الإقتصاد الأزرق واستراتيجية إفريقيا 2063 للتنمية المستدامة

صفاء عزب

آخر تحديث: 31/07/2019

[supsystic-social-sharing id="1"]

القاهرة- احتفلت قارة إفريقيا مؤخرا باليوم العالمي للبحار والمحيطات بمقر مفوضية الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا عاصمةً إثيوبيا، تحت شعار”نحو صك ملزم عالميًا بشأن التنوع البيولوجي البحري في المناطق التي تتعدى الولاية الوطنية”، وذلك في إطار الإهتمام الكبير الذي يوليه الإتحاد الإفريقي مع مختلف شعوب العالم  بما يسمى الإقتصاد الأزرق. ويشهد العالم اهتماما كبيرا بالإقتصاد الأزرق لما يلعبه من أدوار مهمة وحيوية في التنمية الإقتصادية وتوفير الموارد التي يحتاجها الناس في مختلف المجالات. وهو ما أكدته دراسات عن البنك الدولي تشير إلى أن الإقتصاد الأزرق يساهم بنحو 3.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي وأنه يولد سنويا ما يقرب من 83 مليار دولار للإقتصاد العالمي، كما يتوقع الإتحاد الأوروبي أن يتضاعف حجم الإقتصاد الأزرق بحلول عام 2030. لذلك تولي دول العالم اهتماما كبيرا بهذا النوع من الإقتصاد منذ انعقاد مؤتمر”ريو +20″ عام 2012 عندما ظهر مصطلح الإقتصاد الأزرق لأول مرة على لسان رجل الإقتصاد البلجيكي غونتر باولي الذي كشف النقاب عن أن النظم الأيكولوجية السليمة للبحار والمحيطات هي أكثر إنتاجية مؤكدا على أهمية وجود إدارة جيدة ومستدامة للموارد المائية من أجل الحفاظ عليها عبر الأجيال.

بالنظر إلى كوكب الأرض الذي نعيش عليه نجد أن المياه تغطي ما يقرب من 70% من مساحته، كما يعيش نصف سكانه على مسافات قريبة من المسطحات المائية، بينما تستخدم المسطحات المائية في نقل حوالي 90% من السلع التجارية، كما تساهم الأنشطة المرتبطة بالمسطحات المائية بما نسبته  5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وتساعد في خلق فرص عمل لما يزيد عن 820 مليون شخص حول العالم، ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي تلعبه المسطحات المائية في الإقتصاد وظهور ما يسمى بالإقتصاد الأزرق. على جانب آخر أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” منذ عام 2013 مبادرة النمو الأزرق من أجل دعم التحول إلى الاقتصاد الأزرق، ومساعدة الدول والحكومات في وضع وتنفيذ سياسات تدعمه.

وتتمتع قارة إفريقيا بمزايا طبيعية مائية كبيرة وتنوع بيولوجي يضعها في مصاف المناطق المهمة التي ينعقد عليها آمال عريضة في تنمية الإقتصاد الأزرق، حيث تمتلك القارة السمراء أصولا في النظام الإيكولوجي للاقتصاد البحري تبلغ قيمتها 24 مليار دولار أمريكي وتقع 70% من دول القارة السمراء على السواحل، كما أن 90% من تجارتها سواء التصدير أو الإستيراد تتم عن طريق المسطحات المائية، ويضاف إلى ذلك أن الصناعات البحرية الإفريقية تبلغ تريليون دولار سنويا، بخلاف الدور الذي يلعبه هذا النوع من الإقتصاد في خلق فرص عمل كثيرة والمساهمة في حل مشكلة البطالة.

من أجل ذلك يضع الإتحاد الإفريقي التوجه الإنمائي الأزرق ضمن أجندته لعام 2063 ويعتبره ضمن أولوياته في العقد القادم، تأكيدا على الأهمية الإقتصادية والإجتماعية والبيئية للإقتصاد الأزرق والتي تشير الدراسات الحديثة إلى أنه يمكن أن يكون مصدرا رئيسيا للثروة والرخاء ويلعب دورا محوريا لإنجاز الخطط التنموية الطموحة المقبلة. ويتسم هذا المجال بأنه يتسع ليشمل العديد من القطاعات الإنتاجية التي تصب في تنمية الإقتصاد الأزرق والتي لاتقتصر على الصيد وإنما تمتد إلى السياحة والطاقة والنقل البحري والتجارة والصناعات الإستخراجية، وتربية الأحياء المائية.

وكانت العاصمة الكينية نيروبي قد شهدت في نوفمبر 2018 مؤتمرا خاصا باستدامة الإقتصاد الأزرق بحضور دولي كبير وبرزت دراسات وتقارير مؤكدة على أهميته والنمو الكبير المحتمل حدوثه في حجمه وصولا للضعف خلال العقد القادم، كما أشارت الدراسات العلمية إلى أن زيادة الإهتمام بمشروعات توليد الطاقة وتحلية مياه البحار والمحيطات سيساعد في زيادة معدلات التنمية الزرقاء. يأتي ذلك ضمن سلسلة الفعاليات المتتابعة للإهتمام بالإقتصاد الأزرق، منها انعقاد منتدى الإقتصاد الأزرق  في إفريقيا ،ABEF 2019، والذي أكد على أهمية اعتماد استراتيجية متماسكة لحماية واستخدام المياه الساحلية الإفريقية. كما عقد في شهر مايو الماضي الدورة الثانية لمؤتمر الاقتصاد الأزرق لتجمع الدول المطلة على المحيط الهندي، والتي عقدت أعمالها بالعاصمة الإندونيسية جاكرتا. ومع تولي مصر رئاسة الإتحاد الإفريقي تم عقد جلسة نقاشية لمنظمة الأعمال الإفريقية الألمانية Afrika Verein   حول التعاون بين أوروبا وإفريقيا فى مجال أمن البحر المتوسط والتحديات التي تواجه دول إفريقيا للإستفادة من مواردها المائية خاصة مع الإكتشافات النفطية والغازية الضخمة في مختلف السواحل الإفريقية.

جدير بالذكر أنه مع الأهمية الكبرى والمزايا الضخمة للقارة الإفريقية في مجال الإقتصاد الأزرق فإن النظام الإيكولوجي لقارة إفريقيا يتعرض لتهديد مدمر لهذا الإقتصاد بسبب ما يتكبده من خسائر سنوية تبلغ 13 مليار دولار بسبب التلوث البلاستيكي وربما كان ذلك أحد الأسباب التي دفعت بكينيا لإصدار قرار بمنع استخدام أكياس البلاستيك. كما توجد مشكلات أخرى كبرى تؤثر سلبيا على حجم الإستفادة الممكنة من هذا الإقتصاد منها القرصنة والعمليات الإرهابية والسلوكيات غير القانونية مثل الصيد المجرم وإلقاء الملوثات الكيماوية في مياه البحار والمحيطات. من أجل ذلك فإن الأمر يستوجب من دول القارة السمراء ضرورة التعاون والتعامل بحسم مع كل ما يهدد الإقتصاد الأزرق ليس فقط من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية مهمة وإنما أيضا من أجل الحفاظ على موروث بيئي سليم وآمن للأجيال القادمة.

 

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال