على السطح بعد انتخاب رئيس فرماجو في فبراير من عام2017 حيث كانت الولايات توجه للحكومة اتهامات، تتمثل في محاولة الحكومة تحجيم دور الولايات وتقزيمها واستبعادها عن المشهد، بل واستعدائها، إضافة الى غياب الرؤية المتكاملة لفلسفة الحكم والتخبط والإرتجالية وعدم النضج السياسي، والانفراد بالقرارات المصيرية في البلاد والتي كان آخرها موقف الحكومة من الأزمة الخليجية الراهنة.

هناك عدة تطورات هامة طرأت على مسار العلاقات الثنائية بين الحكومة الاتحادية والولايات الإقليمية قد تؤثر سلبا على مستقبل العلاقات بين الطرفين وهو ما يسلط عليه الأضواء هذا التقرير.

تكهنات في محل الصدق:

عقب انتخاب فرماجو رئيسا للبلاد في مطلع العام الجارى وفي أوساط أجواء الفرحة ونشوة الانتصار التي عمت أجزاء غير قليلة من الأراضي التي يقطنها الصوماليون في منطقة شرق أفريقيا عموما، كان هناك عدد قليل من السياسين والكتاب يتنبؤون بمستقبل الرئيس على ضوء الواقع الصومالي على الأرض، ومن منطق تحليل المعطيات والمعلومات المتوفرة لا من منطق العواطف المشحونة بالمصالح الفكرية والأيديولوجية وربما السياسية، وكانت تلك الأصوات مبحوحة لا تفضل البوح بما تذهب إليه من التكهنات في المجالس والمنتديات العامة تحاشيا من التعارك مع التيارات الهادرة، وكان من بين هؤلاء السياسين الذين تكهنوا مستقبل العلاقة بين الحكومة والولايات دبلوماسي مخضرم خدم في الخارجية حتى وصل مرتبة الوزير فيها، الذي اعتبر أن الازمة السياسية للرئيس فرماجو يمكن أن تاتي من مصدرين أساسين، احدهما الولايات الإقليمية بكل ما تحمل في طياتها من تعقيدادت تحتاج للتعامل معها بحنكة سياسية ونضج فكري وهو ما تفتقر اليه القيادة الحالية حسب رأي الدبلوماسي.

المصدر الثاني هو إثيوبيا المؤثر المباشر والفاعل الحقيقي على الأرض باعتبارات سياسية وجيو استراتيجية وأمنية، فهي كغيرها من دول الجوار لم تبد ارتياحا لانتخاب محمد عبد الله فرماجو رئيسا للصومال لأسباب موضوعية لايتسع المقام لبسطها هنا.

صحيح أن إدارة الرئيس فرماجو استطاعت أن تتعامل مع الجارة اثيوبيا بمرونة لم تكن متوقعة لدي كثير من المتابعين للشأن الصومالي، كما تجلى ذلك في الخطوة الجريئة التي اتخذت لتسليم القيادي في جبهة تحرير اوغادينا عبد الكريم قلب طغح لإثيوبيا، وهو ما أثار جدلا سياسيا وقانونيا، حيث اتهم نواب في البرلمان الحكومة بارتكاب “خيانة وطنية”.

الأزمة الخليجية وأثرها على العلاقات

معلوم أن موقف الحكومة من الأزمة الخليجية الراهنة لم يكن قرارا جاء بالإجماع الوطني، لذلك لقي انتقادات واسعة من مختلف الأطياف الساسية في اللبلاد، مما أدى إلى دعوة البعض الحكومة الاتحادية الى مراجعة موقفها، لكن موقف الولايات التي أعربت عن قوفها إلى جانب الدول الأربعة المقاطعة لقطر، وهي المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية ومملكة البحرين، نظرا إلى العلاقات التاريخية والاستراتيجية التي تربط الصومال بهذه الدول، أثار حفيظة الحكومة الفيدرالية، التي اتخذت إجراءت يرأها البعض بأنها تاديبية ضد بعض الولايات، حيث قامت بتحريض بعض النواب على رئيس ولاية غلمدغ أحمد دعاله حاف، وسحبوا منه الثقة، رغم التساؤلات حول صحة هذه الخطوة قانونيا، إذ لم يترأس واحد من رئاسة برلمان الولاية جلسة سحب الثقة، ويكتنف الغموض أيضا العدد الحقيقي لأعضاء البرلمان الحاضرين في تلك الجلسة، التي انعقدت بعيدا عن وسائل الإعلام، إلا أن وزارة الدخلية في الحكومة الفيدرالية بادرت إلى تأييد قرار أعضاء البرلمان أعلنوا سحب الثقة من رئيس الولاية، وهو الذي أدى إلى اتـهام رؤساء الولايات الإقليمية في بيان صحفي مشترك الحكومة الفيدرالية بتدخل سافر في شؤون الولايات وخاصة ولاية غلمدغ الإقليمية، والسعي للقضاء على رؤساء الولايات الإقليمية واحدا بعد آخر. واتهم نواب اتحاديون كذلك الحكومة المركزية بتمويل مشروع سياسي يهدف إلى الإطاحة برئيس ولاية غلمدغ أحمد دعاله حاف، الأمر الذي يجعل الحكومة الفيدرالية طرفا من الخلاف الدائر في ولاية غلمدغ حاليا، مما يمكن أن يؤثر سلبا على الثقة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية.

مستقبل العلاقة بين الطرفين

وعلى ضوء المتغيرات السياسية من المحتمل ان تتجه الأمور نحو أربع مسارات يمكن ترتيبها على النحو التالي:

1- أن تبدي الحكومة نوعا من التفافهم مع رؤساء الولايات، وذلك من خلال إرسال رسائل إيجابية عن طريق إجراء مشاورات وعقد لقاءات مباشرة لاحتواء الأزمة الحالية، ويمكن كذلك حل المشكلات السياسية في ولاية غلمدغ عن طريق إقناع الأطراف بضرورة الحل السلمي عبر الحوار المباشر، وهذا المسار يؤدي إلى حلحلة الازمة السياسية الراهنة مع الولايات، خاصة وان معظم رؤساء الولايات استشعروا انهم مهددون من قبل الحكومة الاتحادية، وان موجات الإقالة عبر البرلمانات الولائية لن تتوقف عند ولاية غلمدغ.

2- المسار الثاني هو ان تسير الحكومة في طريقها دون الاكتراث لموقف الولايات ودون الاعتبار بإحتجاجاتهم، ومحاولة حل المشكلة بواسطة الاختراقات السياسية، وهو مسار غير آمن لا يحل المشكلات، وإنما من شأنه تأجيج الخلافات بين الولايات والحكومة الاتحادية، ولايخدم لمصلحة الاستقرار السياسي في البلاد، ومن المستبعدأن ياتي هذا المسار بحلول ناجعة في إنهاء الانقسام الداخلي في الصف الوطني.

3- المسار الثالث وهو ان تغير الحكومة موقفها من الأزمة الخليجية الراهنة وتقف الى جانب صف المصلحة، وهي الدول العربية المقاطعة لقطر، انطلاقا من أن السياسة هي فن الممكن، والثابت فيها المصالح القومية والاستراتيجية للبلد، وحال تغير موقف الحكومة الفيدرالية تجاه الأزمة الخليجية، يمكن أن تـهدأ الأزمة السياسية بين الحكومة الفيدرالية والولايات، بحيث إن هذه القضية تعتبر منشأ الخلاف الحالي بين الطرفين، ويعتقد أن قطع الطريق أمام تطور العلاقات بين الحكومة الفيدرالية والولايات من السوء الى أسوا خطوة ضرورية لتحقيق الاستقرار السياسي في البلاد والذي يؤثر إيجابا حال حدوثه على الاستقرار الأمني والاقتصادي، ولذلك من المحتم على الحكومة الاتسام بقدر كاف من المرونة السياسية.

4- المسار الرابع والأخير، وهو مسار المواجهة الشاملة والاحتمال الأسوا، ويتمثل هذا المسار أن يلجأ رؤساء الولايات إلى الخيار الأصعب، وهو محاولة سحب البساط من تحت رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو، من خلال استخدام نفوذها وتأثيرها داخل البرلمان الاتحادي، ولايستبعد حدوث مثل هذا الاحتمال؛ اذا استمرت الحكومة في طريقها غير المكترث للولايات.

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال