ولاية هير شبيلى والأزمة السياسية الراهنة

الصومال الجديد

آخر تحديث: 23/08/2017

[supsystic-social-sharing id="1"]

لقراءة التقرير أو تنزيله بصيغة بي دي اف انقر هنا

التقرير الأسبوعي

الرقم 3

نبذة عن الولاية:

تتكون ولاية هير شبيلى والتي تعتبر آخر الإدارات الإقليمية تشكلا من محافظتين، هما: محافظة هيران ومحافظة شبيلى الوسطى، فقد جاءت ولادة هذه الإدارة بعد مخاض عسير استمر قرابة سنة، حيث بذلت الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي جهودا جبارة لإنجاح تشكيل الولاية، وتم الإعلان عن ميلاد هذه الولاية الجديدة منتصف شهر أكتوبر في عام 2016، ورافقت تشكيل الإدراة عقبات استمر بعضها حتي بعد استكمال مؤسساتها الدستورية والإدارية ولا يزال صداها باقيا.

لم تتوقف المناكفات والتجاذبات السياسية بين المكونات المختلفة في الولاية منذ تأسيسها، إضافة الى ضعف الأداء وقلة الموارد الاقتصادية وسوء الإدارة وانعدام الثقة بين الرئاسة والبرلمان، مما أدى الى شلل شبه كامل لأنشطة المؤسسات المختلفة في الولاية.

العلاقة مع الحكومة المركزية:

كانت علاقة هذه الولاية مع الحكومة المركزية منذ تأسيسها علاقة متذبذبة لم تسر وفق مسار محدد، فقد كانت علاقة الولاية مع الحكومة في عهد الرئيس الأسبق حسن شيخ متميزة يسودها تناغم مصالح عجيب لم تشهد مثلها علاقة ولاية أخرى مع الحكومة الاتحادية ما عدا ولاية غلمدغ في أيا مها الأولى، وسيتناول هذا المحور من التقرير طبيعة علاقة ولاية هيرشبيلى مع الحكومة المركزية في عهد كل من الرئيس السابق حسن شيخ محمود والرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو.

أ‌) في عهد الرئيس حسن شيخ

كانت ولاية هير شبيلي من أقرب الولايات الإقليمية إلى الحكومة المركزية في عهد الرئيس السابق حسن شيخ محمود، وذلك بحكم الارتباطات والمصالح وتداخل المنافع بين الجانبين، ومعلوم أن شيخ محمود كان يولي اهتماما كبيرا وعناية خاصة لتشكيل كل من ولايتي غلمدغ وهيرشبيلى بوسط الصومال؛ بسبب دور الولايات الإقليمية في الانتخابات البرلمانية؛ التي شهدتها البلاد نهاية عام 2016 الماضي؛ حيث عقدت انتخابات أعضاء مجلس النواب في عواصم الولايات، كما انتخبت برلمانات الولايات بصورة مباشرة ممثلي أعضاء ولاياتها في مجلس الشيوخ الصومالي، ومن ثم فإن الجهود التي بذلها شيخ محمود في إنجاح تشكيل ولاية هيرشبيلى كانت تأتي في إطار مساعيه الرامية إلى إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية لولاية ثانية، من خلال استقطاب النواب المنحدرين من الولاية.

ب‌) في عهد الرئيس الحالي

بعد وصول الرئيس الحالى محمد عبد الله فرماجو الى السلطة، لم تكن العلاقة بين الولاية والحكومة المركزية على ما يرام، فقد شهدت هذه العلاقة حالة من الفتور، وخاصة بعد ظهور تباين وجهات النظر بين الطرفين فيما يخص عددا من القضايا السياسية والاقتصادية، وبالذات قضية إعادة تشغيل مرفئي عيل معان وعيل عدي ومطار عسيلى، وهي مرافق اقتصادية حيوية، لها أهمية استراتيجية لقربها جغرافيا من محافظة بنادر التي تقع فيها العاصمة، وأعربت الولاية على لسان وزير الإعلام مهد حسن عثمان عن اهتمامها بإطلاق مشروع إعادة تشغيل تلك المرافق حيث قال في تصريح “لاتفاوض مع طرف آخر في تشغيل الموارد الاقتصادية للولاية” ردا على أنباء تتحدث حول معارضة الحكومة الإتحادية لإعادة تشغيل مرفئي عيل معان وعيل عدي ومطار عيسيلى؛ باعتبارها تشكل تحديا على أنشطة الميناء والمطار في مقديشو. وكانت هذه المرافق تعتمد عليها مقديشو في عهد الحروب الأهلية؛ عندما كان كل من المطار والميناء في مقديشو مغلقا بسبب الصراع العشائري.

وقد جرت اتصالات بين رجال أعمال منحدربن من الولاية ورئاستها بهدف دفع عجلة بدء مشروع إعادة تشغيل تلك المرافق، وهو الأمر الذي فسره بعض المراقبين بأنه محاولة لتقويض جهود الحكومة الرامية الى ضبط وإعادة تنظيم الضرائب خاصة في مطار آدم عدى وميناء مقديشو الدوليين، كما أن محاولة هير شبيلى إعادة تشغيل تلك المرافق كانت تقف وراءها جهات محلية لها مصالح اقتصادية وسياسية؛ الا ان هذه المحاولة أثرت سلبا على علاقة هير شبيلى مع الحكومة المركزية.

أسباب الأزمة الراهنة

هناك جملة من الأسباب أدت الى تطور الأزمة الراهنة في ولاية هيرشبيلى، لعل أبرزها تلك الأسباب المتعلقة بأزمة الثقة بين الرئيس والمؤسسات الأخرى أهمها البرلمان، ويتهم النواب رئيس الولاية المعزول بالغياب الطويل عن مدينة جوهر عاصمة الولاية، بالإضافة إلى التعيينات الإدارية التي شملت تعيين مديريات جديدة في محافظة هيران؛ التي ينحدر منها الرئيس المعزول، وهي الخطوة التي اعتبرها بعض النوب محسوبية لا مبررلها.

والإنفردا بالسطلة والقرارات المصيرية لا يمكن حصرها أو اتهامها برئيس ولاية هير شبيلى فقط، وهي سمة بارزة في جميع الولايات دون استثناء؛ وأن كانت بصورة متفاوتة، فكل رؤساء الولايات يمارس نوعا من الاستئثار بالسلطة والتحكم عبر قنوات مختلفة؛ من بينها الركون الى المليشيات القبلية أو الاستقواء بقوات حفظ السلام الأفريقية، الا أن طبيعة التعامل مع الملفات المثيرة للمشاكل السياسية والبحث عن الحلول واللجوء الى اسلوب الحوار تارة والى إسكات المخالف تارة أخرى هو ما يختلف بعض الولايات عن بعض، ويعتقد المراقبون أن تفاقم الخلاف السياسي في هيرشبيلى وخروجه عن السيطرة ووصوله الى طريق مسدود يرجع إلى ضعف العلاقة والتعاون بين الرئاسة والبرلمان، وبلغت الأزمة السياسية الراهنة ذروتها عندما قام أعضاء البرلمان الإقليمي بسحب الثقة عن رئيس الولاية علي عبد عسبلى في الرابع عشر من شهر أغسطس عام 2017، إلا أن رئيس الولاية رفض قرار إقالته ووصفه بأنه انقلاب فاشل.

ضعف العلاقة والتنسيق لم يكن بين رئيس ولاية هيرشبيلى والبرلمان فقط، بل كانت علاقة الرئيس مع أعضاء حكومته الإقليمية ضعيفة، مما أدى إلى إعلان وزراء في حكومته الإقليمية استقالة جماعية قبل ساعات من سحب الثقة عن الرئيس، وذلك لممارسة ضغوط سياسية عليه تأييدا لمذكرة سحب الثقة عنه.

ضعف الموارد الاقتصادية:

تعاني ولاية هيرشبيلى من ضعف الموارد الاقتصادية وانهيار البنى التحتية وانعدام سياسة واستراتيجية حول جمع الضرائب، وكذلك توجيه الإمكانيات والمعونات القليلة التي تتلقاها الولاية من المنظمات والدول المانحة، إضافة الى الفساد والمحسوبية وسوء الإدارة وضعف الرقابة الإدارية والاقتصادية، كل ذلك من العوامل أدت الى التواترات والأزمات السياسية.

يذكر أن ضعف الموارد الاقتصادية ومشكلات الأجور والرواتب ليست خاصة بولاية هير شبيلى، وإنما هي مشكلات عامة تعاني منها كل الولايات باسثناء صوماللاند، وهي الإدارة التي تكونت بعيد انهيار الحكومة المركزية سنة 1991، وأعلنت انفصالها عن باقي أقاليم البلاد من طرف واحد، وتحظى هذه الإدارة باستقرار نسبي فيما يخص بإدارة الموارد المالية والاقتصادية.

فعلى العموم فالولايات لا تعاني فقط من نقص الموارد وضعف الإنتاج، وإنما تعاني من الفساد وسوء إدارة القليل المتوفر، ثم إن غياب ترتيب الأولويات وغياب المؤسساتية والمحاسبة الإدارية والقانونية فهو أمر يحتاج الى وضع استراتيجية قومية شاملة لمعالجة هذه المشكلات.

احتمالية تدخل الحكومة المركزية:

تبلورت شكوك حول احتمالية تورط الحكومة المركزية في الأزمة الراهنة في ولاية هيرشبيلى؛ بحيث كان أول تعليق لرئيس الولاية المقال علي عبد الله عسبله على قرار إعفائه اتهام رئيس الوزراء الصومالي بالتدخل في شؤون إدارته، بل وجه عسبله تصريحات شديدة اللهجة إلى رئيس الوزراء خيري، قائلا: “أنت الذي سيكون ضحية للعواصف السياسية القادمة” الأمر الذي يؤيد صحة النظريات المفترضة بوجود احتمالات قوية تؤشر الى تدخل الحكومة بصورة أو بأخرى في الولاية، ومما يؤكد ذلك تاييد مجلس الوزراء الاتحادي في بيان صحفي الاجرات التي قام بها مجلس النواب الإقليمي والمتعلق بسحب الثقة عن رئيس الولاية المقال، وهذا البيان أثبت بما لايدع مجالا للشك بتورط الحكومة بالأزمة السياسية الراهنة هناك.

والجدير بالإشارة إلى أن تدخل الحكومة المركزية في الشان الداخلي للإدارات الإقليمية ليس بالأمر المستغرب، بل العكس هو المستغرب، بحيث إن اهتمامات الحكومات المركزية المتعاقبة تنصب في اختيار حكام الولايات أو تغيير الواقع السياسي فيها، لاسيما عند الاختلاف حول وجهات النظر في قضية معينة. وقد اتهم ولاية هيرشبيلى المقال علي عسبله بصراحة الحكومة المركزية بالسعي إلى انتخاب سياسي موال لها رئيسا للولاية.

ظاهرة تتابع الزوابع السياسية:

هناك ظاهرة ما يمكن تسميتها بالزوابع السياسية، وهي ظاهرة التوتر وعدم الاستقرا ر السياسي في الإدارات الإقليمية؛ والتي تؤدى الى مزيد من الخلافات السياسية بين المؤسسات أو حتى القيادات المؤثرة، وكلما ضرب هذه الزوابع ولاية من الولايات تنتقل الى أخرى، فقد شهدت ولاية بونتلاند شهر يوليو الماضي أحداثا مماثلة أطاحت بمجلس وزراء الولاية، وقبلها ولاية غلمدغ؛ التي واجهت أزمة سياسية، أدت في النهاية إلى استقالة رئيس الولاية السابق عبد الكريم غوليد، وكذلك نجا رئيس ولاية جنوب غرب الصومال شريف حسن شيخ آدم من الإقالة بعد فوزه في إفشال مشروع سحب ثقة ضده تقدم به عدد من نواب البرلمان الإقليمي.

وأخيرا يمكن القول فإن ما يجري حاليا في ولاية هيرشبيلي هو من عدوى تتابع الزوابع السياسية، وقد تستمر لفترة وجيزة قبل أن تتجاوز الولاية، لكن تجاوز الولاية الزوبعة السياسية بسلام هو الأمر الذي يحتاج الى حنكة وإرادة سياسية قوية.

المراجع:

1. تنصيب رئاسة ولاية هيرشبيلى الإقليمية بالصومال، الرابط: http://alsomal.net/archives/12840
2. مساع لإعادة تشغيل ميناء عيل معان ومطار عيسيلي في ولاية هيرشبيلى بالصومال، الرابط:: http://alsomal.net/archives/15106
3. حجب الثقة عن رئيس ولاية هيرشبيلى بالصومال، الرابط: http://alsomal.net/archives/17894
4. استقالة جماعية لوزراء في حكومة ولاية هيرشبيلى الإقليمية، الرابط: http://alsomal.net/archives/17846
5. حكومة هيرشبيلى الإقليمية ترفض قرار البرلمان بسحب الثقة عن الرئيس، الرابط: http://alsomal.net/archives/17911
6. مجلس الوزراء الصومالي يؤيد عزل رئيس ولاية هيرشبيلي عن منصبه، الرابط: http://alsomal.net/archives/18104
7. محاولة إدارة هير شبيلى لإعادة تشغيل عيل معان ومطار عسيلي، الرابط: http://mudug24.com/2017/05/07/maamulka-hirshabeelle-oo-furamaya-dekada-ceelmacaan-iyo-garoonka-cisiley/
8. أسباب الخلاف في ولاية هير شبيلى، الرابط: http://www.soomaalikabe.net/xog-iftiimineysa-waxa-sababay-khilaafka-hirshabeelle/

قضايا ساخنة

هل تستمر الدوحة في التأثير على الانتخابات الصومالية بالمال السياسي؟

المرشح البغدادي في حديث خاص للصومال الجديد

بعد أربع سنوات من الدور السلبي في الصومال: قطر تحاول تلميع صورتها

خطاب الرئيس دني .. مخاوف وأسرار

الاتفاقيات حول النفط الصومالي .. تقض مضاجع الخبراء في الصومال